الرأي

 الموقف العربي المنتظر قبل اشتعال الشرق الأوسط

ح.م

العدوان “الإسرائيلي” لن يتوقف، ودائرة همجيته تتسع يوما بعد يوم، والمدن العربية باتت تحت مظلة قصفه الجوي، دون رادع عسكري أو سياسي، فالصمت كان المعبر عنه في موقف الأنظمة العربية، التي قبلت الطرق الصاروخي صاغرة، وامتنعت حتى عن إصدار بيان رسمي يرفض ذاك النهج العدواني الغاشم .

الحرب أخذت شكلها المعلن بين طرفين ” إيران – إسرائيل ” رسما خارطتها في أربع دول عربية، بعيدا عن دولتيهما، المحصنتين من مخاطرها، وما ستخلفه من خراب مدمر، فالأنظمة العربية التي كممت أفواه مدافعها، جردت من قدرة الرد على أي عدوان عسكري يستهدف أراضيها، وتركت للقوى المتصارعة حرية خوض حروبها في أي مكان تشاء من مدن وعواصم العالم العربي، المحاصر بمخططات إقليمية تسعى لابتلاع وجوده من خارطة الكون.

“إسرائيل” تلاحق القواعد الإيرانية في دهاليز مدن عربية، تلك هي حجتها، وهي تواصل عدوانها على سوريا ولبنان والعراق وقريبا اليمن، وإيران لا تدفع ثمن هذا العدوان الهمجي، فهي التي أعلنت أن الرد سيكون مدمرا إن استهدفت “إسرائيل” أراضيها فقط.

عدوان “إسرائيل” على المدن العربية لا يعني أحدا، لا الأنظمة العربية التي تخشى مواجهة العدوان الصهيوني دفاعا عن سيادتها، ولا إيران التي ترى العدوان بعيدا عن أراضيها، وإن استهدف أذرعها المنتشرة في كل مكان.

الخاسر الأكبر هو الدول العربية المستهدفة في عدوان خطط له رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لبسط مظلة جوية خانقة في سماء العالم العربي، تقتنص الأهداف الإستراتيجية المرسومة، تحت ذريعة قطع الأذرع الإيرانية التي تهدد “أمن الكيان الإسرائيلي” .

فالدول العربية المستهدفة في مخطط العدوان “الإسرائيلي”، منهكة أمنيا واقتصاديا، وحتى الحركة التنموية فيها توقفت منذ زمن، أما قدراتها العسكرية فقد استنزفت في معارك وحروب خاسرة، وشعوبها محاصرة بآفات الفقر والتشرد.

لبنان المقسم طائفيا، جيشه غير قادر على خوض معركة مع فصيل إرهابي قادم من إمارة إرهابية، واقتصاده الهش لا يقوى على تحمل حرب لمدة ساعات، وبناه التحتية مازالت مدمرة.

أما سوريا التي تخوض حربا أهليه منذ ثمان سنوات، مازالت بعض مدنها الكبرى خارج نطاق سيادة الدولة، وجيشها المعد لحرب تحررية تشاغله معارضة مسلحة، تنوعت تياراتها، وتعددت حاضناتها الخارجية، والدور الروسي في أراضيها ينحصر في الحفاظ على قواعد موسكو العسكرية البحرية والبرية، وهي قواعد غير معنية بالرد على أي عدوان “إسرائيلي” .

وهذا اليمن المالك لبوابة البحر الأحمر وشبه الجزيرة العربية، جزأه التمرد القبلي الحوثي الموالي لإيران، وعجز التحالف العربي عن إعادة نظامه الشرعي، ومازال شعبه يئن فوق بساط الفقر والمرض.

بينما العراق الذي خرج لتوه من حرب “داعش” يسعى جاهدا لكبح جماح صراعات طائفية، واستعادة قدراته الاقتصادية والعسكرية، فهو محاصر بأزماته الداخلية على صعد مختلفة.

هذه أوضاع الدول التي وضعها “نتنياهو” تحت مظلة عدوانه العسكري، وهو المدرك أنها فاقدة لقدرة مواجهته، ضامنا بلوغ عمق أهدافه الإستراتيجية، طالما بقي متمسكا بذريعة “الخطر الإيراني” الذي يتحمل الأمن القومي العربي أوزاره في مرحلة الضعف والتردي.

فأي موقف عربي موحد منتظر تجاه إيران والكيان الإسرائيلي، قبل اشتعال الشرق الأوسط برمته ؟؟

مقالات ذات صلة