الرأي

الوحدة أو الخيانة

صالح عوض
  • 742
  • 5

لا طريق ثالثا نسلكه في حياتنا السياسية والثقافية والاجتماعية، فإما أن يتكامل تنوعنا ويتوحد في عمل حضاري وإنساني واحد أو نتوزع كل في اتجاه فيلتقط العدو خطام أنوفنا ويسوقنا سوقا إلى المهالك والرذيلة.. حينذاك لن ينفعنا ندم وتكون رياح الفتنة حصدت كل بذور الخير.
فنحن كشعوب وأمة نواجه المرحلة الأخيرة في عملية الهجوم الاستعماري علينا ولأن الاستعماريين لا ييأسون من احتمال تفتيتنا فإنهم يشتغلون بوسائل عديدة وأساليب مختلفة مستخدمين شعارات وأشخاصا من بني جلدتنا لإحداث الشرخ بين مكوناتنا الثقافية والعرقية والإقليمية..
وفي حين تتمتع الدول الغربية وأمريكا على رأسها بتكامل تنوع الأعراق والديانات والألوان لدرجة أن بلدا مثل أمريكا أصبحت لا تستطيع أن تمنع رئيسا أسود من الوصول إلى البيت الأبيض الأمريكي، وفي الغرب أيضا ضرب من حديد على كل يد تقترب من تفسيخ الأوطان ولعلنا نتذكر ما حصل لأهل برشلونة العام السابق حيث نهضت كل أوربا لإفشال المحاولة الانفصالية هناك.
ولكن المؤسسات الاستعمارية ووجنودها المبثوثين في بلادنا لا يهدأ لهم بال في إشعال فتائل الفتن في حين يمثل الانسجام في مجتمعاتنا العربية والإسلامية حالة متقدمة في وحدة الحضارة ووحدة الدين ووحدة اللغة المشتركة.. فترى الاستعماريين ينفخون في الأقزام والمشوهين الشواذ في أمتنا لمنحهم فرصة الظهور والتشويش على المقدس لدينا وحدة بلداننا وشعوبنا وأمتنا.
وهنا لابد من التقدم خطوات كبيرة واثقة في بنيان بلدان قوية بمفاهيم ثابتة وإنه لمحزن أن نعود في كل مرة للتأكيد على هوية بلداننا التي رسمناها بالدم والكفاح الذي استنفد منا طاقات غالية وعزيزة.. لابد من الانتهاء فورا من هذه المسألة والتحرك في مجتمعاتنا وبلداننا لتكوين شبكات أمان لحماية تكاملنا ووحدتنا..
إن حياتنا الحاضرة والمستقبلة تؤكد أن ما كان عليه أسلافنا كان صحيحا بأن الوحدة كاملة لا نقصان فيها ومن العدل ما استطعنا.. وان الوحدة التي كرسها أبوبكر الصديق رضوان الله عليه بقمعه للمرتدين عن وحدة الأمة وأنظمتها هي التي حمت مسيرة الحضارة العربية الإسلامية قرونا طويلة.. وإننا لن نجد بديلا من وضع الخطط بقناعات حقيقية ونوايا صادقة لجمع شمل الأمة من مشرقها إلى مغربها في مشاريع اقتصادية وعملية وثقافية تغلب العام على الخاص وتحرص على الخاص في إطار العام.. وهذا ما سيعجل من الانتهاء من هذه المرحلة الضاغطة القاهرة.. وهذا ما سيحمي بلداننا من تغول الأعداء المتربصين بها وهذا ما سيحقق لنا الوفر الغذائي والمعيشي ويحمي نخبنا العلمية من الهجرة والاغتراب.
على صعيد الشعب لابد من تقوية الأواصر التزاما بقانون المحبة وعلى صعيد الأمة لابد من التكامل التزاما بقانون الوحدة.. ولا بديل عن ذلك إلا الخيانة والارتماء في مشاريع الأعداء التاريخيين.

مقالات ذات صلة