-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تسبّبت في عرقلة الدروس والتنمر ومظاهر العنف

الهواتف الذكية.. “قنابل موقوتة” في المدارس الجزائرية

وهيبة سليماني
  • 3531
  • 0
الهواتف الذكية.. “قنابل موقوتة” في المدارس الجزائرية
أرشيف

يتنافس الكثير من التلاميذ في جميع الأطوار الدراسية، على امتلاك أحدث الهواتف الذكية، فقد هيمنت هذه الوسيلة الاتصالية على يومياتهم، أكثر من أيّ وقت مضى، وأصبحت عند الكثير منهم مستلزمات ضرورية، لاسيما أنّ توصيلها بالأنترنت جعل استعمالها يمتد حتى داخل القسم وأثناء حصة الدرس.
وأتاح أغلب الأولياء الحرية لامتلاك أولادهم الهواتف بهدف التواصل معهم، والاطمئنان عليهم وهم خارج المنزل، ولكن ثمّة مخاطر تهدد المنظومة التربوية، وتشوّش على السير الحسن للدروس البيداغوجية، وتؤثر على التحصيل الدراسي للطفل بعد أن أضحت هذه الهواتف نشاطا اجتماعيا، يبقي على التواصل مع العالم الخارجي في المدرسة والقسم.

أساتذة وتلاميذ “ينغمسون” في مكالمات هاتفية أثناء الدروس
ودعا مختصون في التربية والتعليم وعلم النفس والاجتماع إلى ضرورة منع الهواتف المحمولة في المدارس الابتدائية والمتوسطات وإلزام تلاميذ الثانويات بإطفائها أثناء الدرس، مع تحميل المسؤولية للأساتذة الذين يشوشون هم بدورهم داخل الأقسام بترك هواتفهم ترن أو “ينغمسون” في المكالمات الهاتفية وينشغلون عن الدور التعليمي والتربوي المنوط إليهم.
وأكّد في هذا السياق، أحمد خالد، رئيس الجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ، أنّ جمعيته أطلقت منذ نحو 6 سنوات الحملة التحسيسية ضد استعمال الهواتف النقالة داخل الوسط المدرسي وأثناء إلقاء الدروس، حيث قدّمت مقترحات على مستوى وزارة التربية، لتوجيه تعليمة لمدراء المؤسسات التربوية تمنع استعمال الهواتف النقالة داخل القسم سواء من طرف الأساتذة أو التلاميذ، وهذا بتطبيق قوانين صارمة ضد الطرفين المخالفين لهذه التوجيهات.
وحذّر أحمد خالد، من ظاهرة الاستعمال العشوائي للهواتف النقالة في الأقسام، مشيرا إلى أنّ قرابة 50 بالمائة من الأولياء لا يمارسون دورهم الرقابي فمعظمهم منشغلون بالجانب المادي على حساب تربية أبنائهم وتوجيههم ومراقبة استعمالهم الهواتف النقالة الموصولة بالأنترنت.
وقال رئيس جمعية أولياء التلاميذ، إن الإفراط في الانشغال بالهاتف النقال من طرف التلاميذ داخل المدارس مع الساعات المحدودة المخصصة لبعض المواد البيداغوجية، قد يؤثر على تحصيلهم الدراسي.
ويضع تزايد عدد التلاميذ الحاملين الهواتف النقالة المزوّدة بالأنترنت، مسؤولي قطاع التربية، أمام تحد كبير، حيث لا يمكن تجريد هؤلاء من هذه الوسيلة الاتصالية، التي باتت ضرورة للتواصل الاجتماعي.
وفي ذات السياق، يرى أحمد خالد، أنّ الحل يتمثل في تطبيق القوانين، ومعاقبة التلاميذ الذين يتحدّثون بالهواتف ويتركونها ترن خلال إلقاء الدروس.

