الجزائر
"الشروق" تتجول بين نقاط بيع الكباش بالعاصمة:

المضاربون يفرضون منطقهم على حساب الموالين

نادية سليماني
  • 3287
  • 8
ح.م

أسعار الكباش نار… الموّالون أشعلوا الأسعار…. ثمن الكبش بسعر العِجل، هذه وغيرها كثير من تعليقات المواطنين الذين قصدوا أسواق بيع الأضاحي بالعاصمة مؤخرا، ليعود غالبيتهم خالي الوفاض، بعدما أصبح سعر الكبش في المدن الكبرى يعادل مرتب شهرين كاملين لكثير من العائلات، في وقت شهدت العاصمة وبقية المدن الكبرى نهاية الأسبوع إنزالا كبيرا من الموالين، الذين استقبلهم المواطنون بفرحة علّهم يكسرون جنون الأسعار.
يُسابق الجزائريّون الزمن للظفر بأضحية العيد، تكون مناسبة من حيث السعر وجودة اللحم، فتراهم يتنقلون بين السماسرة في المدن الكبرى والموالين بالمناطق الداخلية والرعوية، للاطّلاع ومقارنة الأسعار.
“الشروق” تجولت بين بعض نقاط البيع بالعاصمة، وتحدثت مع موالين من مناطق داخلية، فذُهلنا حقيقة للتباين الكبير في أسعار الأضاحي.

في برج البحري.. أضاح بـ62 ألف دج والمواطنون مستغربون

بدأنا جولتنا من منطقة درقانة وبرج البحري بالعاصمة، فالمنطقتان تعرفان إنزالا كبيرا للسماسرة والمضاربين وحتى للمربين المحليين القاطنين بالمنطقة، والذين يعرضون الكباش على حواف الطريق السريع….. اقتربنا من أحد الباعة والذي يبدو من لهجته أنه من العاصمة، كان يعرض كباشه في ثلاثة إسطبلات على الهواء الطلق، يفصل بينهم سياح حديدي، عندما حاولنا الاقتراب من الإسطبل الأول اعترضنا البائع في منتصف الطريق وحتى قبل أن نتحدث معه، بادرنا بالقول وبطريقة مستفزة “الأسعار هنا انطلاقا من 62 ألف دج فما فوق..”، حقيقة ذهلنا للسعر، فرغم أن الكباش كانت جيدة شكلا وتبدو من نوعية أولا جلال، ولكن المواطنين الحاضرين بالمكان أكدوا أن أسعارها مرتفعة نوعا ما، وهو ما جعل الجميع يغادر المكان حتى قبل وصوله للإسطبل، توجهنا نحو إسطبل مجاور والذي كان يضم كباشا مرقمة باللون الأحمر، فعلمنا أنها “مباعة” تركها أصحابها لدى البائع مقابل ثمن معين.
وما لاحظناه بالمكان هو قلة إقبال المواطنين على الكباش ذات السعر المرتفع، فبمجرد علمهم بالسعر يغادرون المكان، حتى من دون التفاوض على السعر لإنزاله قليلا.

ما يباع 35 ألف دج بالمناطق الداخلية وصل إلى 48 ألفا بالمدن الكبرى

تنقلنا إلى نقطة بيع ثانية بمنطقة درقانة، فوجدنا إسطبلات تضم كباشا متوسطة الحجم، وكان إقبال المواطنين كبيرا جدا، أما الأسعار فتبدأ من 42 ألف دج، وبالمكان وجدنا المواطنين يتجادلون مع البائع، مؤكدين له أن سعر الأضاحي مبالغ فيه، فمن حيث الشكل لا تساوي كثير من كباشه مبلغ 35 ألف، وهو السعر الذي بيعت به السنة المنصرمة، ليرد عليهم البائع “هذا العام سعر الكبش ارتفع بمليون سنتيم عن السنة الماضية”، وأقسم لهم بأنه اشتراها من مناطق داخلية بأسعار مرتفعة.
وغير بعيد عن المكان أكد لنا مواطن أنه اشترى منذ يومين أضحية من سوق ولاية النعامة بمبلغ 32 ألف دج وبحجم مناسب، حيث قال “الأسعار هناك في متناول الجميع، حيث وجدت رَخْلات تباع بين 17 ألف و20 ألف دج، والنعجة بـ19 ألف دج… والكباش التي تباع هنا بـ 45 ألف دج، لا تتعدى في سوق النعامة 35 ألف دج”.
ومواطن آخر اشترى منذ أسبوع خروفا من سوق مدينة خميس مليانة بـ28 ألف دج، ومؤكدا لنا أن أسعار الأضاحي بالمنطقة في المتناول.
إلى ذلك، شرع المُوّالون نهاية الأسبوع المنصرم في دخول العاصمة والمدن الكبرى، تمهيدا لافتتاح نقاط بيع الماشية، وينتظر أن يساهم الأمر في كسر الأسعار بالعاصمة.

