-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بأسهم بينهم شديد.. يكفي أن نعلم!

بأسهم بينهم شديد.. يكفي أن نعلم!

بدا لأول مرة منذ تأسيس الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، أنه كيان غير متجانس سياسيا ودينيا وطبقيا. لم تعد تلك الصورة عنه، بأنه وحدة متراصة غير قابلة للتصدع، قائمة. كل المؤشرات اليوم تبيّن أنه قابل للتفكّك في وقت قصير إذا ما تعرض للضغط الكافي، إن لم نقل أنه قابل للانهيار.

لقد بات واضحا أن القوة العسكرية والدعم الغربي واستخدام كافة أساليب الإرهاب والترهيب هي الوحيدة التي كانت تجعل منه يبدو ـقبل الطوفانـ وحدة متجانسة ينبغي أن نحسب لها ألف حساب.

أما اليوم، فقد اتضح، أن لديه نقاط ضعف قاتلة لم نكن نراها من قبل. تكفي كدليل واضح تلك التي كشفت عنها المقاومة اليمنية في البحر الأحمر والبحر العربي، بأقل الوسائل أحدثت أكبر تهديد للكيان وللقوى الكبرى مجتمعة، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا، وهذا ليس بالأمر الهين أو بالمؤشر الذي ينبغي ألا نهتم به، بالعكس تماما، إنه مع مؤشرات التّصدع الأخرى داخل القيادة والمجتمع الصهيوني، أدلة دامغة عن الطبيعة المستقبلية للصراع في المنطقة، الذي لن يكون في قادم السنوات كما كان قبل “الطوفان”. كل المعادلة ستتغير، ومعها ستتغير السياسات الداخلية والخارجية وبخاصة سياسات الدفاع والرّدع.
ويتأكّد لنا هذا عندما نسعى لجمع كافة الإشارات الدالة على تبدّل الوضع من داخل المجتمع الصهيوني منذ ما قبل “الطوفان” وإلى غاية اليوم. فماذا نرى؟
لقد تابعنا جميعا بداية التفكّك الحاصل بين الحكومة والجيش الصهيوني فيما عرِف بالصراع حول المحكمة العليا أو محاولة حكومة النازي “نتنياهو” إعطاء الأولوية للسلطة التنفيذية على التشريعية لتنفيذ البرنامج الذي يريد، كما تابعنا سلسلة العصيان داخل الجيش الصهيوني ذاته بسبب هذه المسألة، ناهيك عن الغليان في الشارع الذي لم يتوقف لعدة شهور سبقت “الطوفان”، وكذلك تزايد تطرف المتطرفين اليهود الذين توهّموا قرب سيطرتهم النهائية على المسجد الأقصى ونفخوا في البوق أياما قبل “الطوفان”، كما تابعنا زيادة انفصال تكتلات اليهود الأرثودوكس عن باقي المجتمع الصهيوني الذي يصنّف نفسه باللائكي، ويعتبر نفسه الأجدر بقيادة الكيان..
كل هذه الإرهاصات، باتت تتجلى اليوم في شكل صراعات لا تستطيع وسائل الإعلام العبرية تغطيتها، ولولا عمليات التدمير الهمجية الواسعة التي يرتكبها سلاح الجو الصهيوني في القطاع، في محاولة للظهور بمظهر المنتقم لهزائم عسكره الميدانية، لتفكّكت العرى التي تربط الدوائر الحاكمة في الكيان بسرعة أكبر مما نتصور، ولدخلنا في مرحلة بداية النهاية للاحتلال..
وبرغم ذلك، فإن القوة الذاتية الكامنة لدى الفلسطينيين والثمن الباهظ الذي مازالوا يدفعونه لحد الآن بيّنت جميعها، أن القضية الفلسطينية مازالت حية وقيام الدولة الفلسطينية على الأرض المحرّرة، على الأقل، ليس حلما بعيد المنال.. يكفي أن تراجع السلطة الفلسطينية الحالية مواقفها من الاحتلال وتتخلى عما يسمّى بالتنسيق الأمني، لكي تعم الثورة باقي الأراضي الفلسطينية شاملة كل الضفة الغربية وحتى الأراضي المحتلة منذ سنة 1948، وعندها سيصبح الأمر مختلفا عما هو عليه الآن تماما، وسيتم تحييد سلاح الجو الصهيوني تحييدا كاملا.. فلا إمكانية لضرب الضفة الغربية بنفس طريقة ضرب القطاع.
ولعل هذا ما يخيف الإدارة الصهيونية الحالية، ويزيد من حدة الصراعات فيما بينها. يكفي أن نشير إلى فئة اليهود الحريديم (1.3 مليون نسمة) الذين باتوا يتظاهرون ضد فرض التجنيد الإجباري عليهم، لتغطية العجز الصهيوني على الجبهة في مواجهة المقاومة في غزة، وإلى المجموعة الأخرى من الحريديم المعروفة بجماعة “ناطوري كارتا” التي لا تعترف، وهي داخل الكيان، بوجوده وتتظاهر ضد ما يعرف بدولة “إسرائيل” كما في القدس وفي نيويورك وغيرها من العواصم.. تكفي هذه الإشارة لنعرف أنهم، وإن بدوا من خارج العلبة وحدة متجانسة، هم في واقع الأمر فرق وأحزاب متصارعة بأْسهم بينهم شديد… يكفي أن نعلم ذلك، لتتّسع أمامنا مساحة الأمل في نصر قريب بإذن الله…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!