الرأي

“المـهلكة” المغربية!

صورة الملك المغربي في عيد الأضحى المبارك، وهو يُمسك سكينا ويُجهز على خروف تحت عنوان أمير المؤمنين وحفيد الرسول صلى الله عليه وسلم، يسير على نهج خاتم الأنبياء، كما دوّن هذه اللقطات، التلفزيون المغربي الرسمي، تختصر الوهن الذي بلغته الجارة المغربية التي حاولت أن تصل إلى مراتب مادية وروحية بسرعة البرق، فما نالت بلح الشام ولا فراولة الروم، خاصة أنها أخذت طريقا دون الطرق المؤدية إلى دمشق أو روما، فصارت مملكة لا يُرى فيها هلال رمضان ولا شعبان، كما في بلاد العالم، ودولة تسيّر عن بعد من عصابات الجوسسة والمخدرات.

يتحجج المغاربة بعد دعمهم المضحك لاستقلال منطقة القبائل، بكون صبرهم قد نفد بعد قرابة خمسين سنة من دعم الجزائر لاستقلال الصحراء الغربية، فأرادوا أن يُذوّقوا الجار الشرقي من نفس الكأس التي شربوا منها حد الثمالة، ولكنهم لم يُفهمونا لماذا لم يقوموا بهذه الخطوة طوال هذه العقود، إلا بعد أن وضعوا أيديهم علانية مع إسرائيل، ويفتخرون بعنتريتهم المتأخرة جدا مع الإسبان والألمان، منذ تطبيعهم المعروف، وما كانوا يرفعون مطرياتهم إلا إذا أمطرت في مدريد أو برلين، ويدافع المغاربة عن أنفسهم في فضيحة الجوسسة التي أساءت للعرب والمسلمين، والكل تيقن بأن تطبيع المغاربة مع إسرائيل لم يكن وليد توقيت اعتراف ترامب بأحقية المغرب في ابتلاع الصحراء الغربية، وإنما بجذور مغروسة في قلب الزمن ولم يتغير سوى السرّ إلى العلن، وفضيحة التجسس تؤكد هذه الحقيقة المؤلمة التي لم تكن خنجرا في ظهر الجيران والعديد من الدول المسالمة، بل أيضا في ظهر بلاد الغرب التي احتضنت إسرائيل فانقلبت عليها.

نجح المغرب في بعض التحديات الاقتصادية والسياحية، ولكن تسرعه وبعض نوايا الشر لأجل حرق المراحل، جعله يعيش ويعايش قصة “الأفيون والعصيان”، فهو مرة يحلّل ويقنن غرس القنب الهندي والمتاجرة فيه، ومرة أخرى يسقط في ادعاء الإيمان الزائد، الذي يحوّل المملكة إلى خلافة مزعومة للإسلام، قبل أن تغرق في عملية جوسسة ستكون تداعياتها وخيمة على بلد يعاني شعبه الطيب من فقر مدقع ومن “شطحات” مجنونة لساسته.

لقد طبّعت العديد من الدول العربية والإسلامية، مع الكيان الصهيوني، بحثا عن “السلام” أو لإرضاء الولايات المتحدة الأمريكية، ولكنها جميعا لم تصل درجة التنسيق “التجسسي” معها، فلا يمكن تصوّر مصر أو السودان أو تركيا في انسجام أمني عميق مع الكيان الصهيوني برغم تبادل السفارة وغرس مبناها في العمارة، فكانت الخطوة المغربية التي انكشفت للعالم دليل على أن المغرب يبيح من أجل أهدافه كل المحظورات، دون علمه أو ربما يعلم بأن الكيان الصهيوني لا يمتلك في قاموس تعاملاته كلمة صداقة، خاصة وأن إسرائيل من عاداتها أن تلقي بأصدقائها من أصحاب الأوزان الخفيفة من السفينة إلى البحر، كلما أحسّت بحمل يهدّد مركبها العابر للخليج والمحيط بالغرق.

مقالات ذات صلة