الرأي

بارعون في التخوين!

رشيد ولد بوسيافة
  • 1583
  • 3
ح.م

بعيدا عن ردود الفعل المتباينة إزاء قانون المحروقات الجديد الذي أحيل على البرلمان من أجل المصادقة عليه، ودون الخوض في المبرّرات التي قدمتها الحكومة لتمرير هذا القانون المثير للجدل، ودون الخوض في الدوافع السياسية التي تجعل بعض النواب يعارضه إلى درجة أن أحدهم قال “لو عاد الشهداء لقاموا بذبحنا جميعا والبداية بأفضلنا”.

وبعيدا كذلك عن بعض التصريحات المتطرفة الصادرة عن مراهقي السياسة أمثال رشيد نكاز الذي هدد كل نائب يوافق على قانون المحروقات الجديد بالقتل، وبعيدا عن ما يقال هنا وهناك عن تخوين كل من يساند هذا القانون أو يدافع عنه، فإن الموقف الموضوعي من هذا القانون هو أنه لا الوقت وقته، ولا الحكومة الحالية مؤهَّلة لتفصل في ملف ثقيل كهذا، ولا البرلمان الحالي الذي وُلد من رحم العصابة مؤهَّل للتصويت عليه.

صحيح أن الكثير من المغالطات تم ترويجها حول هذا القانون خلال الأشهر الماضية، وصُوِّر الأمر كأن الحكومة تسعى إلى تقديم تنازلات كبرى إلى الشركات الأجنبية، وهناك من يقول إن هذا القانون هو نتاج صفقة كبرى عُقدت مع دول كبرى، وما إلى ذلك من التكهنات، غير أن النّص الذي وصل إلى الصحافة أخيرا لم يحمل شيئا مما قيل.

ومع ذلك؛ فإن إحالة القانون على البرلمان قبل أقل من شهر وبضعة أيام على الانتخابات الرئاسية، واستعجال التصويت عليه يثير الشكوك والتخوفات، على الرغم من التطمينات الصادرة عن خبراء الاقتصاد الذين يؤكدون أنه ضروري لاقتصاد الجزائر الذي يعاني منذ سنوات، وأن النص السابق لم يعد يحقق الأمن الطاقوي للجزائر في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها العالم.

لذلك، فإنه من حق المعارضين لهذا القانون المطالبة بفتح حوار شامل وتنظيم استشارات موسعة مع الخبراء وممثلي المجتمع المدني قبل الذهاب إلى اعتماد النص والتصويت عليه في البرلمان، وبهذه الطريقة يمكن وقف كل التأويلات التي قيلت بشأنه، ومن واجب النواب في البرلمان أن يستمعوا إلى جميع الآراء والتصرُّف بمسؤولية مع هذا القانون المثير للجدل.

إن المشكلة الأكبر التي نواجهها جميعا أننا استغرقنا في تخوين بعضنا البعض وتبادل الاتهامات بالعمالة والتنازل للأجانب، وهمَّشنا الحوار مع بعضنا البعض لتجاوز الخلافات ولعل السلوك القاصر للحكومة وراء ما حدث؛ إذ أنها قدمت المشروع للمصادقة في مجلس الوزراء، ثم البرلمان دون أدنى جهد لطرحه على طاولة النقاش وكأن الأمر لا يهم مستقبل البلاد وأمنها الطاقوي.

مقالات ذات صلة