الرأي

المعلم مقهور

رشيد ولد بوسيافة
  • 1336
  • 4
أرشيف

الحركة الاحتجاجية التي نظّمها أساتذة التّعليم الابتدائي جاءت في غير وقتها بالنّظر إلى الظرف العام الذي تمر به البلاد، والذي يجعل من المطالب المهنية والفئوية خروج عن التوجه العام الذي سار عليه الحراك الشعبي منذ 22 فيفري الماضي، لكن هذا لا يجعلنا نتجاهل الوضعية الكارثية التي يعيشها المعلم في الجزائر جراء السّياسات الرسمية المعتمدة منذ عقود.

بداية من الخطأ الوقوع في المقارنة بين أستاذ المدرسة الابتدائية ونظيره في المتوسط أو الثانوي، لأن الذين يشتغلون في حقل التدريس بشكل عام يعانون أوضاعا مزرية، فلا راتب شهري يكافئ الجهد المبذول، ولا ظروف عمل مناسبة، ولا مكانة اجتماعية تعكس حقيقة الدور التربوي الذي يمارسونه.

وإذا كان لا بد من المفاضلة بين الأساتذة في مختلف مراحل التعليم، فإن المنطق يقول إن أستاذ التعليم الابتدائي يفترض أن يكون الأعلى رتبة مقارنة مع باقي الفئات بالنظر إلى الدور المهم الذي يقوم به في التأسيس للعملية التعليمية وإعداد الأجيال الجديدة، وأزمة المدرسة بشكل عام تعود على عدم الاهتمام بوضعية المدرس في المراحل الأولى من التعليم.

لا يمكن إصلاح التعليم مهما حاولنا إذا لم يتم تحسين وضعية المعلم الذي بات في مؤخرة السّلم الاجتماعي، وأصبح الجيل الجديد لا يفكر في الذهاب إلى حقل التعليم إلا إذا فشل في باقي مجالات العمل، وهي جريمة يرتكبها المسؤولون في حق مستقبل أبنائنا.

لكن هذا لا يعطي الحق لفئة من المعلمين لاستغلال المطالب المشروعة جدا لتمرير بعض المطالب الغريبة التي تشير إلى رفض تدريس التاريخ وبعض المواد الأخرى التي تدخل في صلب العملية التعليمية، وليس من حق المعلم مثلا أن يطالب بإلغاء سورة قرآنية بحجة أنها طويلة، وإذا تعلق الأمر بالنقاش وإثراء البرنامج فإن ذلك لا يكون عبر حركة احتجاجية تسلب حق التلميذ الأساسي في الدراسة، لكن المؤكد أن الذين قدموا هذه المطالب لا يمكن أن يمثلوا عشرات الآلاف من الأساتذة الذين شاركوا في الحركة الاحتجاجية.

المعلم مقهور، والواجب هو اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين وضعه بدل توريطه في معركة لا تعنيه، ومحاولة تمرير مطالب مشبوهة عبر استغلال وضعه المادي والمهني هو إساءة له، لأنه يستحيل أن تكون قضية المعلم هي قضية سورة قرآنية يريد حذفها أو إلغاء مادة التاريخ!

مقالات ذات صلة