-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اليمن على كفّ عفريت

حسين لقرع
  • 2164
  • 7
اليمن على كفّ عفريت

يتّجه اليمن هذه الأيام بسرعة الصاروخ إلى حرب أهلية تتخذ أبعاداً إقليمية واسعة قد تأتي على الأخضر واليابس وتفكك البلد وتحوّله إلى صومال أو ليبيا جديدة، إذا لم يتمّ تدارك الأمر وتحكيم طرفيِ الصراع والواقفين وراءهما، صوت العقل والحكمة في أقرب وقت بدل لغة السلاح والتهديدات..

الحوثيون يعلنونالتعبئة العامةاستعداداً للحرب ويواصلون التوغل في تعز والزحف نحو مدن جنوبية أخرى لبسط سيطرتهم على اليمن كله وإكمال الانقلاب الذي بدأوه في 21 سبتمبر 2014، والرئيس هادي يدعو مجلس الأمن إلى تطبيق البند السابع واستعمال القوة ضد الحوثيين، ويدعو دول الخليج أيضاً إلى التدخل العسكري، والسعودية تستجيب وتهدّد بإرسالدرع الخليجقريبا إلى اليمن

وإذا وقع الانفجار لا قدّر الله، فستغرق اليمن في حربٍ طاحنة قد تفوق في قسوتها ما تشهده سوريا والعراق منذ سنوات، وتُنهي وجود الدولة على الأرجح، وستتضرّر أيضاً دولُ الخليج بشكل كبير في ظل الدعم العسكري الإيراني المتواصل للحوثيين، وتدخل المنطقة في دوامة عنيفة من الاضطراب وعدم الاستقرار سنوات طويلة.

المشكلة الآن أن الحوثيين المنتشين بتعاظم قوتهم لا يبدون أيّ ليونة أو استعداد للوصول إلى تسوية مع الرئيس هادي، ويصرّون على رفض شرعيته، برغم اعتراف العالم كله بها، ويقمعون المظاهراتِ الشعبية الرافضة لهم في مختلف المدن التي يسيطرون عليها، ويستعدّون لتنصيب نجل الرئيس المخلوع رئيساً للبلد، مكافأة لأبيه علي عبد الله صالح على تحالفه معهم ضد الشرعية، وبالتالي إكمال انقلاب 21 سبتمبر والإطاحة بالشرعية وبسط السيطرة على البلد كله وحكمه بالقوة عبر حلفاء يتحكمون في تعيينهم.

ليس من الحكمة أن يحاول الحوثيون حكمَ اليمن بكل أطيافه ومكوّناته بقوة السلاح؛ فاليمنيون الذين ثاروا ضد الديكتاتورية وأسقطوها في 2011، لن يقبلوا بعودتها على يد الحوثيين، وعلى هؤلاء البحث عن صيغ التعايش والشراكة مع مختلف الأطياف بدل السعي إلى إخضاعها بقوّة السلاح وتهميشها واضطهادها، فقد سبقهم المالكي في العراق، ولكن الجميع يعرف الثمار المرّة لهذه السياسة الإقصائية، وكيف تحوّلت المحافظات السنية الستّ بالعراق إلى حاضنة شعبية قوية لـداعشجعلته يتوسع ويتغوّل.

إذن، الموضوع يتجاوز الصراع على السلطة إلى نزاع طائفي خطير قد تبدو معه الصدامات السابقة بين الحوثيين والقاعدةمجرّد نزهة مقارنة بما سيأتي. وقد بدأت مؤشرات ذلك الجمعة الماضية عندما تعرّض مسجدان للشيعة لعمليتين انتحاريتينداعشيتينأودتا بحياة 137 شيعياً وجرح 350 آخر، ولا شك أن دخولداعشإلى اليمن سيعقّد الوضع أكثر وسيجد التنظيم بيئة خصبة للانتشار كما في ليبيا وسوريا والعراق، في ظل ضعف الحكومة المركزية والصراع الشديد على السلطة، والاصطفافات الطائفية بين أبناء البلد الواحد.

