اليوم ”ما تفراش” !
الحكومة منزعجة من استعمال الصحافة الرياضية لعبارات ثقيلة، على شاكلة “اليوم ما تفراش في الحراش” لكنها غير منزعجة بتاتا من حرق مواطنٍ لنفسه في سوق بشار، محتضنا ضابط شرطة، في مأساة كادت أن تتحول إلى فتنة، لولا ستر الله!
- الحكومة لم تنزعج أيضا ربما من إحصاء أكثر من 300 ألف مواطن يتعاطون المخدرات، ولاشك أن نسبة كبيرة منهم، يعشقون الكرة في الجزائر، ويتوافدون على ملاعبها، فيحوّلون جزءا منها إلى ساحات معارك مفتوحة، في الحراش وغيرها، وهنا لا تنقل الصحافة الرياضية غير الواقع، وربما بسبب ذلك، يريد وزير الاتصال محاسبتها على النتائج بدلا من محاسبة الحكومة!
كنّا نتمنى لو أن وزير الاتصال، وعلى غرار تهديده بوقف صحافة التحريض على العنف، أن يُقنع زملاءه في الحكومة بوقف كل مظاهر التعسف ضد المواطن، من خلال إنهاء جميع أشكال الفساد والتسيب والبيروقراطية، والإرهاب الإداري في قطاعاتهم، وأن يستعملوا الحدة والحزم، ذاتهما، في الكلام عن تلك الكوارث وضرورة إبطالها.
بعبارة أخرى، يا ليت وزير التجارة قال صراحة في رمضان ونفذ تهديده، أنه “اليوم ما تفراش” مع مافيا الخضر والفواكه وأباطرة الاحتكار، أو قال وزير الجامعات “اليوم ما تفراش” مع مديري الإقامات وجماعات اللصوص والمرتزقة بالقطاع، أو قال وزير السياحة “اليوم ما تفراش مع وكالات العمرة التي خدعت الناس والحجاج، وأتت بهم إلى المطارات ثم أعادتهم إلى ولاياتهم خائبين بسبب النصب والاحتيال”.. أو قال وزير الصحة “اليوم ما تفراش” مع مديري المستشفيات بعدما حولوها إلى مصلحة مفتوحة للجثث ومرتع لارتكاب الأخطاء في التسيير والاختلاسات وتبديد المال العام. أو قال وزير العمل ”اليوم ما تفراش” مع أرباب الشركات والمؤسسات الذين يأكلون عرق الموظفين البسطاء، أو شباب الإدماج المهني المحرومين أصلا من الإدماج!
ويا ليت وزيرة الثقافة قالتها صراحة “اليوم ما تفراش” مع جمعيات الكذب والتزوير، ومنظمي مهرجانات الهف والتمييع الأخلاقي، وتسلط أسياد الرداءة في المسارح الجهوية ومؤسسات الثقافة الضائعة، أو قال وزير الرياضة “اليوم ما تفراش” مع قصة المدرب المحلي والأجنبي، ومهازل الفريق الوطني، وتزايد العنف في الملاعب، وانتشار ثقافة الرشوة وبيع المقابلات بين الرؤساء والحكام ورفع أرجل اللاعبين!
لو قال كل مسؤول في الحكومة “اليوم ما تفراش” ونفذها واقعيا، لما وصلنا إلى ما نحن عليه من أحوال سيئة، وانتشار سياسة “تخطي راسي وتفوت”، ولمَا تراجعت قيمة المواطنين في بورصة الكرامة، وتحالَف الحسيب والرقيب على الغياب، وبات الجزائريون جميعا يرددون “اليوم ما تفراش” من ساعة الاستيقاظ حتى العودة للفراش!