-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تعود إلى العهد النوميدي

النجمة الثمانية.. حكاية الرمز الذي يزين الزليج الجزائري

الشروق العربي
  • 5203
  • 0
النجمة الثمانية.. حكاية الرمز الذي يزين الزليج الجزائري

أسال الزليج الجزائري مداد الكراهية والضغينة، ممن يحسدون الآخرين في موروثهم وتقاليدهم وموسيقاهم، وبين الغبطة والحسد، بحر من الأحاسيس المتناقضة. الزليج بتفاصيله زعزع كيان الحاقدين بألوانه ورسومه وحتى نجمته الثمانية، الضاربة في القدم. الشروق العربي، تبحث وتقدم بالقرائن والدلائل الحقيقة، عن هذه النجمة النوميدية الجزائرية.

تعتبر النجمة الثمانية رمزا من رموز الإمبراطورية النوميدية والرومانية. وهي موجودة في عدد كبير من الآثار في الجزائر، مثل مدينة تيمقاد، التي تعود إلى القرن الأول الميلادي. وكذلك في متحف اللوفر في باريس، في قطعة من الفسيفساء، سرقت من سيرتا، وتعود إلى القرن الثالث الميلادي. ويمكن أن نصادف هذه الرسمة في فسيفساء بمتحف شرشال، تعود إلى القرن الرابع الميلادي. أما في قلعة بني حماد، فهنا يظهر جليا الاقتباس الإسلامي لهذه النجمة البديعة، التي زجت في الزليج وجعلته أكثر تميزا. وهذا، إن دل على شيء فإنما يدل على أن بعض من ادعى امتلاكه للزليج الشهير في قصر المشور، ليس إلا مدعيا لا يجيد شيئا، إلا الافتراء على حضارة سبقته بمئات السنين.

نجمة غزت العالم

النجمة الثمانية، تسللت في أماكن كثيرة من العالم، كانت ملهمة في العمران في الهند، حيث وجدت في قبر السلطان المسلم أكبر. وفي أنطاكيا التركية، قد تلمح النجمة الشهيرة في فسيفساء أكثر حداثة من فسيفساءات الجزائر. الفن الإسلامي استلهم هذه الرسمة في إيران. وهذا في ضريح حافظ الشيرازي. أما في أوزبكستان، فالنجمة تزين لوقتنا الحالي مسجد تيلاكوري. في إيطاليا، النجمة الثمانية، الرومانية الأصل، تشهد على العصر الذهبي للفنون في مدينة رافيتنا.. وهذا، يتجلى بالتفاصيل الهندسية في قبر القديس فيتالي.

النجمة الثمانية، كانت من بين رموز الفن المعماري في دولة بني حماد، خلال القرن الحادي عشر، وذكرتها مصادر تاريخية عدة، في وصفها لقصر اللؤلؤة، الأميرة بلارة والعروسين وقصور القلعة، وغيرها، التي حطمت ولم يبق منها سوى الحفريات وآثارها، سواء من طرف الاحتلال الفرنسي الغاشم، أم هجومات الحملات الصلبية على سواحل بجاية الجميلة.

إن المعمار الحمادي الذي تميز باختلافه من زخرفة ونقش على الألواح والمقرنصات الجبسية، إضافة إلى نقش الجص.. هذا الأسلوب الخاص، كما ذكر الباحث “مارسيه”، هو الذي استوحى منه الأوروبيون خاصة إيطاليا، في بناء ميناءاتهم وانتشر في الأندلس.

يؤكد مارسيه أن فن التربيع، أي استعمال مربعات الزليج المزخرفة والملونة، هو أسلوب المعمار الحمادي، الذي انتقل إلي الأندلس وأوروبا.

إن أقواس المدينة المعقودة على هيئة نصف قبة، والمقرنصات، والفخار ذا البريق المعدني، أي الأبيض الملمع بالأزرق والفضي، يوجد منه في إيطاليا تحت اسم فخار بوجي أي بجاية ألواح الخزف المنقوشة بزخارف على هيئة صلبان ونجوم ثمانية الأطراف.

الجميل، تأكيد الباحثين بقولهم: “وجد هذا كله في قصر القلعة ببجاية، قبل أن يوجد في قصر الحمراء بثلاثة قرون.. وهو النموذج الأول الذي احتذي به في بناء الأندلس.

نجمة بفوائد عديدة

استعملت النجمة الثمانية، بوصفها تكوينا هندسيا متميزا، من حيث التقارب والتناظر والتوازن، في تكوين النوافذ والشبابيك، لاسيما في العصور الإسلامية منذ العصر الأموي. والغاية من استعمالها، هي تقليل الإبهار الضوئي للشمس داخل الفناء أو الغرفة، كما تتعدى ذلك إلى الناحية الاجتماعية، إذ إنها تحجب النساء وما يدور داخل فناء البيت أو الغرفة عن أعين المارة عند تثبيتها في الأماكن المطلة على الطرق، لاسيما الطوابق الأرضية..

الأبعاد التاريخية للنجمة الثمانية

النجمة الثمانية، هي في الأساس نجمة نوميدية قيصرية جزائرية، تعود إلى حضارة ما قبل الميلاد. النجمة الثمانية، هي رمز كوكب الزهرة في علوم التنجيم والفلك القديمة. كما ظهر استخدام رمز النجمة الثمانية عند الفينيقيين والكنعانيين. وبذلك، فإنّ النجمة الثمانية كانت رمزاً مرتبطاً بعالم الآلهة المؤنثة، في ديانات الشرق الأدنى القديم، في حين، ارتبطت النجمة الثمانية في حضارة الرومان واليونان والبربر بالآلهة “فينوس”، إله الحب والجمال وتقديس البنات. ووجدت النجمة الثمانية القيصرية الجزائرية، منذ ما قبل الميلاد، في الجزائر القديمة- الحضارة النوميدية- وبرزت أكثر وضوحا في نقوش قصور شرشال، العاصمة القيصرية للملك النوميدي يوبا الثاني، كأقدم تواجد لها في شمال إفريقيا عامة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!