الرأي

الموت بالخلعة أو القنطة!

جمال لعلامي
  • 981
  • 4
ح.م
عبد الرحمان راوية

رغم طبع ما قيمته 40 مليار دولار، فإن وزير المالية يعترف أمام النواب في جلسة علنية ويصدم الجزائريين ويضرب “خط الرمل” ويقول بالفم المليان بأن البلاد والعباد على مقربة من عجز في الميزانية وانهيار في احتياطي الصرف، أي بالمختصر المفيد، “شحيحة” الجزائريين معرّضة مرّة أخرى للتآكل و”الشطارة” مهدّدة بالإفلاس!
الحديث المتكرّر عن “الأزمة المالية” بعد نحو 4 سنوات من انفجار محنة البترول وسقوط أسعاره في السوق الدولية، هو في الأصل والفصل، لغة انهزامية، تكشف إلى ما لا نهاية، سوء التسيير، الذي بطبيعة الحال ستنتهي في أغلب الحالات بالعجز والإفلاس، إلاّ إذا تمّ اختراع مخرج نجدة عاجل وطارئ، أو تدخلت العناية الربانية في آخر لحظة!
المواطن “كره” من أحاديث الوزراء والنواب، وفلسفة مشاريع القوانين، وتحليلات الخبراء واستشرافهم، فهو يقف يوميا على التناقض بين كلام هؤلاء، وواقع الأسواق والأسعار والقدرة الشرائية، ولا داعي هنا أن يخرج هؤلاء أو أولئك لتكذيبه وتضميد جراحه بعدما تعرّض للأسف لنزيف عميق وطويل الأمد، لا يُمكن للتطمينات والوعود أن توقفه أو تجفّفه!
عندما يصل سعر “البطاطا” إلى ثمانين دينارا وأكثر، فهنا لا يُمكن لا لوزارتي التجارة والفلاحة، ولا لاتحادي التجار والفلاحين، ولا منظمات المستهلكين، ولا حتى للجمعيات الخيرية، أن تعيد البسمة إلى شفاه ملايين “الزوالية” الذين أحرقت نار الأسعار جيوبهم، وأفقدتهم توازنهم المادي، وضربت أرزاقهم وأعناقهم، وجعلت منهم “هياكل عظمية” بلا روح!
كاذب هو من يقول بأنه يتحكّم في الأسواق، ويضمن “رزق” المواطنين خاصة الفقراء منهم والمعوزين، ومضلّل هو من يسوّق لـ “المزلوطين” أن أسعار السلع والمواد الغذائية الضرورية والأساسية والخضر والفواكه ستنهار في القريب العاجل، ومهووس هو من يُحاول يائسا إخفاء تداعيات طوابير حليب الأكياس وندرة بعض المواد وفوضى الاستيراد!
عندما يستهدف الغشّ والتدليس السلع التي يقتات منها عامة المستهلكين ويعيشون بها، ويتحوّل بعضها للأسف إلى بضاعة “مسمومة” أو “منتهية الصلاحية”، أي بعبارة أخرى “قاتلة”، فهنا يتبيّن أن ثمة “حربا” مفتوحة على لقمة الأغلبية المسحوقة من الجزائريين، ولا داعي إلى التعمّق أكثر في النماذج والعيّنات الميدانية والواقعية التي تكشف هذا المشهد المرّ والمرير والخطير!
من حقّ وزير المالية، ومن واجبه، كشف الأرقام وتقديم الإحصائيات.. لكن، هل من حقه وواجبه نقل “الخلعة” إلى “مخلوعين” مخيّرين بين الموت بالخلعة أو بالقنطة أو بالزلط والتفرعين؟

مقالات ذات صلة