الرأي

المشاكل لا تنتهي!

جمال لعلامي
  • 2307
  • 2

مشروع جمع أو تجميع ولايات الجزائر وتيبازة والبليدة وبومرداس، ضمن “إدارة واحدة”، أو “ولاية مشتركة”، أو حتى “محافظة كبرى”، يفتح الباب مجددا للحديث عن جدوى أيّ تقسيم إداري، ففي حال تنفيذ هذا المشروع الجديد، هل ستتنفس العاصمة ويستفيد “في جرّتها” سكان الولايات الثلاث الأخرى؟ أم أن الأمر لن يتجاوز خطوط “الانتماء الإداري” فقط؟
الحقيقة، أن الجزائر العاصمة، لم تعد تستوعب بالتقسيم الحالي، “مشاكل” المواطنين وانشغالاتهم، خاصة وأن النموّ الديمغرافي بها تجاوز الثلاثة ملايين نسمة، ولعلّ انتشار الأحياء الجديدة، قد ساهم في مضاعفة متاعبها، ولذلك أصبح الأمر اضطراريا لتوسعة “حدودها” إلى الولايات القريبة، أو على الأقلّ سلطتها ونفوذها الإداري من أجل امتصاص قضايا الساكنة!
الأكيد، أن في الحكاية، منتفعون ومتضرّرون، وهو ما حدث خلال التقسيمات الجزئية والشاملة السابقة، فقد صعدت دوائر إلى مصاف الولايات، وبلديات إلى مصاف الدوائر، وقرى إلى مصاف البلديات، لكن للأسف لم يتوفر في بعضها شروط ومقاييس الترقية، وهو ما أدخلها فيما بعد، في مطبات وعراقيل لم تكن متوقعة ولا محسوبة العواقب!
دون شك، فإن أيّ تقسيم إداري، يقرّب بالضرورة الإدارة من المواطن، لكن الولاية ليست مقرا يُرفع فوق سطحه يافطة “بالشعب وللشعب”، ويجلس داخل أحد مكاتبه الفخمة مسؤولا يسمى واليا، وهو نفس الشيء بالنسبة للدائرة والبلدية، وبطبيعة الحال هناك نماذج يشهد عليها ولاة ورؤساء دوائر وأميار بأنفسهم، نتيجة الواقع الذي واجهوه!
نعم، الولاية ليست الوالي، والمجلس الولائي المنتخب، والدائرة ليست رئيسها وأمينها العام، والبلدية ليست المير وأعضاء المجلس الشعبي المحلي، بل هي هياكل وساكنة وعقارات وأملاك ومداخيل واستثمارات وضرائب ومنشآت عمومية، وغيرها من الضروريات، التي تعفي هؤلاء المسؤولين من “الراحة والتشماس”، وتنفع المواطنين بإضافات جديدة!
تجارب سابقة تكشف أن “ربوات منسية” تحوّلت إلى ولاية أو دائرة أو بلدية، وهي في الأصل كانت “حاصلة” في تسيير أبسط أمورها، وكانت غارقة في مشاكل “تافهة”، وذلك طبعا لأسباب موضوعية أهمهما ندرة الموارد المالية، فهل يُعقل أن ينجح “المزلوط” في إدارة 10 آلاف ساكن، مثلا، بعد ما فشل في تلبية حاجيات الألف فقط؟
حتى لا تتكرّر الأخطاء السابقة، المطلوب دراسة عميقة ومعمّقة، وفحصا دقيقا وتمحيصا واقعيا وموضوعيا، بعيدا عن الاندفاع والارتجال و”الهبال”، وهذا لا يعني فرملة التقسيمات الإدارية الجديدة، التي تقتضيها مؤشرات جديدة وعوامل مستحدثة، مرتبطة بالمواطنين وتسيير الشأن العام، وحماية “ملك البايلك”، ورعاية مصالح الأفراد والجماعات وفق ما ينصّ عليه القانون!

مقالات ذات صلة