الرأي

بدل يوم النكبة.. يوم الأمل

محمد سليم قلالة
  • 1899
  • 5

قامت فرنسا بتغيير أسماء مئات المدن والبلدات الجزائرية أثناء الحقبة الاستعمارية ظنا منها أنها باقية إلى الأبد في هذا البلد، فأصبحت جانت Fort Charlet وذراع بن خدة Mirabeau والمرسى Jean-Bart وأم البواقي Canrobert وراس الواد Tocqueville وقايس Edgar Quinet والحمّادية Victor-Hugo وخميس الخشنة Fondouk وأزفونPort-Gueydon … وهكذا بالنسبة لكل مكان ظنت أنها استعادت أمجاد روما به… ومرّ أكثر من قرن وربع قرن، وتم ترسيخ هذه الأسماء الجديدة في الكتب قبل الأذهان، وساد اعتقاد أن التاريخ قد سجل هذا إلى غير رجعة… فإذا برياح التغيير تهب ذات يوم.. ويبدأ كل مكان يعود إلى أصله وإن بقيت بعض الأسماء لم تمحها الأيام بعد…

وبنفس المنهجية الاستعمارية قام الكيان الاسرائيلي بتهويد أكثر من مدينة ومكان في فلسطين، فأصبحت بئر صوفة “كيبوتس حتسريم”، وأبو سلام “جفعات سيليد”، وبيرالشقوم “بني يهودا”، ونابلس “شخيم”، والخليل “هبرون”، والقدس “أورشليم“…الخ، وتم تحويل أبواب القدس إلى العبرية فأصبح باب المغاربة “شاغر هأشفا”، وباب النبي داوود “باب صهيون”، وباب الرحمة “شاغر هرحميم”، وباب الخليل “شاغر يافو”، وهكذا إلى كل الأبواب الأخرى وكل المدن والبلدات التي تم تهجير سكانها منها قسرا منذ 66 سنة خلت…

ولعلّ الكثير من العرب والمسلمين اليوم قد يئسوا بأن تستعيد هذه الأماكن أصالتها، بل أكدوا جازمين أن كل فلسطين قد ضاعت وأن لا أمل في استعادتها أو عودة أهلها أو فك أسرها وأسر أبنائها… فما بالك بعودة أسماء مدن أو أبواب هنا وهناك..

لقد يئسوا لأن 66 سنة مرّت على النكبة أول أمس، واعتقدوا بأنه قد قُضي الأمر وفات الأوان وتقطعت السبل بكل لاجئ وأسير ولم يعد هناك بد من الاستسلام والنسيان …

فهلاّ تذكروا أن الاستعمار الفرنسي بعد 66 سنة من أول يوم غزا فيه بلادنا كان قد احتل كل الأرض وشرد كل الشعب، وقضى على كل الثورات والزعامات… ومع ذلك لم ييأس الشعب الجزائري؟

هلاّ تذكروا بأن الاستعمار الاستيطاني الذي يستهدف الأرض والشعب والحضارة اليوم في فلسطين قد استهدفها جميعا قبل أكثر من قرن في الجزائر بنفس الأدوات والأساليب وفشل…؟

هلاّ تذكّرت عائلات الشهداء والأسرى واللاجئين والمشردين والصامدين في الداخل كم ضحت الجزائر وكم قاومت وكم صمدت وكم ضحت لتستعيد الحرية والكرامة وتستعيد أسماءها من جديد؟ هلاّ حوّلت يوم النكبة من يوم حزن على ما فات إلى يوم آمل في ما هو آت… 

مقالات ذات صلة