-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المزارع النموذجية.. أنموذجا

عمار يزلي
  • 796
  • 1
المزارع النموذجية.. أنموذجا

من أكبر المنجزات التي قد تكسب رهانها الجزائر، على طريق الإصلاح الشامل والتغيير العقلاني لعجلة التنمية وضمان الأمن الاقتصادي، هو الرهان على تفعيل القطاع الزراعي عبر إصلاح منظومة “المزارع” المسماة “نموذجية” وباقي “مزارع التسيير الذاتي”. هذا الأمر، الذي بات شغلا شاغلا للقيادة السياسية وعلى رأسها رئيس الجمهورية، إذ بات يولي اهتماما كبيرا لهذا القطاع الذي كان يمثل سلة الاستعمار ومطمورة روما.
مزارع الدولة، التي أممتها عقب الاستقلال من الاستعمار، وأدخلت ضمن تجربة “التسيير الذاتيّ” غداة الاستقلال من أجل إنقاذ الموسم الزراعي الأول بعد الاستقلال، ثم المواسم الثلاثة اللاحقة، وفعلا تم إنقاذ هذه المواسم، لم يستمر عطاؤها أكثر من 4 سنوات، بسبب تراكم مشاكل التسيير والتمويل والإمكانات التقنية وبسبب نفاد السماد والعتاد الذي كان يُسيّر بعناية في عهد الاحتلال.
هذا القطاع، كان يتربع على مساحات واسعة جدا ويشمل أجزاء الأراضي الزراعية التي نهبها الاحتلال واستولى عليها منذ أن وطئت قدماه البلاد وبدأ المعمرون يتقاطرون من كل حدب وصوب نحو هذه القطعة التي وُهبت لمستوطنين هبّوا لنهبها من كل الأجناس والآفاق. مُنحت لهم الامتيازات والقروض ومنها بنك الـ”كريدي ليوني” الزراعي، الذي دخل حيز الخدمة في الجزائر بداية من 1880م. هذه الأراضي، كانت تابعة للدولة حتى في عهد حكم البايات، حتى أنها كانت وما زالت تسمى “أرض البايلك”.
بعد الاستقلال، وبعد فترة إصلاحات قصيرة في عهد الراحل أحمد بن بلة، جاءت فكرة “الثورة الزراعية” لتنقل المسألة الزراعية من “الإصلاح” إلى “الثورة”، بهدف رفع القدرة الإنتاجية عبر نظام “التعاونيات الزراعية” و”المزارع النموذجية”، المستمد وقتها من نظام “السوفخوز” و”الكولخوز” السوفيتية”، تجربة لم تنجح، ولم تدم، وعادت هذه المزارع بعد الثمانينيات إلى وضع أقل ما يقال عنه إنه غير مجد ولا فعال، على الرغم من حجم الأراضي التي كانت تابعة لها، حتى وإن قسِّمت في بعض الأحيان إلى أجزاء للتحكم في تسييرها. مع ذلك، بقيت هذه المزارع أطلالا، وبقايا بنايات بلا عتاد ولا قوة عاملة مكوَّنة وفق الطرق العلمية الحديثة في النظام الزراعي، مما جعل الجزائر تخسر أكبر مخزون استراتيجي من إنتاج الحبوب والحمضيات والفواكه والخضر بكل أنواعها، وهذا لعقود.
قضايا عدة وشائكة اعترضتها، ومنها القوانين العقارية التي سبّبت كثيرا من الصداع للجميع، ذلك أن ملكية الأرض وتمليكها بقي سنوات حبيس الصراعات السياسية والمزايدات حول تمليك الأرض للغير لاسيما للشركات الأجنبية وحتى الخواص، باعتبارها ملكية دولة ومسألة سيادة. غير أن قوانين الاستثمار الجديدة التي أباحت الاستصلاح والاستئجار الطويل الأمد والشراكة قد تسهّل عملية إعادة الحياة لهذا القطاع الذي تراهن عليه السلطة اليوم للخروج من دائرة الضغوط الاقتصادية لاسيما الزراعية والصناعات التحويلية، سواء في الجنوب أو في الشمال من خلال عقلنة وترشيد وتخصيص “المزارع النموذجية” لإنتاج أنواع معينة من الزراعات.
الرئيس عبد المجيد تبون، وهو يولي من جديد أهمية لهذه المزارع التي كانت فيما مضى سلة غذاء فرنسا الاستعمارية هنا وفي المتروبول، يعوِّل على توفر شروط نهضة التنمية التي بدأت تؤتي ثمارها وأكلها، ليعيد لهذا القطاع بريقه وصداه وقوته وصدارته الإنتاجية. هذه المزارع التي كانت نموذجا للفلاحة العصرية، يمكن أن تتحول في ظرف 3 إلى 5 سنوات، إلى أقطاب اقتصادية زراعية ضامنة للاكتفاء الغذائي المحلي والجواري وضامنة للتصدير على نطاق واسع تنافس به دول الجوار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • لزهر

    و اليوم، يهدد المزارعون الفرنسيون ماكرون في المعرض الزراعي بإطلاق سراح الأبقار والخنازير و... في شارع الشانزليزيه للتجول . ولذلك يجب أن نأخذ الأمور على محمل الجد لأننا مقبلون على أزمة غذاء عالمية ليست ببعيدة.