-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
من بعيد

انتفاضة الأقصى.. وبزوغ نجم أختها الثالثة!

انتفاضة الأقصى.. وبزوغ نجم أختها الثالثة!

تحل الذكرى العاشرة لانتفاضة الأقصى محمّلة بعبر التاريخ، ومؤكدة على التضحيات الكبرى في مسار الحركة الوطنية الفلسطينية، وصارخة في وجوهنا جميعا: “أما آن لكم أن تعوا دوركم ورسالتكم في الحياة!”، لدرجة تجعل من له أذن واعية يقول: “يا ليتني مت قبل هذا الزمن العربي وكنت نسيا منسيا”.. صحيح أنه قول العاجز الذي أحلّ قومه ونفسه دار البوار، لكنه أيضا تعبير عن حالة شعورية، لمواجهة واقع سياسي ـ دولي، يحاول أهله أن يجعلوا من الموقف الإسرائيلي في ظل الانكسار العربي والتشتت الإسلامي قولا فصلا، لا يحتمل المراجعة أو النقاش.

تأتي انتفاضة الأقصى مرة أخرى، شاهدة على امكانية رفض الواقع، مهما كانت القوة التي تفرضه، فما كان في مقدور القوات الإسرائيلية حماية أرئيل شارون من رد فعل المصلين حين اقتحم باحة المسجد الأقصى، بل إن ذلك دفع إلى اشعال نار الانتفاضة لدرجة جعلت الزعيم ياسر عرفات يدعو إلى الكفاح المسلّح وهو يودّع الشهداء تلو الشهداء في تلك الانتفاضة المباركة، لذا علينا اليوم، مهما اسودّت الحياة أمامنا وفقدنا الأمل، إحياؤها باعتبارها مرحلة قريبة، يمكن تكرارها باعتراف الإسرائيليين أنفسهم، ففي صحيفة “معاريف” كتب المحلل السياسي “عوفر شيلح” ما يأتي:

