الرأي

الوعي الاستراتيجي بسنة 2022

محمد سليم قلالة
  • 850
  • 3
ح.م

في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة فيه إلى جَمْع كل ما بقي لدينا من قوة والتصرف بحكمة فيما بقي لدينا من احتياطي صرف، وعدم تضييع الوقت لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني التي تكلَّست منذ سنوات.. في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة إلى البحث فيما يجمعنا لا فيما يفرقنا في الجانبين السياسي والثقافي لننطلق انطلاقة مشتركة نحو إعادة بناء البلاد في كافة القطاعات، مازال البعض متمسكا بأجندة أقلّ ما يقال عنها إن فيها تفتيتا للطاقات وتوزيعا للجهود على مسائل لا نراها أولوية اليوم بأي شكل من الأشكال، كتلك المتعلقة بالهوية أو الدين أو شكل نظام الحكم بين رئاسي أو شبه رئاسي أو كيفية تقاسم السلطة بين الأحزاب المسماة مُحافظة أو إسلامية أو علمانية…

إن البلد كما نَبَّه إلى ذلك كافة الاقتصاديين الوطنيين على شفا انهيار اقتصادي حقيقي، إذا لم يجد حلولا حقيقية لمشكلاته، من هنا إلى بداية سنة 2022، عندما ينتهي آخر مليار دولار من احتياطي الصرف، وأنه لا وقت لنا نضيعه لتجاوز هذا الموعد بسلام.
فهل من الحكمة أن نبقى متخاصمين باحثين عما يفرِّقنا إلى غاية سقوط سقف الدار علينا جميعا؟

هل من الوطنية الاستمرار في إحياء نعرة الخلافات السياسية والثقافية والجهوية التي طالما استخدمت لتعطيل انطلاقنا نحو المستقبل؟

هل سألنا أنفسنا لمصلحة مَن هذا التعطيل؟ ما هي القوى التي يهمُّها بقاء بلدنا مضطربا إلى غاية نفاد آخر دولار في احتياطي الصرف؟

مَن سَيخسَر من إطالة عمر الأزمة؟ هل قِوى النظام السياسي القائم أم البائد أم القوى الشعبية البسيطة التي لا تكاد تجد ما تُكمِل به نهاية شهرها اليوم في كلا النظامين؟ وماذا يعني ذلك؟

ليقرأ الجميع ذلك الخطاب الراديكالي الذي يريد إبقاء الوضع على حاله إلى غاية 2022 يوم ينفد ما بقي لنا من رصيد لشراء الغذاء والدواء، ونحن لاهون في خصومات كانت ومازالت وستبقى محل نقاش الفكر السياسي إلى يوم الدين في مسائل مثل طبيعة الدولة وأولوياتها ونظام الحكم فيها بين المدنية والدينية والعسكرية والوطنية والجمهورية والدستورية والملكية الدستورية والبرلمانية والرئاسية وشبه الرئاسية والفدرالية الكونفدرالية ودولة حكومة الجمعية…! فما بالك بتلك النقاشات المتعلقة بالهوية والتاريخ والأصل والفصل والإثنيات والجهات وحرية العبادة في دولة الإسلام وأي علاقة بين القانون الوضعي والشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالحريات والأحوال الشخصية ومكانة المرأة…!

ماذا يعني التركيز اليوم على مثل هذه الملفات؟ هل تمكن علماء الفكر السياسي والفلاسفة بانتماءاتهم المختلفة من حسمها ليحسمها عامة الناس؟
ماذا يعني، إذن إذكاؤها اليوم ونحن على شفا انهيار اقتصادي قادم؟

يبدو لي أنّ علينا تذكير أنفسنا بمثل هذه المخاطر، رغم ما في الجوانب الفكرية والفلسفية والقانونية من أهمية. والأهم من ذلك أن نتفق مهما كانت الظروف لتجاوز هذا الموعد الخطير. وأن نحتاط له من الآن بالوعي الاستراتيجي التام.. لأننا إذا وصلنا ذلك الموعد واجتمع عندنا الخلافُ السياسي والثقافي والفكري مع الجوع والفقر فلن يبقى أمامنا سوى طريق واحد: الاحتكام إلى القوة! إن كانت محلية أو دولية بكل ما يعني ذلك من دخول في دوامة عنف جديد لا قدّر الله.

هل نفعل بأنفسنا ما فعل غيرُنا بأنفسهم؟ أم نكون أكثر حرصا على تفعيل وعينا الاستراتيجي أكثر من غيرنا؟ ذلك هو السؤال. ونوعية الإجابة، إما تحمِل اليأس المطبق أو الأمل الفسيح.

مقالات ذات صلة