الرأي

برلمان “الكادنات” يتحدث عن التعليم!

قادة بن عمار
  • 1755
  • 8
أرشيف

“مُضحك مُبكٍ”، أن يُخصِّص البرلمان يوما كاملا حول “مدرسة الجودة آفاق 2030″، أي بعد 11 سنة ونحن لا نعلم ما الذي سيحدث في البلد العام المقبل حتّى!؟
كيف لبرلمان أغلق أبوابه بـ”الكادنات” والسلاسل ومارس الديمقراطية بالبلطجة كما طرد النواب فيه “رئيسهم” شرّ طردة بل وتوعدوه بالضرب إذا ما اقترب من مكتبه، كيف لبرلمان مثل هذا أن يتحدث عن العلم والعلماء وعن التربية والأخلاق وعن الأدب؟!
الوزيرة بن غبريط، تكلمت عن ارتفاع نسبة تمدرس الأطفال، وكأنها تتحدث عن ربط المنازل بالغاز والكهرباء، فتباهت بنسبة 98 بالمائة من المتمدرسين، دون أن تحدثنا عن مستوى التعليم وكيف بات هؤلاء الأطفال يفرّون من مقاعدهم لتحصيل العلم في المستودعات والشقق المستأجرة؟!
الحقيقة الوحيدة التي اعترفت بها السيدة بن غبريط هي قولها إن هنالك تدنيا غير مسبوق في مستوى التلاميذ وأن ارتفاع نسبة التمدرس لا يعني ارتفاع مستوى التعليم، وهو كلام صحيح تمنينا لو أن الوزيرة أعقبته بالحديث عن الأسباب؟ وما الذي فعلته لتجنبها وتفاديها بعد 5 سنوات منذ توليها المنصب؟ بدلا من رمي الكرة في مرمى الأساتذة مرة أخرى والحديث عن صعوبة في تطبيق المناهج؟!
الغريب، أن رئيس البرلمان معاذ بوشارب، وبدلا من نقد الوضع العام والرداءة المتفشية، جاء خطابه بعيدا عن الواقع تماما وأظهر مرة أخرى أن هذا المجلس لا يملك من صفة الانتماء إلى الشعب سوى الاسم، بل هو “حكومي أكثر من الحكومة” وإلا كيف نفسر تثمينه لكل الإصلاحات التي قامت بها بن غبريط في قطاعها، علما أن الوزيرة اعترفت قبل فترة بأن الإصلاحات توقفت بقرار من رئيس الجمهورية حتى يتسنى مناقشتها مرة أخرى، وأبرز تلك الإصلاحات ما تعلق بالبكالوريا ومحتوى الكتب الدراسية!
الواقع، أن البؤس الذي عليه الحكومة لا ينافسه سوى بؤس البرلمان، وإلا كيف نفسر قدوم معظم النواب الذين شاركوا في هذا اليوم الدراسي، وفي أيديهم رسائل وطلبات خاصة إلى الوزيرة ومستشاريها من أجل إنهاء مشاكل شخصية وقضاء مآرب ذاتية، لا علاقة لها بواقع المواطنين وبحال التلاميذ والأولياء عموما؟!
مثل هذه الأيام الدراسية التي يتم عقدها في البرلمان وزيادة على كونها تمثل تبذيرا للمال العام في زمن التقشف، فهي تبذير للوقت أيضا، الوقت الذي لا يمكن تعويضه ونحن نجترّ الكلام ذاته منذ سنوات ونعيد الخطابات بكل عيوبها، ثم نمنّي النفس بأنها قابلة للاستهلاك أكثر وأكثر دون الانتباه إلى أننا نُضيّع على البلاد والعباد المزيد من السنوات، ونغتال التعليم ونتآمر على المدرسة ونصادر مستقبل جيل بأكمله.

مقالات ذات صلة