-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
وزارة العدل تودع مشروع القانون لدى الحكومة

“الويل لمن يستولي على أراضي الدولة”

نوارة باشوش
  • 38601
  • 0
“الويل لمن يستولي على أراضي الدولة”
أرشيف

بأمر من أعلى السلطات في البلاد، قررت الحكومة من خلال تكليف وزارة العدل الضرب بيد من حديد لمواجهة مافيا العقار والمستحوذين على أملاك الدولة، وإنهاء الجرائم والاعتداءات التي مست مساحات شاسعة منها خلال السنوات الماضية من طرف “سماسرة العقار” ورجال الأعمال وأشخاص نافذين بطرق غير شرعية.

وتنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أودعت وزارة العدل مشروع القانون التمهيدي للقانون المتعلّق بحماية الأراضي المملوكة للدولة والمحافظة عليها، على طاولة الأمانة العامة للحكومة، والذي يفترض أن يقرّ عقوبات صارمة وأحكام ردعية على كل من تسوّل له نفسه الظفر بشبر واحد من أراضي الدولة أو المساحات المبنية وغير المبنية من دون وجه حق.
وحسب وثيقة تحوز “الشروق” نسخة منها، فإن مشروع القانون الذي أعدته وزارة العدل، خلال الساعات الأخيرة، بالتنسيق مع فوج عمل يشمل عدة وزارات على غرار الفلاحة والتنمية الريفية والسكن والمدينة والصناعة والمالية، يتضمن حماية الأراضي التابعة للأملاك الوطنية، خاصة الفلاحية والزراعية منها، والتي تتعرض يوميا للنهب من طرف المافيا و”البزناسية” الذين شكلوا “إمبراطورية” لنهب عقارات الدولة من دون وجه حق.

أحكام خاصة بمنع تسوية وضعية البنايات الفوضوية
وللحد من ظاهرة التوسع العمراني الفوضوي غير المصنف أصلا ضمن المخطط الوطني لتهيئة الإقليم، تضمن المشروع التمهيدي للقانون المتعلّق بحماية الأراضي المملوكة للدولة والمحافظة عليها، أحكاما خاصة بمنع تسوية وضعية البنايات الفوضوية التي بلغت أوجها، خصوصا بالمناطق البعيدة عن مركز المدينة والتي استغل أصحابها غياب الرقابة للتوسع بطرق فوضوية تحولت مع مرور الوقت إلى منظر عمراني مشمئز، خاصة عندما يتعلق الأمر ببنايات فردية ذات 4 طوابق أو بنايات ملتصقة ببعضها البعض من دون وجود مساحة فاصلة، أو عمارات بصيغ مختلفة تفتقر إلى مقاييس البناء السليم.
وإلى ذلك، فإنه طبقا لسياسة رئيس الجمهورية الرامية إلى تفعيل أدوار الإعلام والمجتمع المدني وإشراكهم، تقرر تشكيل لجنة وطنية وخلية يقظة كآلية إنذار على مستوى كل ولاية، تتكون من عدة قطاعات، من بينها الداخلية، الفلاحة، أملاك الدولة والسكن والمدينة، لحماية الأراضي التابعة للأملاك الوطنية والخاصة المبنية وغير المبنية، وتؤطرها وزارة العدل باعتبارها الجهة المخولة لحماية أملاك الدولة من خلال نيابات الجمهورية التي لها صلاحيات إعطاء التسخيرات لمصالح الضبطية القضائية المختصة إقليميا لتنفيذ القرارات المتعلقة بمنع التعدي على الأراضي المملوكة للدولة أو هدم البنايات الفوضوية، كما يلزم القانون المسيرين العموميين بضمان حسن استغلال عقارات الدولة والسهر على منع التعدي عليها.
كما وسع مشروع القانون التمهيدي للقانون المتعلّق بحماية الأراضي المملوكة للدولة والمحافظة عليها، من صلاحيات جهات التحري، سواء على مستوى الضبطية القضائية أو الجهات القضائية التي ستشدد العقوبات على مافيا العقار والمستحوذين على أملاك الدولة من دون وجه حق.

