بصوت واحد: آمين…
كان إمامنا يدعو في آخر كل صلاة: أن اللهم انصر إخواننا في فلسطين على أعدائهم الظالمين.. اللهم انصر إخواننا في العراق وأفغانستان والبوسنة على جنود العدو المحتلين، اللهم مكِّنهم من أسباب القوة والمَنعة لتحرير بلادهم في الطريق نحو تحرير بيت المقدس رمز قوة ووحدة المسلمين.. وكُنَّا نردد بعده بصوت واحد: آمين.
ومرت سنوات ولم يعد إمامنا يكتفي بأفغانستان والعراق والبوسنة، بل أصبح يضيف إلى قائمته في كل مرة أرضا من أراضي العرب والمسلمين..
اشتعلت النيران في سورية فأضاف لدعائه اللهم أحقن دماء إخواننا في الشام. واشتعلت في اليمن فأضاف إلى الشام عدن وصنعاء، ثم اشتعلت في مصر والسودان فأضاف للأولين كامل بلاد حوض النيل، ثم اشتعلت في ليبيا فأضاف بنغازي وطرابلس وفزان، ثم في مالي ونيجيريا ووسط افريقيا وبوروما والصومال فأضاف كل هؤلاء… ثم خاف أن ينسى هذه البؤرة المشتعلة أو تلك في بلاد المسلمين، فأضاف إلى دعائه جملة شاملة مانعة لا يلومه عليها أحد: اللهم احقن دماء إخواننا المسلمين في كل مكان. وقلنا: آمين…
وكأننا لم ننتبه أنه لم تبق نقطة في عالمنا الإسلامي مشرقا أو مغربا لم تشتعل فيها النيران، وكأن كل نزاعات العالم إنما وجدت هكذا صدفة، من غير تخطيط وتدبير، فقط حيث يعيش المسلمون. وكأن هناك من يعمل في السر والعلانية أن لا يعيش هذا العالم في أمن وأمان دون بقية الخلق أجمعين. ونحن في غفلة من أمرنا نكتفي بقول: آمين.
ننتظر بعد كل صلاة، البلد أو المدينة أو الأقلية التي سيضيفها إمامنا إلى الدعاء، ونكرر في كل مرة عبارة آمين… ولم ننتبه أيضا، وقد صرنا إلى هذه الحال، أننا قد استبدلنا عبارة اللهم انصر إخواننا، بعبارة اللهم أحقن دماء إخواننا. ولم ننتبه ربما للمرة الألف، أننا بعد أن كُنَّا نرجو النصر على عدو خارجي أصبحنا نتطلع إلى وقف الاقتتال مع الأخ أو الجار الداخلي، وأننا في غمرة كل هذا نسينا فلسطين.
لقد أصبحت قضية مثل كل القضايا، كلمة تضاف إلى باقي الكلمات، مثلها مثل سورية والعراق ومصر وليبيا واليمن… تمكَّن غيرنا من أن لا تبقى قضية مركزية توحدنا وتصنع وعينا، ثم تمكنوا من أن يتحول كل منا إلى الخوف على بلده، ثم على أهله، ثم على نفسه.. ولعله اليوم أصبح يخشى أن يكون أول من سيضيفه الإمام إلى قائمة الذين سيقول الناس لأجلهم: آمين..
اللهم ارفع عنا هذه الحال في هذا الشهر الكريم: آمين…