-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الخبير ومحلل شؤون الطاقة بغداد مندوش لـ"الشروق":

صفقة الإمارات مع “ناتورجي” مستعبدة وهذه هي الأسباب

حسان حويشة
  • 16743
  • 1
صفقة الإمارات مع “ناتورجي” مستعبدة وهذه هي الأسباب
أرشيف
الخبير والمحل بشؤون الطاقة، بغداد مندوش

شدّد الخبير والمحل بشؤون الطاقة، بغداد مندوش، على أن بيع الغاز الجزائري المسوّق في إسبانيا إلى المغرب، أمر مستبعد جدا حتى ولو تمت عملية استحواذ شركة “طاقة” الإماراتية على عملاق الطاقة الإسباني “ناتورجي”، وهذا ليس فقط لأسباب تعاقدية تمنع ذلك، ولكن أيضا بوجود حلول تقنية عبر مواد ملونة تضخ في أنبوب الغاز تكشف تفاصيل ومسار وجهته النهائية بدقة.
وذكر الخبير مندوش، الذي شغل مناصب سامية بـ”سوناطراك” سابقا، في تصريح لـ”الشروق”، أن عقد الشركة الوطنية للمحروقات مع “ناتورجي” الإسبانية يتميز بأنه طويل المدى ويستمر حتى عام 2030، مشيرا إلى أن من بنوده الواضحة هو أن الغاز المصدّر موجّه للسوق المحلية الإسبانية، وأي تغيير في وجهته يجب أن يحظى بموافقة مسبقة من طرف “سوناطراك”.
وعدّد المحلل مندوش جملة من الأسباب والعوامل التي ترجّح عدم إتمام هذه الصفقة، وإن حدثت، ستكون على مستوى محدود وليس مثلما عرضته “طاقة” الإماراتية بشراء مائة بالمائة.
وبخصوص مقترح شركة “طاقة” الإماراتية لشراء كامل أسهم “ناتورجي”، يشرح محدثنا أنه من الناحية المالية، يمكن أن يتم فقط بما يقارب 42 من الأسهم وليس مائة بالمائة، وهي حصة الطرف الإسباني فيها، بالنظر لوجود مساهمين أجانب، وهذا راجع، حسبه، لعدة أسباب، ما يجعل منها مساهما لا يتمتع بالأغلبية المطلقة، بالنظر لكون بنك “كايكسا” الإسباني هو مملوك في الأصل للصندوق الاستثماري الأمريكي العملاق “بلاك روك”، الذي يستثمر عبر العالم نحو 1000 مليار دولار.
ويوضّح الخبير مندوش كذلك، أن “ناتورجي” شريك لـ”سوناطراك” في خط أنابيب “ميدغاز” الرابط بين الجزائر وإسبانيا، وتحوز على 49 بالمائة من أسهمه، مقابل 51 بالمائة للطرف الجزائري.
وأضاف مندوش، أن هذا الأنبوب ما زال لم يحقق عوائد الاستثمار الخاصة به وليس من مصلح “ناتورجي” أن تنهي العقد الذي يربطها بـ”سوناطراك” للتموين بالغاز الذي يمتد إلى سنة 2030.
وعرج المتحدث على تعليمات أوروبية في مجالات الطاقة والكهرباء والماء والهاتف الثابت والنقال، تنص على أنه في حال وجود إسهام سيادي للحكومات في الشركات الناشطة في هذه القطاعات، يجب أن لا تتخلى عنها كليا خارج شركات وطنية.
وفي إسبانيا، يضيف مندوش، هناك مرسوم ملكي ينص صراحة على أن الحكومة الإسبانية تسهر في حال وجود صفقات مماثلة للعرض الإماراتي، في القطاعات الإستراتيجية المذكورة، حيث يمنح لها الحق في ممارسة الشفعة ولها الأسبقية لشراء هذه الأسهم، كما حدث مع “تيليفونيكا” للاتصالات، التي تلقت عرضا من أجانب، لكن الحكومة الإسبانية تدخلت طبقا لهذا المرسوم الملكي.