نهب ممنهج لعقارات “البايلك” بالدينار الرمزي

وإلى ذلك، فضحت التحقيقات الأمنية والقضائية المتعلقة بملفات الفساد المطروحة سواء على مستوى القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد باعتباره متخصصا في قضايا الفساد الكبرى، أو على مستوى محاكم الوطن، النهب الممنهج لعقارات “البايلك” بالدينار الرمزي، من خلال توزيعها بطريقة عشوائية، تحت غطاء “منح الامتياز” بالتراضي، والذي ثبت من خلال ما كشفته التحقيقات ومحاكمات الفساد التي انطلقت منذ أواخر 2019 ولا زالت متواصلة إلى حد الساعة، حيث أن آلاف الهكتارات من العقارات الصناعية والسياحية والفلاحية تم تحويلها لفائدة رجال أعمال وشخصيات نافذة ومسؤولين وضباط كبار وشخصيات سياسية ورياضية ونقابية، بتواطؤ من مسؤولين محليين وولائيين ومديرين مركزيين من مختلف القطاعات بذريعة تسهيل عملية الاستثمار “الوهمي”.
وبلغة الأرقام، فإن وزارة العدل سعت وما زالت تسعى جاهدة لقطع أيادي المستفيدين من عقود الامتياز، بعد تمكنها من استرجاع أملاك الدولة العقارية التي أخل المستفيدون منها بالتزاماتهم التعاقدية، مخالفين بذلك الأمر رقم “08-04” المؤرخ في 1 سبتمبر 2008، وقد صدرت هذه الأحكام بناء على دعاوى رفعتها وزارة المالية، في إطار محاربة الفساد بشكل عام ووضع حد لطرق الاستيلاء غير الشرعي على الأملاك العامة، حيث تمكنت من استرجاع 1994 هكتار، أي ما يزيد عن 19 مليون متر مربع من الأراضي في ظرف قياسي.
وبالمقابل، فقد أحصت مصالح الدرك الوطني خلال السنة الماضية 5423 جريمة تعدّ على الملكية العقارية من طرف الخواص أو “سماسرة” العقار، الذين حاولوا بكل الطرق “النصب والاحتيال والتزوير” نهب مساحات هامة من الأراضي التابعة لأملاك الدولة أو تلك المخصصة للنشاط الزراعي وبيعها بالدينار الرمزي، حيث حررت محاضر ضد المتورطين وتحويلهم أمام الجهات القضائية لمتابعتهم وفقا للمادة 386 التي تنص “يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 20.000 إلى 100.000 دج كل من انتزع عقارا مملوكا للغير وذلك خلسة أو بطرق التدليس”.
كما اسفرت تحقيقات الضبطية القضائية عن حالات عديدة على شاكلة التعدي على الملكية العقارية لتشييد مساكن ريفية، أو نهب مساحات هامة مخصصة للنشاط الزراعي وأملاك الدولة وهذا مقابل تلقي مزايا مالية كبيرة للسماح بالمصادقة على رخص البناء وشهادات الحيازة إلى جانب اعترافات الأشخاص الذين حازوا على الجيوب العقارية من دون وجه حق مقابل مبالغ مالية.
كما بينت التحقيقات أن المتسببين في نهب الأراضي استغلوا معرفتهم للمناطق التي يسكنون فيها للاستيلاء على الأراضي الشاغرة التي يتم تسويتها بالجرافات ليلا وتشييد الأساسات، لإعادة بيعها لمواطنين من خارج الولاية بمبالغ رمزية بالمقارنة مع الأسعار المتداولة لدى الخواص الذين يحوزون عقود ملكية للأراضي التي يبيعونها، مستثمرين في أزمة السكن التي يعيشها المواطنون مع الطلب الرهيب على العقار والشقق وتراخي المجالس البلدية المتعاقبة في ردع المخالفين وتنفيذ قرارات الهدم.
وتسعى الدائرة الوزارية الوصية، إلى بناء جدار فاصل مع الممارسات غير القانونية، من خلال ترسانة ضخمة من مشاريع القوانين الجديدة، على شاكلة المشروع التمهيدي للقانون المتعلّق بحماية الأراضي المملوكة للدولة والمحافظة عليها، والذي يكتسي حسب مصادر “الشروق” بعدا اقتصاديا لتقليص فاتورة الاستيراد وتأمين الأمن الغذائي بالتشجيع على استغلال الأراضي الفلاحية والزراعية، وبعدا إيكولوجيا بمنع بعض الظواهر الطبيعية على غرار التصحر والانجراف، وآخر بيولوجيا لحماية المورد النباتي والحيواني.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!