الرأي

المعلم لا يُهان!

رشيد ولد بوسيافة
  • 1283
  • 7
ح.م

الطّريقة التي حاصرت بها قوات الأمن مسيرة الأساتذة والمعلمين ومنعهم بالقوة من التظاهر رفضا للوضع المزري الذي يعيشونه، يعيدنا إلى المربع الأول فيما يتعلق بالحقوق الأساسية للمواطن مهما كانت درجته في المجتمع، أما إذا تعلق الأمر بنخبة المجتمع من معلمين وأساتذة، فإن الأمر يتجاوز الاعتبارات القانونية ويصبح قضية أخلاق وقيم.

لصالح من يتم خنق فئة حساسة في المجتمع تقوم بدور جوهري في إعداد وتربية الأجيال القادمة؟ وهل نعطي بهذه الطريقة المثال لأبنائنا في كيفية التعامل مع المعلم، وهو يسمع دائما تلك العبارات الرنّانة التي تقول “قم للمعلم وفّه التّبجيلا… كاد المعلم أن يكون رسولا”!!

المعلمون الذين خرجوا بشكل منظم أرادوا إيصال رسالة إلى المسؤولين بأن الأوضاع في المدرسة وصلت مستوى غير مسبوق من التّعفن والتّدهور، وأن الأمر لا يتعلق بأجورهم التي لا تتجاوز “150أورو” شهريا، ولا تتعلق بقضية ثقل المحفظة وكثافة البرامج الدراسة فقط، وإنما يتعلق بالعملية التعليمية والتربوية كلها.

على السلطات العليا في البلاد أن تتعامل بطريقة راقية مع احتجاجات المعلمين، وأن تفهم أن هؤلاء فضّلوا التّحرك ميدانيا وتحمّلوا عناء السفر والتّظاهر، وتجنّبوا استخدام الحقّ في الإضراب، لأنّه يضر بمصلحة التّلميذ، ويؤثر سلبا على العملية التّربوية، ويزيد الأوضاع تأزّما، لذلك تحرّكوا بحضارية ومسؤولية بعيدا عن المظاهر التي تابعناها خلال السّنوات الماضية عبر الإضرابات المفتوحة.

وعليه؛ فإنّ الواجب على وزارة التّربية هو الشّروع فورا في حوار مع التّنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم الابتدائي، والاستماع إلى انشغالات المعلمين، وأغلبها تصبّ في مصلحة التّلاميذ، خاصة ما تعلق بكثافة البرامج التربوية، وعلى وزير التربية وهو ممثل للحكومة أن يضع حدا نهائيا للحالة البائسة التي يعيشها المعلم مع راتب شهري لا يصح أن نطلق عليها “منحة”!!

عيب وعار أن يتلقى حارس في مؤسسة تابعة للدولة راتبا أعلى من راتب أستاذ المدرسة الابتدائية يحمل شهادة ليسانس أو ماستر وأحيانا ماجستير ودكتوراه، وما يقال هنا وهناك من قرارات وسياسات جديدة لتحقيق الإقلاع الاقتصادي لن يكون لها أثر إذا بقي المعلم على حاله.

ولا توجد دولة في العالم حقّقت الازدهار الاقتصادي دون أن تعطي الأولوية للتّعليم بدءًا من التكفل بالجانب المادي للمعلم والأستاذ، إلى توفير كل الإمكانيات اللازمة لنجاح العملية التعليمية، وهذا ما لم يحدث في الجزائر منذ الاستقلال ولا شيء في الأفق يشير إلى أن في طريقه إلى التغيير في الجزائر.

مقالات ذات صلة