-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نجم الدراما السورية الممثل عباس النوري لمجلة الشروق العربي

باتنة لمست فيها الناس المخلصين والمرتبطين بالحضارة أكثر من غيرهم من الشعوب

طارق معوش
  • 1167
  • 0
باتنة لمست فيها الناس المخلصين والمرتبطين بالحضارة أكثر من غيرهم من الشعوب
تصوير: عبد الكريم شنيقل

هو نجم من نجوم العصر الذهبي للدراما السوريّة، سطع اسمه بقوّة في سماء الفنّ، وترك بصمته في الساحة الفنيّة العربيّة.. هو فنان ومثقّف، يعتبر أنّه لا توجد قوّة على الأرض إلا قوّة الثقافة، مؤكّدا أنّها إذا حضرت فسترسّخ وجودها وتتفوّق حتّى على القنابل الذريّة إن وجدت.

اشتهر منذ سنوات بشخصيّة “أبو عصام” في المسلسل الشهير “باب الحارة”. ومن أعماله التلفزيونيّة، كذلك “ليالي الصالحيّة” و”على حافّة الهاوية” و”الاجتياح”… إنّه الممثل والكاتب والمخرج السوري عبّاس النوري، الذي تحدثنا إليه خلال زيارته إلى الجزائر، في إطار مهرجان إمدغاسن السينمائي الدولي، حول مواضيع مختلفة في الحوار التالي:

الشروق: غبت عن الجزائر لفترة، ما سبب ذلك؟

– أنت تعلم أن وقت الفنان ليس ملكه. ففي أغلب الأوقات، هو في حالة تصوير أو سفريات بين البلدان.. ولكن هذا لا يمنع أني رحبت بدعوتي إلى الجزائر، وسعيد جدّا، ليس بتكريمي بهذا المهرجان فقط، بل بزيارتي باتنة، التي لمست فيها الناس المخلصين والمرتبطين بالحضارة، أكثر من غيرهم من الشعوب. أضف إلى هذا، أن الجزائر ككل، مازالت محتكة بالثقافة الأوروبيّة. وهي إلى حدّ الآن، الأجرأ ثقافة على تصدّر المشهد الثقافي العربي، خاصة في هذا الزمن الذي نحن في حاجة فيه إلى تحويل وزارات الثقافة العربية إلى وزارات حربيّة لمواجهة الاعتداء الآتي من تاريخنا، الذي لم نستطع قراءته بجرأة ونأخذ منه مواقف تقوم على تحليل منطقي، وتهميش كل المقدسات التي لا يمكن الحوار معها.. الجزائر تجرأت على إقامة هذا الحوار، وتجرأت حتى على التصدي لبعض التشريعات التي استحكمت المجتمع العربي المسلم حتى الآن.. الجزائر اليوم في صدارة المشهد الثقافي العربي، وأتمنى لها الخير دائما، وهي جديرة فعلا بالثقة، لأنها تتجه نحو مستقبل مليء بحقوق الإنسان والحريات والعدالة الاجتماعيّة.

أنا وإن غبت عن الجزائر، فإنّني أتابع أخبارها بدقة شديدة، وهي تجذب الانتباه دائما، بكل ما فيها.

الشروق: أنت مطّلع على الساحة الثقافيّة الجزائرية، فهل تشاهد أعمالا جزائرية سواء دراميّة أم سينمائيّة؟

– في الحقيقة، أنا مطلع على بعضها وليس جميعها، رغم أنني أتمنى أن أطلع على جميعها، وإن كانت اللهجة في بعض الأحيان تقف عائقا، لكنها عائق غير أساسي ويمكن تجاوزه..

الشروق: بعد سنوات من الثورات العربيّة، كيف ترى الساحة الثقافيّة العربيّة اليوم؟

– سؤال ذكي وصعب في نفس الوقت، لأن الإجابة عنه تتطلب الدخول في مساحة حقيقيّة للبحث والاكتشاف والاجتهاد، وقراءة كل مشهد ثقافي داخل كل بلد عربي، لنرى استحقاقه وامتحانه أمام كل هذا التحدّي، الذي حصل مما سمّي ثورات أو ربيعا عربيا.. ولهذا حبذا لو نغير الموضوع..