 

وإذا كانت هاتان العمليتان الإجراميتان في حقّ المصلين الأبرياء مدانتين بأقوى العبارات وأشدّها، فإن انقلاب الحوثيين على الشرعية مدانٌ بدوره، ونتمنى أن تجنح هذه الميليشيا إلى التعقل وتبحث مع الرئيس هادي عن تسوية سياسية، وعلى إيران أن تدفعها في هذا الاتجاه عوض الوقوف وراء توسّعها إلى باب المندب الاستراتيجي. اليمن مقبلٌ على الدخول في نفق مظلم يُنهي وجوده كدولة، والحلّ في يد من يملك القوة الآن من أبنائه، وفي يد من يدعمهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • حزب العمال الأيقونة

    لن أنسى لمًا كان السفير السعودي يأتي للجزائر بالحقائب المملوءة بالمال ليوزعه على " مجاهدي الجزائر " مثلما تطلق عليهم الوهابية السعودية ، لن أنسى كيف كانت صحف آل سعود كالحياة و الرياض و غيرها تنشر في الصفحات الأولى أخبار " غزوات الجزائر " كما يسمونها ... لن أنسى ما فعلته إيران بدعمها الحزب الإرهابي ضد الدولة الجزائرية سنوات التسعينات ... لهذا فأتمنى من كل قلبي أن يضرب الله مجوس إيران بوهابية آل سعود و لا يذر منهم أحداً على الأقل سعر النفط يرتفع :xD

  • عبدالجليل

    تقسيم المسلمين إلى سنّة و شعة دعاية و إتجاه إنبريالي صهيوني معروف، فرق تسد

  • محمد63

    أنصارالله(الحوثيون) مكون رئسي من مكونات الشعب اليمني تعرض للاقصاء و التهميش والاضطهاد وحتى الى محاولات استئصاله ومن أجل تحقيق هذا الغرض شنت عليه السعودية حربا بالتنسيق مع عملائها في اليمن وغيره لكنها فشلت في ذلك.
    ما يقوم به الحوثيون والقوى المتحالفة معهم ليس انقلابا بل هو ثورة بكل ماتحمله الكلمة من معنى ضد الفساد والظلم و الاستبدادمن جهة ومن جهة أخرى ضد الجماعات التكفيرية الاجرامية أدوات الرئيس هادي الفار المخلوع والمدعومة أساسامن السعودية وقطر

  • صالح

    وغين الرضا عن كل عيب كليلة
    يبدوا أن الرئيس هادي جزء من المشكل وليس جزءامن الحل فالرئيس هادي لم يستعمل صلاحياته عندما كان رئسيا وفسح المجال للحوثيين ليستولواعلى العاصمة دون أن يحرك ساكنا ثم تخلى طواعية عن منصبه ولما اشتد عود الحوثيين وأكموا القبضة على الشمال فر إلى الجنوب وأخذ يطالب بالتدخل الاجنبي لمساعدته على استرجاع السلطة من جديد أليست هذه مؤامرة لتفتيت اليمن؟. ثم أين كانت دول الخليج عندما كان الحوثيون يزحفون على العاصمة؟.
    من فرض الحصابة لعبدالله صالح وأجهض الربيع العربي؟اليسواأهل الخليج؟

  • عبد الله

    الحوثيون يمنيون و معارضيهم يمنيون و مشكلة اليمن لا تحل الا من طرف اليمنيين واي تدخل من اي جهه لدعم اي طرف سيدخل البلاد في حرب لا تنتهي الا بتمزيق اليمن و تكون انعكاساتها السلبيه كامله على المنطقه و مثل سوريا قائم لكل فاهم

  • عبدالجليل

    للأسف، ما زلنا نفرق أنفسنا إلى شيعة وسنّة إتباعاً للأسيادتنا الغربيون. في اليمن، النظام السعودي ينفذ أجندة غربية إستعمارية. لا يعجبنا لمّا إيران يدافع عن وحدة اليمن،ونحن نسميها: "التوسع الشيعي" لإرضاء اسيادنا الغربيون

  • مسلم أمازيغي جزائري

    لماذا استعمال هذه اللغة الانهزامية مع الحوثيين؟؟؟
    لماذا لا تصرحون بالحقيقة الواضحة للعيان يا كتاب ؟؟ وهي أن الحوثيين وإيران من ورائهم هم من يهدد أمن المنطقة بأكملها بدءًا بالعراق وسوريا ولبنان، وانتهاءً باليمن والكويت والبحرين.