الرأي

المعارضة الوفية‮.. ‬والمعارضة الغبية‮!!‬

محمد سليم قلالة
  • 3207
  • 7

ينبغي‮ ‬أن نتساءل اليوم لِمَ‮ ‬يوحي‮ ‬مصطلح المعارضة عندنا بمعان في‮ ‬الغالب لها صلة بالعنف والفوضى وتهديد أركان الدولة والمساس بالنظام العام،‮ ‬في‮ ‬حين‮ ‬يوحي‮ ‬في‮ ‬الديمقراطيات الغربية ومنذ تاريخ قديم بالتوازن والوفاء والاستقرار والتداول على الحكم؟ هل تمكنت السياسات الإعلامية الغربية وحلفاؤها في‮ ‬المنطقة من شيطنة المعارضة في‮ ‬بلداننا،‮ ‬ولماذا؟ أم نحن السبب؟ وما الذي‮ ‬ينبغي‮ ‬أن نقوم به لكي‮ ‬نصحح دلالات المصطلح وأبعاده اليوم قبل الغد؟

لماذا تُسمي‮ ‬بريطانيا معارضتها منذ سنة‮ ‬1826‮ ‬بالمعارضة الوفية لجلالة الملكة،‮ ‬كتعبير عن التزامها بخدمة الدولة،‮ ‬وتُنشئ موقعا لزعيم المعارضة في‮ ‬النظام السياسي،‮ ‬وتُكلفه بمهمة‮ ‬يتقاضى عليها راتبا تماما مثل رئيس الوزراء،‮ ‬وإلى جانبه تُنشئ حكومة ظل تقوم بمراقبة الحكومة الفعلية؟ ولماذا تعمل الديمقراطيات الغربية كل حسب تاريخ نظامها السياسي‮ ‬وتطور أوضاعها الداخلية على أن تتمكن المعارضة من لعب أدوار إيجابية في‮ ‬تسيير الشأن العام،‮ ‬وفي‮ ‬التداول على الحكم،‮ ‬وتوازن السلطات،‮ ‬إلى درجة أن وصفها البعض بالمرفق العام شأنها شأن الوزارات والهيئات والمؤسسات الرسمية؟

في‮ ‬حين مازال مصطلح المعارضة في‮ ‬بلداننا‮ ‬يثير هواجس لدى البعض ومخاوف عند الآخرين ولا‮ ‬يستقيم في‮ ‬الكثير من البلاد العربية إلا إذا ارتبط بغباء،‮ ‬بالعنف والعمل المسلح والفوضى والاضطرابات كما هو الشأن اليوم في‮ ‬سورية ومصر وليبيا والعراق وغيرها من البلاد العربية؟

يبدو أن المسألة تتعلق‮  ‬في‮ ‬مقام أول بدرجة وعي‮ ‬الطبقة السياسية وبدرجة النضج الذي‮ ‬وصلته التجربة الديمقراطية،‮ ‬وفي‮ ‬مقام ثان بالدور السلبي‮ ‬الذي‮ ‬تلعبه القوى الدولية في‮ ‬بلداننا لأجل منع أي‮ ‬تحول سلمي‮ ‬وسليم بها،‮ ‬والزج بها،‮ ‬بدل ذلك،‮ ‬في‮ ‬أتون اضطرابات تساعد على ابتزازها أكثر والسيطرة على ثرواتها واستخدامها أدوات لخدمة مصالحها الإستراتجية كيفما تريد‮. ‬

ولعل هذا ما‮ ‬يجعلنا اليوم نقول وجزء كبير من المعارضة الوطنية تعقد جلساتها لتقييم الوضع في‮ ‬بلادنا،‮ ‬أننا‮ ‬ينبغي‮ ‬أن نُثمّن هذا الجهد الذي‮ ‬بقوم به وطنيون مخلصون من مختلف المشارب الفكرية والسياسية لكي‮ ‬نعزز التجربة الديمقراطية في‮ ‬بلادنا ونعلن وإلى الأبد موت تلك المعارضة الغبية التي‮ ‬ارتبطت بالعنف والفوضى والاضطراب،‮ ‬أو تم ربطها عنوة بذلك،‮ ‬ضمن هذه الإستراتيجية أو تلك‮… ‬وفي‮ ‬المقابل نؤكد تأسيس معارضة وفية للدولة تستطيع أن تكون بديلا أفضل للحكم وتضع حدا لكل احتكار للسلطة،‮ ‬اليوم عندما تكون خارجها وغدا عندما تصلها وتتشكل معارضة أخرى‮.. ‬بالطبع وفية مثلها وليست‮ ‬غبية كغيرها‮… ‬ 

مقالات ذات صلة