أحفادي أعادوا لعمري مفهوم الطفولة.. وأعادوا في شخصيتي إنتاج الطفولة

الشروق: تحصلت على العديد من التكريمات خلال مسيرتك الفنيّة، وها أنت اليوم تكرّم بمهرجان إمدغاسن السينمائي، فماذا تعني التكريمات لعباس النوري؟

– المهرجانات بحد ذاتها لا تثير اهتمامي في طابعها الدعائي الطاغي، بقدر ما أهتم فعلاً بمدى الاستحقاق نفسه، وأقرأ اختياري خشية أن أكون محسوبا على خيارات غير مستحقة ولا تعبّر عن جدارتي.. قدمت سابقا جائزتي الأخيرة في الجزائر إلى جميع الفنانين السوريين الذين اضطروا إلى الهجرة والخروج من سوريا، وبأي سبب كان، حتى لو كان سياسياً، إلا أنني مازلت ألوم البعض لتقديم السياسة في حياته على الثقافة وهي الأهم دون نقاش.

الشروق: لمَ أنت مبتعد عن الدراما الاجتماعية؟

– لم، ولن أبتعد عن الدراما الاجتماعية، ومازلت أميل إليها بالدرجة الأولى، وأفضلها عن غيرها، مشترطاً جرأة الطروحات، وجرأة مماثلة في تناول حياة الناس، فأنا كممثل لا أراهن إلا على الأعمال الاجتماعية، وأعدّها امتحاناً حقيقياً لقدرة الممثل على إنتاج شخصيات متعددة أكثر شبهاً بالحياة، وقانوني الذي أسير عليه هو أني كلما ازددت شبهاً بالحياة كنت أقرب إلى الإقناع والنجاح معاً.

الشروق: ابنك درس الإخراج السينمائي في أوروبا وأمريكا، والكل يتحدث عن موهبته، ما السبب أنه لم ينل فرصته حتى الآن؟

– ميّار لم يدرس بالوساطة، بل درّس على حسابه في أهم دولة صانعة للسينما والفنون، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، وحصل على بكالوريوس في السينما وماجستير في صناعة الأفلام وماجستير آخر في الإخراج السينمائي، وبرأيي الشهادات ستبقى ضمن براويز حائط غرفته ما لم يخرج بعمله إلى أرض الواقع، ولا أميز ابني إلا بالمحبة وتميزه في هذه المهنة يأتي من جهده فقط وليس من محبتي له.

الشروق: حدثنا عن عباس النوري الجد؟

– أحفادي أعادوا لعمري مفهوم الطفولة، وأعادوا في شخصيتي إنتاج الطفولة، وبت أحلم وأطمع في العيش أكثر مثل الطفل. الحفيد يضعك أمام نفسك أكثر. أرى طفولتي بهم وأحلم لو كنت حفيد نفسي لعملت على إعادة إنتاج الطفولة لشخصيتي وأنا جد.

دخولي إلى عالم “السوشيال ميديا” كان بإرادتي

الشروق: لو عاد الزمن بك إلى الوراء؛ فهل تعيد الخيارات الفنية نفسها أم تتخلى عن قسم منها؟

– الزمن لا يعود، ولو عاد فسأعيد الخيارات نفسها؛ لأني سأكون في المحطة الزمنية نفسها التي سمحت لي بأن أختار هذا الخيار أياً كان، ففي النهاية هي تجارب مررت بها، وكان لابد من أن أمر بها حتى أتعلم فأختار التعلم دائماً، وأن أعيد التجارب كلها.

