-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المضاربة في الجزائر.. تجار يخافون المخلوق ولا يخافون الخالق

صالح عزوز
  • 448
  • 0
المضاربة في الجزائر.. تجار يخافون المخلوق ولا يخافون الخالق

المتتبع لحقيقة المضاربة في الجزائر، يقف مذهولا.. فمن كان يعتقد مثلا، أن تصبح أكياس الحليب في الدكاكين، بذلك العدد، حتى إنها غلقت الأبواب، لكثرتها. فقد صنعت هضابا عالية، أمام المحلات، وأصبحت مادة الحليب متوفرة طول اليوم، وقد كانت بالأمس القريب، تنفد في أقل من نصف ساعة من وصولها إلى نقاط توزيعها، سواء في الدكاكين أم في الأماكن الخاصة بتوزيع الحليب.. لكن الحقيقة المرة، التي كشفتها هذه المضاربة، هي سلوك بعض التجار، ليس في مادة الحليب فحسب، بل في الكثير من المواد الغذائية، من الجشع والطمع والربح، حتى ولو كان على حساب الأخلاق والضمير.

يستغل الكثير من التجار الوضع الاجتماعي والاقتصادي الحرج، الذي تمر به البلاد وكذا المواطن البسيط، من أجل الربح، ضاربين في ذلك أسس البيع الحلال وما يقوم عليه، وأصبح كل ما يهمهم هو الكسب من جيوب الفقراء، وليس هذا فحسب، بل بإذلالهم أمام محلاتهم، سواء بمنعهم من الحصول على المواد الغذائية وتمريرها تحت “الطابلة”، كما يقال، لأقاربهم وأصدقائهم، أم بتركهم لساعات طويلة في الطابور، دون حتى إخبارهم بوجود المواد الغذائية من عدمه.

ربما، يتساءل الكثير من الناس: ماذا حدث حتى أصبحت كل المواد الغذائية في متناول الجميع، وبأسعارها الحقيقية، وكأنك في حلم؟ وهو أمر لم يحدث منذ سنوات، غير أن الشيء الأكيد في هذا الموضوع، أن العقاب هو ما ألزم التجار على العمل بمبدإ التجارة الحقيقية، وتجنب المضاربة وإخفاء الكثير من المواد اللازمة وانتظار ارتفاع أسعارها من أجل بيعها، والحصول على هامش ربح كبير بذلك. وهو الأمر الذي خلق الرعب عند تجار الأزمات، كما يقال.. فحينما يسمع الواحد منهم بأن زميله التاجر، حكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات من أجل “شكارة” حليب، فالأكيد، أنه يعود إلى الطريق كما يقال. لهذا، أصبح المواطن البسيط اليوم، الذي كان يلهث وراء كيس حليب يمينا وشمالا في الليل والنهار، يعيش بحبوحة إن صح القول. فكل شيء متوفر.. وقد تحقق هذا بين عشية وضحاها، بفضل “العصا”.

بعيدا عن هذا كله، الشيء المحزن، أن هذه الظاهرة والعقوبة عليها، كشفت أننا في زمن أصبح فيه الواحد منا يخاف من عقوبة المخلوق لا عقوبة الخالق. فبدل الخوف من الله- عز وجل- في إخوتنا، أصبحنا نخاف من عقوبة الدنيا، التي، مهما كانت، فهي لا تساوي شيئا، مقارنة بعقوبة الآخرة. لكن، للأسف، ماتت القلوب والضمائر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!