-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المغرب العربي ينتظر المهدي

عابد شارف
  • 5439
  • 8
المغرب العربي ينتظر المهدي

أوربا صنعت السلم، والسلم بدوره صنع أوربا وأعطاها الحرية والديمقراطية. أما المغرب العربي فإنه ينتظر من يبادر لبنائه.

بين مسار بناء المغرب العربي وبناء أوربا، يوجد فرق شاسع، فرق بين عالم عرف كيف يتحكم في مصيره ليبني فضاء للحرية والرفاهية، وعالم يسود فيه فكر قديم بالي يشكل تهديدا على الأهالي. ويسود في الشمال فكر براغماتي يبحث دائما عن الحلول الوسطى التي تحافظ على مصالح كل الأطراف، مع إرادة التقدم إذا كان ممكنا، والحفاظ على ما تم تحقيقه إن كانت الظروف غير ملائمة. أما في الجنوب، فإن الكلام الفارغ يبقى سيد الموقف، إلى جانب الخطاب الذي لا يتبعه قرار ولا إجراء عملي يسمح بالتقدم نحو فكرة المغرب العربي.

وقد برزت أوربا كإحدى أكبر المغامرات السياسية الناجحة في القرن العشرين. فقد كانت أوربا القارة التي عاشت حربين عالميتين، خلفتا خمسين ملبون ضحية كل مرة، لكنها اختارت منذ نصف قرن أن تعمل بطريقة براغماتية ومنتظمة للقضاء على كل أسباب الحرب في أوربا والتركيز على عوامل التكامل والتعاون في فضاء تسوده الحرية. وتمكنت أوربا أن تقضي على أحقاد قديمة بين بلدان تميزت علاقاتها بحروب لامتناهية مثلما كان الحال بين فرنسا وألمانيا أو فرنسا وبريطانيا. وأصبحت هذه البلدان الني عاشت عداوة دامت قرون طويلة، أصبحت تشكل القلب النابض والمحرك الأساسي لبناء أوربا.

وفضلت أوربا اللجوء إلى طريقة جديدة في التعامل مع الخلاقات، وقال زعماؤها إن التفاوض أفضل من الحرب، وأن التعارف والتعايش أفضل من العداوة، وأن القارب وبناء علاقات قوية بين الأجيال الجديدة أفضل من العيش في فضاء مغلق. وبادرت أوربا إلى تشجيع المبادلات بين شبابها ومؤسساتها وشركاتها الاقتصادية، وبين المجموعات السياسية والاجتماعية والنقابية، لأن ذلك يشكل أداة قوية لتجنب الحروب والمواجهات العنيفة. وإذا كان لا بد من تنظيم منافسات، فإن ملاعب كرة القدم تشكل الميدان الأمثل لذلك.

.

وكان الكثير ينتظر ما سيأتي به الإسلاميون في ميدان بناء المغرب العربي، فإذا بهم يظهرون بعقم تام، حيث يكتفون بالمواقف التقليدية للأنظمة القائمة.

أما في المغرب العربي، فإن عهد الاستقلال تميز بإقامة حواجز لم تكن موجودة في الماضي. فقد كان الجزائريون يطلبون العلم في الزيتونة والأزهر دون أي حاجز في الماضي، بينما يتميز الوقت الحاضر بغلق الحدود بين الجزائر والمغرب، وهي الحدود الوحيدة في العالم المغلقة مع تلك التي تفصل بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية.

وهذا الفراغ لا يعني أن الكلام عن تشييد المغرب العربي غائب. عكس ذلك، كل مسؤول سياسي في أي بلد من بلدان المغربي العربي يعتبر نفسه مضطرا إلى تمجيد ما ويوحدنا يدفعنا إلى التعاون والتضامن. وكل من يتكلم عن المنطقة ومستقبلها يعلن عن إيمانه القوي بوحدتها وإرادته الراسخة من أجل تحقيق هذا المشروع النبيل، كما يقسم أنه يؤمن بتلك العوامل التي تجمعنا من لغة ودين ومصير مشترك. لكن باستثناء محاولة محتشمة في نهاية الثمانينيات، والتضامن الطبيعي الذي فرض نفسه خلال حرب التحرير الجزائرية، لم تظهر مبادرات تذكر بيناء المغرب العربي.