الشروق: هل تعتقد أن جمال الشكل ودراما العضلات طغت على فن التمثيل في الوقت الحالي؟

– نرى ذلك في الدراما التي تسمى مشتركة، لكن للأسف هي تشترك بكل شيء إلا في مقاربتها للحياة، فهي ما زالت بلا بيئة حقيقية لأحداثها وحكاياتها، وهي ذات بيئة مفترضة أما بيئتها الوحيدة فهي الاقتراح السياحي؛ لذلك تجد شخصياتها أقرب للموديل منها للحياة.

الشروق: نرى الكثير من ملكات الجمال والمشاهير يدخلن عالم التمثيل، هل برأيك يمكن أن تستمر هذه الظاهرة؟

– تستمر في حال استمر الابتعاد عن كتابة الحياة كما هي. الجمال مطلوب في الدراما عند لزومه، أما ألا يظهر من الفن إلا الوجه الجميل؟ فأنا متبرع وعلى حسابي الشخصي لتقديم عدد من البراويز اللازمة؛ لتعلق على جدران بيوت الممثلات المكتفيات بالجمال وحده دون غيره. فهذا الجمال يلزم هذه الجدران فقط وليس الشاشات.

الشروق: ما السر وراء دخولك “السوشيال ميديا”، هل هو قناعة أم للتماشي مع متطلبات المرحلة؟

– دخولي إلى عالم “السوشيال ميديا” كان بإرادتي؛ لأن هذا المنبر أتعامل فيه مع قناعاتي وحياتي وأفكاري، وكل القضايا التي تهمني ولا يهمني أن أكون “ترند”، ولا أفكر بطريقة الباحث عن متابعين؛ فأقدم نفسي بشكل حقيقي خارج الاعتبارات المزيفة، وحالياً ربما أنا كسول وغير نشيط على حساباتي، ولكن أعلم أن أكون كما أنا وحقيقي عندما أنشر أي شيء.

ما قدمه بسام الملا من فرجة بأعماله الشامية فاق به أساتذته.. رحمه الله

الشروق: صنع الراحل بسام الملا ما سمي بدراما “البيئة الشامية”؛ فهل ترى بأن هذه التجربة فتحت الباب واسعاً للدراما السورية بمختلف صنوفها؟

– بالتأكيد، ولا يمكن إنكار ذلك. بسام الملا قدم اجتهاده دونما احتراف وصناعة مقصودة كان مخرجاً يمثل، ويتمثل كافة شخصيات أعماله ويحس بها من دون استثناء، إضافة إلى كونه يمثل جيلاً مختمراً بالعمل التلفزيوني وكواليسه، ولعل أنجح ما فيه كان حسن إدارة علاقاته بالوسط الفني المليء بالتعقيدات والأمزجة والطموحات المختلفة لأكثر من ممثل وممثلة، فقد كان ينتصر لشغفه قبل حسم خلافاته. وتجاربه حتماً فتحت آفاقاً جديدة

لصناعة الصورة التلفزيونية من جديد، وهذا ما ظهر في أعماله الأخيرة، وإن لم يسعفه الحظ بإكمالها بسبب المرض. تستطيع القول من دون مواربة إن ما قدمه بسام الملا من فرجة بأعماله الشامية فاق بها أساتذته، وكان استثنائياً رحمه الله.

الشروق: نجاح شخصية «أبوعصام» فى مسلسل باب الحارة.. هل جعلك ترفض أعمالا بعدها؟

– الكلام صحيح، لأن نجاح الشخصية كان كبيرا إلى درجة أنني لم أتوقعه، والعمل حقق نجاحاً كبيراً جداً، وكأي نجاح يجعل الفنان يفكر جيدا في ما يقدم بعده، والمسلسل بالفعل حقق شهرة كبيرة على مستوى الوطن العربي والعالم، لأنه ترجم كثيراً لأكثر من لغة. فعندما أذهب إلى أي دولة عربية أجد الناس تناديني “أبوعصام”، وخير دليل، هنا بالجزائر، رغم أن العمل مر عليه سنوات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!