وعلّق بالقول: “في اعتقادي وفي أقصى الاحتمالات الممكنة، فإن الحكومة الإسبانية سوف تتدخل لشراء بعض الأسهم للشركتين الإسبانيتين المساهمتين في “ناتورجي” واللتين تريدان بيع أسهمهما، كي لا تسمح للطرف الإماراتي بشراء 41 بالمائة كاملة، لتكون بذلك مساهما لا يتمتع بالأغلبية المطلقة في مجلس الإدارة والجمعية العامة”.
وفي حال تم بيع كامل الأسهم وهي 41 للشركة الإماراتية، يشرح الخبير مندوش، فإن العقد الذي يربط بين “سوناطراك” و”ناتورجي” يبقى ساري المفعول إلى غاية 2030، وآنذاك، فإن الشركة مع المساهمين الجدد سيختارون تجديد العقد أو عدم تجديده.
وينص المرسوم الملكي رقم 571، وفق مندوش، الصادر في 2023، على منح الصلاحية للحكومة بدراسة عرض أي جهة أجنبية للدخول في شركة وطنية خاصة أو عامة نسبته أكثر من 10 بالمائة، وهو ينطبق على هذه الحالة المتعلقة بالعرض الإماراتي.
وعلّق قائلا: “أستبعد أن تتم بهذا الحجم، أي وفق ما تطلبه الشركة الإماراتية، وإذا حدث ذلك، سيكون عند 10 أو 15 بالمائة فقط”.
وحسب الخبير، فإن العقود الطويلة معروفة ببنود واضحة، وهي بند “خذ أو ادفع” وأيضا بند “الوجهة النهائية للغاز”، ولذلك، فإن الزبون مجبر، وفق محدثنا، على تسويق الغاز في السوق المحلية، ولا يمكن له بيع أو تحويل كميات منه خارج التراب الوطني المحدّد له، وإذا حدث ذلك، سيقود إلى التحكيم الدولي وتعويضات كبيرة جدا للجهة الممونة وهي “سوناطراك”.
وتطرق المحلل مندوش إلى أن “سوناطراك” وشركات مصدّرة للغاز يمكن لها التحقق من الوجهة النهائية للغاز المصدّر إلى سوق ما، على غرار السوق الإسبانية، بالتعاون مع شركات متخصصة لها إمكانات وتقنيات، من بينها ضخ مادة ملونة في أنبوب الغاز تحتوي على مكونات كيميائية معروفة ومحدّدة بدقة، ثم يتم التحقق من البلد الذي حصل شك في أن الغاز قد تم تحويله إليه، وفي حال وجود نفس الملون بنفس المواصفات الكيميائية، فهذا سيكون دليلا على إعادة بيع الغاز لغير وجهته المحدّدة.
ومن الأسباب التي قد تحول دون إتمام هذه الصفقة، ما تعلق بوضع السوق الغازية الدولية في أعقاب الحرب الروسية – الأوكرانية، وتحولها إلى سوق تتسم بالطلب وليس بالعرض.
وأشار إلى أن الجزائر لها مزايا تنافسية بوجود خطي أنابيب غاز نحو إيطاليا وإسبانيا، فضلا عن الناقلات والقرب الجغرافي من السوق الأوروبية، ما يعني، حسبه، أن الغاز الجزائري سعره منخفض مقارنة بما يأتي من أمريكا أو مناطق أخرى.
وخلص المتحدث إلى أنه وفق هذه المعطيات، وبما أننا في وضعية ليست سياسية بل اقتصادية تسيطر على سوق الغاز، فإن كل زبون سيدرس مصالحه الاقتصادية والمالية بعناية ودقة قبل تغيير قراره تجاه البلد الذي يمونه بالغاز.
ولفت الإطار السابق بـ”سوناطراك”، إلى أنه مثلما أشير إليه في المنتدى السابع للدول المصدّرة للغاز بالجزائر، فإن الطلب على هذا المصدر الطاقوي سيرتفع سنويا ويبقى مطلوبا إلى 2050 على الأقل.
وقال في هذا الصدد: “بالتالي، فإن الجزائر و”سوناطراك” ليس لهما أي إشكال لتصدير الغاز إلى أي زبون بالنظر لوجود طلب، بل إن “سوناطراك” حاليا غير قادرة على تلبية جميع الطلبيات نظرا لكونها مرتفعة جدا”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • Omar

    رحم الله شهداءنا الأبرار .