ومثلما كانت أوربا مرتبطة بالحوار الفرنسي الألماني، فإن المغرب العربي مرتبط أساسا بالعلاقات بين الجزائر والمغرب. واستطاع الثنائي فرنسا وألمانيا أن يجر باقي البلدان الأوربية نحو البناء المشترك والاندماج والقضاء تدريجيا على الوطنية الضيقة. وكانت بعض البلدان تحتج وتعبر عن تحفظها تجاه بعض القرارات لكنها في نهاية المطاف تنضم إلى العمل المشارك لأنها تعرف أن مصلحتها تبقى دائما في الفضاء الأوربي. وفعلا فإن عددا من البلدان مثل إسبانيا والبرتغال واليونان تعرف جيدا أن أوربا علمتها الديمقراطية، بينما تدرك إيطاليا أنها أصبحت بلدا عصريا بفضل أوربا، بينما تعترف أغلبية الدول الأخرى أن بناء الفضاء الأوربي كان له دور أساسي في الرفاهية والسلم الذي يسود أوربا منذ الحرب العالمية الثانية.

أما في المعرب العربي، فإن الثنائي الجزائر والمغرب هو الذي يعرقل بناء المغرب العربي. ويبقى كل طرف متمسكا بمواقف متحجرة بحجة الوحدة الوطنية في المغرب، وبحجة رفض المغرب أن يفتح بابا أمام الشعب الصحراوي بالنسبة للجزائر. وترفض الجزائر وضع مواردها المالية في خدمة بناء المغرب الكبير، بينما يقوم المغرب بعمليات سياسية وتحريك اللوبيات من أجل فتح الحدود، لعل ذلك يسمح له بتحسين وضعيته الاقتصادية

وكان الكثير ينتظر ما سيأتي به الإسلاميون في ميدان بناء المغرب العربي، فإذا بهم يظهرون بعقم تام، حيث يكتفون بالمواقف التقليدية للأنظمة القائمة. ويبقى المغرب الكبير ينتظر إمامه الذي يهديه إلى الطريق الصحيح، مع الإشارة إلى أن مهدي الوقت الحاضر هو الديمقراطية التي صنعت السلم والحرية في أوربا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
8
  • السولامي

    احلموا كيفما تشاؤن والله والله و الله لن تنالوا مبتغاكم يا شرور الشر

  • moslim

    اتقوا الله ماذا تستفيدون من تقسيم المغرب او اي بلد اسلامي اتقوا الله اتقوا الله اتقوا الله

  • بدون اسم

    المشكل واحد و وحيد ألا و هو "التبعية الغربية" فكل طرف تابع لجهة و الحقيقة تقال و لا تخبأ ........المملكة المغربية تبعيتها أكبر و أخطر على الدولة الأخرى ككل و ليست على الجزائر فقط.

  • بدون اسم

    نحن في انتظار المهدي وقبله موسى.... لأن فرعون عاث في الأرض فسادا
    الأن أنا في انتظار المهدي حتى يتم نشر تعليقي لأن فرعون الشروق لا يختلف عن بقية الفراعنة

  • بدون اسم

    نحن في انتظار المهدي وقبله موسى

  • عليان - س - الثقفي

    استاذ عابد ما منع اتحاد دول المغرب العربي واضاع جهود دولها--هو مشكلة الصحراء الغربيه -يا اخي حلوا هذه المشكله والحل موجود -في المغرب والجزائر---وسيقوم المغرب العربي الكبير -الذي نتمنى قيامه--

  • بدون اسم

    هدا نتاج " ادا وسد الامر الى غير اهله" فاعلم ان الامة في سبات عميق والله لا يصلح امر هده الامة الا بما صلح به اولها.....

  • MAGHREBI NAFSS

    le régime Algérien est le seul obstacle pour l'édification du Grand Maghreb qui compte 5 pays et non 6