فدرالية المربين:
دخول الموّالين إلى العاصمة سيكسر أسعار المضاربين

وفي هذا الصّدد، أكد رئيس الفدرالية الوطنية للموالين، جيلالي عزاوي في اتصال مع “الشروق” أن دخول المربين المدن الكبرى سيساهم حتما في تكسير الأسعار، التي بات يفرضها المضاربون والسماسرة، حيث قال “كثرة العرض تخلق المنافسة، فتنخفض الأسعار”.
وحول تأخر دخول الموالين للعاصمة عكس سنوات فارطة، فاعترف المتحدث بذلك بسبب أمور تنظيمية، وهو ما تسبب في عدم الإلمام بمعطيات حقيقية حول أسعار الأضاحي، ومع ذلك طمأن المواطنين بوجود وفرة في الأضاحي وانخفاض مُرتقب في الأسعار، حيث خُصّص لعيد الأضحى المقبل بين 4 و5 ملايين رأس ماشية.
وعن أسعار الأضاحي في المناطق الرعوية مقارنة بالمدن الكبرى، أجاب عزاوي “حتى في المناطق الرعوية الأسعار خاضعة لقانون العرض والطلب”.

فدرالية حماية المستهلك:
نتأسّف لعدم تحرير الباعة وصولات عند بيع الكباش

ومن جهة أخرى، تأسّفت الفدرالية الوطنية لحماية المستهلك، من تجاهل باعة الكباش والموالين لعملية تقديم وصولات للمواطنين عند شراء الأضاحي، وذلك لتتبع مسار بيع الأضحية في حال فسد اللحم أو تعرض للتعفن.
حيث أكد زكي أحريز لـ”الشروق” أن السماسرة وباعة الكباش تخوفوا من العملية، معتبرين أنهم قد يتعرضون للمساءلة القانونية “رغم أننا طمأناهم بأن تقديم الوصولات للمشترين، هي عملية تنظيمية وليست عقابية، وهي معمول بها لدى غالبية التجار وأصحاب المحلات، ومع ذلك لم نلمس استجابة وتحمسا للموضوع”.

الغرفة الوطنية للفلاحة:
يُرتقب ذبح بين 4 و5 ملايين رأس ماشية

وفي السياق، أكد رئيس الغرفة الوطنية للفلاحة، دوبي بونوة لعجال عن افتتاح نحو 105 نقطة معتمدة مخصصة للبيع المباشر للكباش، عبر مختلف المناطق بالجزائر العاصمة. ومعتبرا أن المساحات المهيأة لبيع الأضاحي على مستوى ولاية الجزائر، ستُوفر أفضل شروط التسويق المباشر بين المربين والمستهلكين. ومؤكدا أن مساحات البيع تم تخصيصها بشكل أولي للمربين الذين يحوزون البطاقة المهنية للحرفة، إضافة إلى شهادة تلقيح لقطعانهم .وحسبه، “هذه الشروط إجبارية بهدف الضمان والتأكد من سلامة المواشي الموجهة للبيع”.
وأكبر نقطتين تشهدان إقبالا كبيرا للعاصميين، فهما موقع على مستوى الشركة الوطنية للمعارض والتصدير (سافكس) بمحاذاة حظيرة السيارات، وكذا موقع باب الزوار، أين تتوفر شروط الراحة والأمن، مقارنة بالمواقع الأخرى. في حين سيتم حسم مسألة اختيار المواقع للمربين، بإجراء قرعة بينهم.
وأكد المتحدث، أن أسعار الأضاحي لهذا العام “ستتراوح بشكل عام ما بين 40 ألفا و50 ألف دج وتصل حتى 111 ألف دج”، وموضحا عدم قدرتهم على فرض سعر ثابت في السوق. ولكن “كثرة العرض تقطع الطريق أمام المضاربين”.
ويرتقب أن يتم ذبح ما بين 4 و5 ملايين أضحية خلال عيد الأضحى للسنة الجارية، حسب توقعات رئيس الغرفة الوطنية للفلاحة.

مقالات ذات صلة