رنّة الهاتف تتسبب في تأخير المنهج الدراسي
وقال مزيان مريان، بيداغوجي، ونقابي سابق في قطاع التربية، في تصريح لـ”الشروق”، إن الانشغال بالهواتف النقالة، أثناء الدرس، سواء من طرف التلاميذ أم الأساتذة، قد يغيّر سير عملية الشرح والفهم للمادة الموضوعة في المنهاج.
وأكد أن الوقت المخصصة للمادة المدروسة مضبوط وتضييع دقائق فقط منه، ينعكس ذلك على عملية استكمال البرنامج الدراسي في مدته المطلوبة.
وأوضح مزيان مريان، أنّ بعض الدروس الصعبة، تحتاج إلى التركيز، والهدوء في القسم، حيث يكون مليئا بالمعلومات الدقيقة والمسترسلة.
وأكّد المتحدث، أنّ رنّة واحدة للهاتف النقال، تؤدي إلى اضطراب الأستاذ، وتوقفه عن الدرس، وبالتالي، تضييع الوقت، وفي حال انشغال الأستاذ بهاتفه والرد على المكالمة، فإن في ذلك هدر للوقت وتعطيل للبرنامج الدراسي.

تنمّر على الأستاذ والتلاميذ ومناوشات.. والمتهم الهاتف
وفي سياق الموضوع، يرى جلول مدور، منسق سابق في تنسيقية عماد التربية، أنّ الهواتف النقالة باتت قنابل موقوتة في المدارس، قد تتسبب في مشاكل عدة بين التلاميذ وأساتذتهم، ناهيك حسبه، عن إرسال معلومات من داخل القسم، إلى أشخاص خارج المؤسسة التربوية، قد تهدد أمن البعض.
وقال مدور إن استخدام الهاتف المحمول، بدون رقابة في المدارس، يؤدي إلى تصرفات مرفوضة في المجال التربوي والتعليمي، كالتنمر الالكتروني على الزملاء والتقاط كل تصرفاتهم وأقوالهم، واستغلال منصات التواصل الاجتماعي “الفايس بوك”، لتحوبل المدرسة إلى مسرح للمشاحنات، والتهكم والتنمر على التلاميذ والأساتذة.

الإدمان على الهواتف الذكية آفة تهدد مستقبل التلاميذ
وفي هذا الصدد، أوضحت أستاذة علم الاجتماع في جامعة الجزائر، الباحثة ثريا التيجاني، أن الإدمان على الهواتف الذكية، والألواح الالكترونية عند التلاميذ، يؤدي إلى خلق نشاط اجتماعي يبقيهم على التواصل مع أشخاص آخرين، ومجموعات أوسع، ويحتم على التلاميذ وهم داخل القسم، البقاء لفرض أنفسهم، باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يتولد من خلال ذلك شعور احترام الذات.
ويتعرّض، بحسبها، تلاميذ وأساتذة للضغط داخل القسم، وهم يفكّرون في كيفية إبقاء نشاطهم على “الفايس بوك”، بحثا عن الترفيه أو الولوج لبعض المواقع هربا من الشعور بالملل خلال شرح الدرس أو في حصّة مادة بيداغوجية صعبة الفهم عليهم.
وأكّدت التيجاتي، أنّ الهواتف الذّكية كأحد مستلزمات الحياة اليومية عند الكثير من الأطفال، خلقت لهم عالما موازيا للمدرسة، يدخله في حالة صراع فكري ونفسي، وهذه الحالة تنطبق أيضا على بعض الأساتذة الذين يلتفتون إلى هواتفهم خلال الدروس على حساب الدور المطلوب منهم في مدة زمنية محددة وثمينة لشرح المادة التعليمية.
وتسبّبت الهواتف الذكية، حسب التيجاني، أيضا في التنافس بين التلاميذ حول من يملك هاتفا أكثر تطورا، ومن يملك أكثر عدد من الأصدقاء على شبكات التواصل الاجتماعي.

مطالب بإجراءات أكثر صرامة
قال رئيس جمعية أولياء التلاميذ، خالد أحمد، إن القوانين موجودة، والتنظيم الداخلي للمؤسسة التربوية، يحتاج إلى مشاركة الأولياء من خلال لعب دورهم، لافتا إلى أنّ الجمعية تعكف على تسطير لقاءات تحسيسية حول مشكلة الهواتف الذكية في المؤسسات التربوية، يدعى إليه الأولياء لتذكيرهم بالدور الموكل إليهم قصد الحفاظ على مستقبل أبنائهم المدرسي في ظل التكنولوجيا الجديدة.
وأكّد البيداغوجي، مزيان مريان، على ضرورة تطبيق واحترام القوانين، الخاصة بالنظام الداخلي للمدارس، ووضع لائحة تطبيقية تلزم الأساتذة والتلاميذ بإبقاء الهواتف النقالة مغلقة داخل الأقسام، ومعاقبة المخالفين،بإجراءات أكثر ردعا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!