الرأي

النفط هو الشيطان الرجيم!

قادة بن عمار
  • 1895
  • 7
ح.م

بمجرد أن أغلق خليفة حفتر بعض حقول النفط في ليبيا، أعربت الأمم المتحدة عن “قلقها العميق” من هذا الإجراء، وطالبت عبر المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للهيئة الأممية بـ”ضرورة توزيع موارد ليبيا على الليبيين جميعا”. الأمر ذاته، كرّرته سفارة أمريكا في ليبيا بالأمس، وقبلها مؤتمر برلين، وكثير من العواصم العربية والغربية الأخرى، رغم أن هؤلاء جميعا، يدركون أن الشيء الوحيد الذي بات يُوزَّع على الليبيين الآن، وبدون استثناء، هو الموت ولا شيء غير الموت!

لكن عاديا جدا، أن يُحرّك خبر إغلاق حقلين لإنتاج النفط العالم بأسره من برلين إلى نيويورك، فموسكو، ولا يتحرك هؤلاء لسقوط الأرواح وسفك الدماء وقتل الأبرياء، فالعالم “المتحضّر جدّا”، انتقد حصار حفتر لحقول النفط أكثر من حصاره لطرابلس، كما انتقد احتكار حكومة السراج عملية بيع البترول، أكثر من عمليات بيع البشر والمتاجرة بهم!

ما يحدث في ليبيا، يذكرنا بما قاله الشاعر العربي الراحل نزار قباني “النفط هو الشيطان الرجيم”، أو بما ردَّده زميلُه محمود درويش في إحدى كتاباته متسائلا: مع من أنت بالضبط؟ مع الحرية أم مع النفط؟”، فمن سابع المستحيلات أن تلتقي الحرية بالنفط ولو بالصدفة، وخصوصا “في بلاد العرب أوطاني”!

القصة تتعلق بالبترول إذن، وبمن يبيع ومن يشتري، فالمعروف أن حفتر وإن كان يسيطر على 90 بالمائة من مساحة البلد، فهو لا يستطيع بيع قطرة واحدة من نفطه، طالما بقيت الجهة الوحيدة المختصّة في ذلك، هي المؤسسة الوطنية التي يتواجد مقرُّها في طرابلس.

صحيحٌ أن الحرب التي تشهدها ليبيا تسببت في تراجع إنتاجها إلى حدود 1.25 مليون برميل يوميا، لكن العائدات ما تزال مهمّة ومرتفعة، إذ تبلغ ملياري دولار شهريا، ووصلت في الأشهر العشرة الأولى من السنة الفارطة إلى 20.3 مليار دولار.

ومن المفارقات التي قد لا يعلمها الجميع أن حكومة طبرق التي تتنازع السلطة مع المجلس الرئاسي في طرابلس، تحصل على حقها من تلك العائدات، وتدفع من خلالها، رواتب ما يُسمى “الجيش الوطني الليبي” الذي يقوده حفتر؛ أي أن حكومة طرابلس تدفع، بموجب اتفاق ثنائي، رواتبَ “القوات المسلحة” التي تحاصرها منذ شهر أفريل الماضي!

بمعنى آخر، فإن الفرقاء في ليبيا يقتسمون عائدات البترول، مثلما يقتسمون الدماء والجثث وسقوط الأرواح، ويقتسمون الآن التبعية للخارج، وهم اليوم، وبسبب الغباء والتعنُّت والاستبداد وغياب العقل، يتجهون لاقتسام البلد برمته بعد ما باعوا ضمائرهم للشيطان.. ألم نقل لكم إن النفط في عالمنا العربي هو الشيطانُ الرجيم؟!

مقالات ذات صلة