المقاومة انتصرت
-
-
1078
-
0
رشيد ولد بوسيافة
تأكد بعد القرار الأخير لمجلس الأمن بوقف العمليات الحربية بين حزب الله وإسرائيل أن المقاومة اللبنانية، وعلى الرغم مما حمله القرار من ظلم وتعسف في حق المقاومة وفي حق اللبنانيين، قد حققت نصرا تاريخيا على أقوى جيش في المنطقة العربية، وأشرس عدو عرفه التاريخ الحديث، بأسلحة خفيفة وصواريخ لا نعلم شيئا عن مداها، استطاع حزب الله أن يصمد شهرا كاملا أمام أذكى القنابل الأمريكية وأكثر الأسلحة تطورا، بل وكان كل مرة يقابل المجازر التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين اللبنانيين في البقاع والقاع وقانا وصور وبعلبك والشياح بمجازر من نوع آخر، إنها مجازر وسط الجنود الإسرائيليين المحاربين، وفي دبابات الميركافا الأكثر تطورا في العالم.
قرار مجلس الأمن وعلى الرغم من أنه جاء حفظا لماء وجه إسرائيل التي انهزمت ميدانيا، وعلى الرغم من تجاهله لكل المجازر في حق أطفال وشيوخ لبنان، فإنه يعد انتصارا حقيقيا للمقاومة التي لا زالت تخوض غمار الملحمة نيابة عن العالم العربي والعالم الإسلامي، وتغطية لعورات القادة العرب الذين كشفوها بأنفسهم لإسرائيل، ولا زالت المقاومة تقدم المثال والنموذج للإنسان العربي الحر الذي لا يقبل المذلّة والإهانة، لقد أرادت إسرائيل أن تحقق في ساعات ما عجزت عن تحقيقه في شهر، بالوصول إلى نهر الليطاني المخيف، فكانت المجزرة في صفوف جنودها ودباباتها، وهي إن أصرت على هذا الهدف بالاستمرار في العمليات البرية وعمليات الإنزال على مدار اليومين المقبلين، فإن ما حدث لها خلال شهر لن يقارن بما يحدث لها حاليا، في المعارك مع “الأشباح” المقاومين.
انتصرت المقاومة، لأنها فرضت نفسها بقوة في المعادلة الدولية التي انسحب منها العرب طواعية، بل إن بعضهم قرر الانتقال للطرف الآخر من المعادلة، وأصبح عونا لإسرائيل على اللبنانيين.. انتصرت المقاومة، لأنها صمدت أكثر من شهر أمام جيش سحق الجيوش العربية مجتمعة في ستة أيام، انتصر حزب الله، لأنه أحيى من جديد جذوة المقاومة وأظهر للعالم أن هذا الكيان الإسرائيلي الذي ترتعد منه فرائس الحكام العرب باستمرار، أنه عدو كرتوني يمكن مواجهته بالأسلحة الخفيفة ويمكن هزمه ودحره بشيء من الصمود.. حزب الله قلب المفاهيم وألغى المعايير السابقة وأوجد واقعا جديدا في المنطقة العربية، هي الشرق الأوسط الجديد على طريقة “نصر الله” لا طريقة “رايس”.
