الرأي

بصوت واحد‮: ‬آمين‮…‬

محمد سليم قلالة
  • 2418
  • 8

كان إمامنا‮ ‬يدعو في‮ ‬آخر كل صلاة‮: ‬أن اللهم انصر إخواننا في‮ ‬فلسطين على أعدائهم الظالمين‮.. ‬اللهم انصر إخواننا‮ ‬في‮ ‬العراق وأفغانستان والبوسنة على جنود العدو المحتلين،‮ ‬اللهم مكِّنهم من أسباب القوة والمَنعة لتحرير بلادهم في‮ ‬الطريق نحو تحرير بيت المقدس رمز قوة ووحدة المسلمين‮.. ‬وكُنَّا نردد بعده بصوت واحد‮: ‬آمين‮.‬

ومرت سنوات ولم‮ ‬يعد إمامنا‮ ‬يكتفي‮ ‬بأفغانستان والعراق والبوسنة،‮ ‬بل أصبح‮ ‬يضيف إلى قائمته في‮ ‬كل مرة أرضا من أراضي‮ ‬العرب والمسلمين‮..‬

اشتعلت النيران في‮ ‬سورية فأضاف لدعائه اللهم أحقن دماء إخواننا في‮ ‬الشام‮. ‬واشتعلت في‮ ‬اليمن فأضاف إلى الشام عدن وصنعاء،‮ ‬ثم اشتعلت في‮ ‬مصر والسودان فأضاف للأولين كامل بلاد حوض النيل،‮ ‬ثم اشتعلت في‮ ‬ليبيا فأضاف بنغازي‮ ‬وطرابلس وفزان،‮ ‬ثم في‮ ‬مالي‮ ‬ونيجيريا ووسط افريقيا وبوروما والصومال فأضاف كل هؤلاء‮… ‬ثم خاف أن‮ ‬ينسى هذه البؤرة المشتعلة أو تلك في‮ ‬بلاد المسلمين،‮ ‬فأضاف إلى دعائه جملة شاملة مانعة لا‮ ‬يلومه عليها أحد‮: ‬اللهم احقن دماء إخواننا المسلمين في‮ ‬كل مكان‮. ‬وقلنا‮: ‬آمين‮…‬

وكأننا لم ننتبه أنه لم تبق نقطة في‮ ‬عالمنا الإسلامي‮ ‬مشرقا أو مغربا لم تشتعل فيها النيران،‮ ‬وكأن كل نزاعات العالم إنما وجدت هكذا صدفة،‮ ‬من‮ ‬غير تخطيط وتدبير،‮ ‬فقط حيث‮ ‬يعيش المسلمون‮. ‬وكأن هناك من‮ ‬يعمل في‮ ‬السر والعلانية أن لا‮ ‬يعيش هذا العالم في‮ ‬أمن وأمان دون بقية الخلق أجمعين‮. ‬ونحن في‮ ‬غفلة من أمرنا نكتفي‮ ‬بقول‮: ‬آمين‮.‬

ننتظر بعد كل صلاة،‮ ‬البلد أو المدينة أو الأقلية التي‮ ‬سيضيفها إمامنا إلى الدعاء،‮ ‬ونكرر في‮ ‬كل مرة عبارة آمين‮… ‬ولم ننتبه أيضا،‮ ‬وقد صرنا إلى هذه الحال،‮ ‬أننا قد استبدلنا عبارة اللهم انصر إخواننا،‮ ‬بعبارة اللهم أحقن دماء إخواننا‮. ‬ولم ننتبه ربما للمرة الألف،‮ ‬أننا بعد أن كُنَّا نرجو النصر على عدو خارجي‮ ‬أصبحنا نتطلع إلى وقف الاقتتال مع الأخ أو الجار الداخلي،‮ ‬وأننا في‮ ‬غمرة كل هذا نسينا فلسطين‮.‬

لقد أصبحت قضية مثل كل القضايا،‮ ‬كلمة تضاف إلى باقي‮ ‬الكلمات،‮ ‬مثلها مثل سورية والعراق ومصر وليبيا واليمن‮… ‬تمكَّن‮ ‬غيرنا من أن لا تبقى قضية مركزية توحدنا وتصنع وعينا،‮ ‬ثم تمكنوا من أن‮ ‬يتحول كل منا إلى الخوف على بلده،‮ ‬ثم على أهله،‮ ‬ثم على نفسه‮.. ‬ولعله اليوم أصبح‮ ‬يخشى أن‮ ‬يكون أول من سيضيفه الإمام إلى قائمة الذين سيقول الناس لأجلهم‮: ‬آمين‮..‬

اللهم ارفع عنا هذه الحال في‮ ‬هذا الشهر الكريم‮: ‬آمين‮… ‬

مقالات ذات صلة