  • “المفاوضات التي تجري الآن بين إسرائيل والفلسطينيين هي شيء بين ذر الرماد في العيون ومناورة في عدم المعنى، وعدم الثقة بين الطرفين عميق جدا، والوضع على الأرض معقد جدا بحيث أنه لا توجد حتى موافقة داخل قوات الأمن والجمهور على إزالة عشرة حواجز ترابية، في هذه الظروف، يبدو ببساطة سخيفا الحديث عن المواضيع الجوهرية للنزاع، التي لم يتوفر لها في أيام أفضل بكثير حل.. كما أن عدم الثقة ينعكس أيضا في الرأي العام الفلسطيني، وبالنسبة للفلسطينيين، فان اليأس أعمق بكثير وينضم إلى شروط حياتهم القاسية، وهذه ظروف قابلة للانفجار، من النوع الذي أدى الى اندلاع الانتفاضة الثانية في سبتمبر 2000، فالشعب الذي يشعر بأن ليس لديه ما يخسر، خاب أمله من زعمائه، من شروط حياته، ومن الأمل بالاستقلال، من شأنه أن ينهض حتى حيال أقسى الظروف”.. لكن كيف سيكون شكل الانتفاضة المقبلة؟
  • يرى شليح أنها ستكون مختلفة عن سابقتها، فهو يقول: “إن وجه الانتفاضة الثالثة سيكون مغايرا عن وجه الانتفاضة الثانية، إذ يمكنها أن تؤدي الى السيطرة السياسية لحماس على الضفة، وإلى تجنّد جماهير جديدة الى الكفاح المسلح، وإلى أمور كثيرة من الصعب توقعها الآن”..
  • رأي شليح هو نفس الرأي الذي ذهبت إليه الصحفية “عينات وايزمن” في صحيفة معاريف، حسب ما نشرته مواقع فلسطينية على الانترنت، فتحت عنوان “الانتفاضة الثالثة” كتبت وايزمن “نحن في ذروة الانتفاضة الثالثة، وهي انتفاضة لا يعلم أكثر الإسرائيليين بوجودها.. يصعب تعريف الانتفاضة الثالثة لأول نظرة، ولمّا كان يصعب تعريفها فإنّ قمعها أيضا صعب.. هذه انتفاضة تتنكّر في زيّ المهرجان.. إن المظاهرات في “الشيخ جراح”، وفي كل قرية أخرى أيضا تتم فيها مظاهرات في أيام الجمعة، قد تبدو أحيانا مثل احتفال ملوّن، فهنالك عشرات المتظاهرين الفلسطينيين والدوليين المسلحين بالصفارات والطبول والأعلام، لا يمكن دائما التمييز بينهم، فكثير من الدوليين واليهود مسلّحون بكوفيات وبأعلام فلسطين، وبهذا فإن التجربة هي لجمع من النّاس ملون مع صيحات وخطب وقرع طبول تصبح كتلة متجانسة واحدة للمقاومة”.
  • الأكثر من هذا تجرى الكاتبة مقارنة بين الانتفاضة الثالثة التي ستقع في المستقبل القريب، والانتفاضتين السابقتين، فتقول: “كانت الانتفاضة الأولى مفاجئة، وكانت الانتفاضة الثانية ارتفاعا لدرجة المقاومة العنيفة وتميزت بأعمال انتحارية وبإرهاب.. وفي مقابلة هاتين الانتفاضتين، للانتفاضة الحالية وسائل أخرى: فهي تستعمل وسائل مقاومة شرعية – مظاهرات غير عنيفة، وأنباء إلى وسائل الإعلام والقطيعة، لكن التهديد المركزي للدولة هو الائتلافات الجديدة والقوية التي تنسج بين اليهود والفلسطينيين والدوليين، لم يعد يوجد جواب واضح لسؤال من هو العدو، وأين يمرّ الخط الذي يفصل بين “نحن” و”هم”.. لم ينجح سور الفصل في تقسيم العداوة إلى مناطق جغرافية، فالعدو اليوم في الداخل والخارج، وهو متملّص وأشد ثباتا”.
  • الرأي السابق تشاركها فيه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وتتوقّع حدوثها داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وفي الضفة الغربية، كما ترى أيضا أن حدوث الانتفاضة الثالثة مسألة وقت فقط، لأن هناك وقودا وغضبا بين المواطنين الفلسطينيين ينتظر الشرارة لينفجر، لذلك على الأجهزة الأمنية الإسرائيلية البدء بردع سكان الـ 48 وجمع معلومات استخباراتية عنهم قبل أن يفوت الأوان. من ناحية أخرى يرى بعض القادة الأمنيين الإسرائيليين أن إهمال الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة للسكان الفلسطينيين داخل إسرائيل سيؤدي إلى وضع ينتفض فيه سكان أراضي 48 من الفلسطينيين ضد إسرائيل، لأن الحكومات الإسرائيليه أهملت تلك المناطق من مشاريعها البنيوية، منذ قيام إسرائيل حتى يومنا هذا.
  • على العموم هناك قلق وانزعاج إسرائيلي من الانتفاضة الشعبية الثالثة المتوقّعة، ظهرت من خلال تلك التهديدات التي وجهتها سلطات الاحتلال للسلطة الفلسطينية، فقد نقلت صحيفة “هآرتس” الأيام الماضية عن مصادر فلسطينية قولها “إن إسرائيل بعثت برسائل تحذير إلى السلطة الفلسطينية في رام الله، تطالب فيها بلجم المظاهرات الشعبية التي تندلع في الضفة، ومنع توسّع المظاهرات إلى مواجهات عنيفة، ووقف ما أسمته بـ “التحريض” الذي تزامن مع المواجهات العنيفة التي وقعت في القدس، وجاء في رسائل التحذير أنه “في حال لم تفعل السلطة على لجم المظاهرات، فإن ذلك سيؤدي إلى المس بتعاون إسرائيل مع السلطة، وزيادة الحملات الاعتقالية في داخل المدن الفلسطينية”.
  • هكذا تشير المعطيات إلى بزوغ نجم الانتفاضة الثالثة، وهو ما يطرح السؤال التالي: ماذا أعددنا لها؟ والسؤال هنا مؤسس من تجربتنا من خلال عمليّة السلام، التي انتهت بنا إلى حذف مصطلح العدو الصهيوني من قواميسنا السياسيّة في إطار عملية مقصودة من الذين ابتلينا بهم في عملية صنع القرار في معظم دولنا العربية، ضمن ما اعتقدوه حقا أو باطلا سلاما بيننا وبين الكيان الإسرائيلي، حيث لم تعد هناك مبالاة بالبحث عن عدو، مع أن جميع الحضارات قامت بالأساس على خلفية وجود أعداء حقيقيين أو وهميين، وأهم أولئك الأعداء هو الجهل، وغياب العدو يؤدي إلى التراجع والانهزام ودخول عناصر جديدة في مجال الصراع، كأن يتحول أصحاب القضية إلى أعداء فيما بينهم، وهذا ما حدث ويحدث للفلسطينيين اليوم، مع أن تضحياتهم منذ العقد الثاني من القرن الماضي مسجّلة في كتب التاريخ، لذلك ظلت قضيتهم حيّة.
  • بناء عليه لن يكون في مقدور أي طرف مهما أوتي من قوة أن يدفعهم للتنازل عنها حتى لو كان منهم، لهذا يرفض العقلاء طرح السلطة الفلسطينية في المفاوضات مع العدو هذه الأيام من منطلق القبول بما تقرره إسرائيل أو القبول بشروطها، خاصة وأن موقفها المتمثل في مزيد من التنازلات قائم على فكرة المرجعية العربية، وقرارات الجامعة العربية وخيار العرب للسلام من خلال مزيد من التنازلات.. البديل عن هذا كلّه هو الفعل الجهادي، عبر انتفاضة ثالثة، تراها إسرائيل وشيكة، ويتجاهلها المفاوض الفلسطيني، مع أنها يمكن أن تعبّد الطريق إلى الوحدة الفلسطينية.

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!