-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مرضى وحوامل متضررون، ومستثمرون مستغلون

المراحيض العمومية.. هذا ما ينقص شوارعنا

نسيبة علال
  • 963
  • 0
المراحيض العمومية.. هذا ما ينقص شوارعنا

لا يزال مشكل نقص المراحيض العمومية ثغرة عميقة، في عاصمة بحجم الجزائر، ومدن تضاهيها في الكثافة السكانية، حيث مازال المواطن يتضمر من الروائح الكريهة، كلما مر بدرج أو زقاق خفي، لأنه لا وجود لمكان مخصص لقضاء الحاجة البيولوجية. من جانب آخر، يطالب الناس بتوفير مرافق أكثر أهمية في نظرهم من المراحيض، كالملاعب والمساحات الخضراء والمرافق الصحية والتعليمية والترفيهية.

مرضى معرضون للحرج

الإصابة بمشاكل في الكلى والكبد، ومرض السكري، وغيرها من العلل التي تجعل صاحبها مضطرا إلى زيارة الحمام، كل فترة وجيزة، غالبا ما تضع هؤلاء في مواقف حرجة، بسبب غياب المراحيض العمومية، في الكثير من الأحياء وحتى المدن الكبرى، ما يضطر بعض المرضى إلى طرق أبواب المنازل أو التوسل لأصحاب المحلات والمقاهي. وغالبا، يقابلون بالرد والطرد، حتى وإن تحدثوا عن مشاكلهم الصحية. السيدة جميلة، تعاني من مشاكل في الكلى. فبسبب وجود حجيرات فيها، عليها شرب كميات وافرة من الماء، على مدار اليوم، ما يجعلها في حاجة إلى ارتياد الحمام طوال الوقت. وهذا الأمر، يعطلها عن قضاء الكثير من أشغالها خارج البيت، ويشعرها بالحرج الشديد مع مرافقيها. وبالتالي، فإنها تلجأ إلى التحايل في بعض الأحيان التي تكون مجبرة فيها على الخروج من المنزل، تقول: “إذا كان علي فضاء الحاجة بسبب مرضي، يجب أن أدخل إلى أقرب قاعة شاي أو مطعم، حتى وإن لم أكن أشعر بالجوع.. وغالبا، أدفع المال عن طعام لا أتناوله، فقط لأتمكن من إفراغ جسمي من فيض السوائل الذي يزعجني”.

معاناة الحوامل من غياب المراحيض

تجد الحوامل أنفسهم ممنوعات من الخروج للنزهة أو التسوق، خاصة خلال الثلث الأخير من الحمل، لأن الجنين في المشيمة يستمر في الضغط على المثانة، مسببا حاجة ملحة إلى التبول، حدود كل ساعة على الأكثر. هي حال مريم، التي تقول: “في الشهور الأخيرة من حملي، كان علي أن أتوقف عن تناول الطعام، وخاصة السوائل. كنت أحرم نفسي، رغم حاجتي الشديدة إلى الغذاء، في هذه الفترة. وأخرج لممارسة عملي في المراقبة. هذا، كله، لأن كل المناطق التي أزاول فيها نشاطي، ليس بها مراحيض عمومية. حتى إذا زرت طبيبتي، أخبرتني بأنني أعاني من الجفاف. وهذا، ما يسبب خطرا على الجنين، فضلا عن كوني أصبت بفقر الدم”.

المراحيض العمومية مشروع مرغوب مرفوض

عدم توفير السلطات مراحيض عمومية خدمة للمواطنين، جعل الكثير من الشباب الراغب في الاستثمار والعمل يقدمون طلبات لفتح حمامات، تساعد الناس على قضاء حاجتهم بيسر، وفي مكان نظيف، مقابل مبلغ من المال، في أماكن قريبة من الأسواق، الحدائق، الجامعات، الأماكن المفتوحة، خاصة أن القائمين على المساجد باتوا يغلقون دورات المياه في وجه الراغبين في قضاء حاجتهم البيولوجية، خارج أوقات الوضوء والصلاة، بسبب الفوضى وعدم الحرص على النظافة. وحتى أصحاب المقاهي والمحلات، يرفضون السماح لمضطرين بدخول حماماتهم الخاصة، حتى من زبائنهم، ويخصصونها للموظفين فقط، بينما هناك من يغلقها نهائيا، حتى لا يضطر إلى القيام بأعمال التنظيف والصيانة، ودفع فواتير المياه ومواد التنظيف..

50 إلى 100 دج سعر قضاء حاجة يعلمها أصحابها

بعيدا عن كل السلبيات والمظاهر المقرفة، المنتشرة جراء غياب المراحيض في المدن الكبرى، كواحد من المرافق الحضارية الضرورية، تنشأ اليوم ظاهرة أخرى، ربما يمكن وصفها بالهزلية. فالعدد القليل من المراحيض المنتشرة على مستوى مدن، كالجزائر والبليدة ووهران وعنابة، التي هي مشاريع خاصة تمنحها الدولة بعقود ومواثيق، قد تحولت إلى صالونات للتجميل، وأوكار لممارسة الممنوعات، كالتدخين وتعاطي المخدرات. لهذا، يتعمد أصحابها رفع أسعار الدخول إليها إلا للحاجة الملحة أو لغرض عادة ما يكون غير نبيل، إذ بلغت في بعض المناطق مائة دينار، ولا تجد فئة من الطالبات الجامعيات والنساء المائعات حرجا في دفعها، مقابل المكوث مدة لوضع المكياج أو تدخين سيجارة..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!