العالم
قليل من الأكل والرعاية وكثير من المطاردات البوليسية

المهاجرون المشردون عند أطراف باريس.. الوجه المظلم لعاصمة الأنوار

الشروق
  • 2600
  • 4
أرشيف

خلال الأشهر الأخيرة، فككت السلطات الفرنسية مخيمات المهاجرين العشوائية في باريس، لكن الإجراء فاقم مشكلة نحو 700 مهاجر يعيشون في العراء عند أطراف العاصمة الفرنسية، جل همومهم تحصيل مأكل ومشرب وإيجاد سقف يقيهم الشمس نهارا وغطاء يدفئهم ليلا. فريق مهاجر نيوز رصد تفاصيل يوم كامل بالنسبة لهؤلاء الأشخاص.
وصباحا يصطف عشرات المهاجرين، معظمهم من بلدان إفريقية أو من أفغانستان، أمام مركز المساعدات في منطقة “بورت دولا شابيل” شمال العاصمة الفرنسية، من أجل الحصول على وجبة الفطور. بالنسبة لبعض المهاجرين، تشكل هذه الوجبة الصغيرة التي تقدمها جمعية “أورور” مصدر الغذاء الوحيد طوال النهار. وبحسب المسؤولة الإعلامية للجمعية، فإن العاملين يوزعون نحو 700 وجبة إفطار يوميا.
ونقل موقع مهاجر نيوز، معاناة مهاجر ليبي، عمره 28 عاما، ينام منذ شهر ونصف الشهر تحت أحد الجسور القريبة، حصل على فطوره وجلس القرفصاء مع مهاجرين آخرين على ناصية الطريق لتناول وجبة لا تتجاوز كوبا من الكاكاو الساخن وعلبة من التفاح المطبوخ وقطعتين من الخبر المحلى ومكعبا من الشوكولاتة، إنه يشعر بالأسى “الأمر غير مقبول أن أكون ليبيا وأنام في شوارع فرنسا، لأن هذا البلد كان سببا في دمار بلدي”.
أما أيوب أبرهام، شاب من المغرب صاحب الـ27 من العمر، فقال إن “الأكل والشرب ليس همه الأول، بالنسبة له المشكلة تكمن في الحصول على مكان للمبيت وإيجاد ملجأ من المطر ومكان للاستحمام”.
حتى طالبو اللجوء المتحصلون على أوراق نظامية قد يحتاجون إلى المساعدات الغذائية التي تقدمها الجمعيات الخيرية، فضياء الدين، طالب لجوء سوداني، من أم درمان، في سن الـ37، ينتظر صدور قرار حيال طلب لجوئه. حصل ضياء على سكن، ويتقاضى من مكتب الهجرة مبلغ 200 يورو شهريا، لكنه يقول إن المبلغ “ضئيل جدا”، وأوراقه “لا تخوله العمل في مجال الطلاء” الذي يتقنه. وما يزيد من صعوبة حياته أنه “مضطر إلى إرسال المال إلى زوجته وأخوته في السودان”.
ويقول الكثير من المهاجرين، إنهم يفترشون الأرض تحت الجسور الموجودة في منطقة “بورت دولا شابيل”، لكنهم يشتكون من التشديد الأمني، فجمال الجبير، مهاجر سوداني من دارفور، في الـ25 من العمر، يعيش منذ عام ونيف في الشارع، ويقول “الشرطة تجبرنا على الانتقال من مكان إلى آخر، وتوقظنا أحيانا من النوم عند الساعة الرابعة صباحا”، وعلق صديق جمال بالقول إن “الجرذان الموجودة تحت الجسر سبب آخر في إيقاظنا”.

صعوبة الحصول على خدمات النظافة الشخصية

تعد النظافة الشخصية عقبة أساسية بسبب عدم توافر حمامات عامة قريبة. الشاب الأفغاني، جعفر، الذي يعيش في الشارع منذ نحو شهر يعتبر أن “النظافة من الإيمان بالنسبة للإنسان”. فرغم صعوبة وضعه الحالي يحرص الشاب البالغ من العمر 18 عاما، على ارتداء سترة بيضاء ناصعة البياض، ويقول إنه يبدل ثيابه يوميا، ويذهب إلى حمامات عامة وسط باريس أو الحمامات الملحقة بمسجد قريب من بورت دولا شابيل. وقد لاحظ فريقنا وجود مغسلتين مع صابون، في المنطقة من أجل المهاجرين.
من أجل تناول وجبة العشاء يتجه معظم المهاجرين إلى حديقة عند محطة مترو “بورت دو أوبرفيليه”، التي تبعد نحو كيلومتر واحد من “بورت دولا شابيل”، حيث تقدم جمعية “رستو دو كور” وجبة ساخنة عند الساعة السابعة مساء، من يوم الثلاثاء إلى يوم الجمعة. المتطوعون يقدمون نحو 550 طبق يومي. وأخبرتنا إحدى المتطوعات أنهم يعدون أطباقا من السمك، لأن معظم المهاجرين لا يأكلون اللحم غير المذبوح على الطريقة الإسلامية.

توفير احتياجات النساء والأطفال ومكان لمبيتهم

إلى جانب ساحة “بورت دو أوبرفيليه” توجد حديقة جانبية، حيث تتواجد عدة عائلات من أصول أفغانية، بالإضافة إلى عائلة سورية، ويقدر العدد الإجمالي بنحو 60 مهاجرا. ويبذل العاملون في منظمة “يوتوبيا” جهودا كبيرة لإيجاد بيوت لاستقبال للمهاجرين خلال الليل. منسقة عملية الإيواء الليلي، أليكس، أخبرتنا أن الأولوية بالنسبة لهم تكمن في “إيجاد مكان لمبيت الأطفال غير المصحوبين والنساء، والعائلات التي تضم أطفالا، ومن ثم الأزواج دون أطفال” معتبرة أن “بإمكان الزوجين أن يلتجئا إلى مستشفى أو مكان عام لمبيت الليل”.

الشعب الفرنسي جيد… أما السلطات؟!

مهاجر ارتيري تعلم العربية في السودان، قال إنه قرر المجيء إلى فرنسا بعد أن رفضت ألمانيا طلب لجوئه، لأنه من خلال احتكاكه بعمال جمعية إنسانية فرنسية كانت تعمل في مدينة فانتميليا الحدودية، اكتشف أن “الشعب الفرنسي جيد”. لكنه اليوم، وبعد شهر من المبيت في شوارع باريس بدأ يشعر “أن السلطات الفرنسية ليست جيدة مثل العاملين في المنظمات الإنسانية الفرنسية”.

مقالات ذات صلة