-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رسالة إلى العابثين بالأعراض!

سلطان بركاني
  • 1349
  • 0
رسالة إلى العابثين بالأعراض!

في ختام سلسلة المقالات التي أكتبها في موضوع الغيرة على الأعراض، رأيت أن أوجّه رسالة إلى العابثين المخادعين الذين يلبسون مسوح الضّأن على قلوب الذّئاب، إلى أولئك الذين ينصبون حبائلهم في الواقع وفي مواقع التواصل، لعلهم يظفرون بمن يفسدونها من بنات ونساء المسلمين.. يجدون سلْوتهم ومتعتهم في جرّ الغافلات إلى ميادين النقاشات التافهة في المواقع، لتُفتح لهم النوافذ فيدخلوا منها بمبررات لا تنطلي إلا على السذّج!

أما سمعتم أيها المخادعون قول الله -تعالى-: ((إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُون)).. أما علمتم أنّ من تطلّع لعورة مسلم، كشف الله عورته في الدنيا وفضحه يوم القيامة على رؤوس الأشهاد؟ يقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: “يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته، يفضحه ولو في جوف بيته”.

والله -أيها العابثون بالأعراض- لتجدُنّ غبّ عبثكم ولو بعد حين، ولتدفعُنّ ثمن تربّصكم في الدّنيا قبل الآخرة.. والله ليبتلينّكم الله في أنفسكم وأهليكم حتّى تندموا حين لا ينفع النّدم!

كيف ترضون لإخوانكم المسلمين، ما لا ترضون مثله لأنفسكم؟ هل يقبل الواحد منكم لابنته أو زوجته أن تمسي فريسة لرجل فاقد الرجولة يأخذ معها ويردّ ويخوض في خصوصياتها وخصوصيات بيتها وأسرتها، بحجّة أنّه يريد مساعدتها في حلّ مشاكلها؟ يُروى أنّ شابا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: “يا رسول الله ائذن لي في الزنا. فأقبل عليه الناس يزجرونه، وأدنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ثم قال له: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله جعلني الله فداك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا. قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم. ولم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يقول للفتى: أتحبه لأختك؟ أتحبه لعمتك؟ أتحبه لخالتك؟ كل ذلك والفتى يقول: لا والله جعلني الله فداك. فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده عليه وقال: “اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصِّن فرجه. فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء”.

هؤلاء العابثون، لم يحلّوا مشاكلهم الخاصّة ولا مشاكل أبنائهم ولا بناتهم ولا زوجاتهم، ويتظاهرون بالحرص على حلّ مشاكل نساء وبنات المسلمين. الواحد منهم يعيش تشتتا في شمله وتفرقا في أمره، بسبب طيشه وعبثه وانشغاله بالعبث عن إصلاح نفسه وأسرته، ومع ذلك يقدّم نفسه طبيبا نفسيا ومصلحا اجتماعيا وناصحا مشفقا متخصصا في مشاكل النّساء لا الرّجال! ولو أنّ صديقا له طلب منه المساعدة لتجاوز مشكلة اعترضته، لوجده يتملّص من الإصغاء له ويعتذر بكثرة مشاغله ومشاكله التي لم يستطع حلّها!

كفى هؤلاء العابثين هوانا أنّ الواحد منهم يستخفي بفعلته عن أهله وذويه ومقربيه، وينسى اطّلاع الله عليه، ((وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ)).. يظنّ الواحد منهم أنّه في ستر عندما يستخفي خلف الأسماء المستعارة، وينسى أنّ الله يعلم سرّه ونجواه: ((يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا)).. كم مِن زوجات طرقن أبواب أئمّة المساجد يشتكين حال أزواجهنّ العاكفين على مواقع الدردشة، الهاجرين لزوجاتهم! أغلق الشّيطان عنهم باب الحلال وفتح لهم أبواب الحرام.. وكم من أسر تفكّكت بسبب عبث الأزواج ولهثهم خلف نزواتهم!

نعم، كما أنّ هناك عابثين، فهناك أيضا عابثات، الواحدة منهنّ كأنّ الدّنيا من حولها خالية مقفرة؛ فلا أبا شفيقا ولا أخا رفيقا يسندها ويسمع شكواها. تترك محارمها، وتدخل مواقع التواصل لتبحث عمّن يسمعها ويفهمها ويساعدها في تجاوز مشكلتها! وقد تكون متزوّجة، وزوجها يصل الليل بالنهار لأجل لقمة العيش، وهي تفتح الأبواب والنوافذ في الماسينجر لتقتل الوقت مع أشباه رجال لا يتقون الله ولا يرعون حرمة! هذا واقعٌ وموجود، لكنّ الملوم أكثر هو الرّجل الذي يرخي العنان لزوجته وبناته حتّى يسقطن في حبائل العابثين، وهو أيضا الرّجل الذي يتخلّى عن رجولته ويرضى لنفسه بأن يعبث بأعراض الرّجال، وينسى أنّ له عرضا ربّما يكون هو الثّمن الذي يدفعه لقاء لهوه ولعبه.

عِفُّوا تَعفُّ نِسَاؤُكْمْ في المحْرَمِ * وَتَجَنَّبُوا مَا لا يَلِيقُ بمُسْلمِ

إِنَّ الزِّنَا دَيْنٌ فَإِنْ أَقْرَضْتَهُ * كَانَ الْوَفَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ فَاعْلَمِ

مَنْ يَزْنِ يُزْنَ به وَلَوْ بِجِدَارِهِ * إِنْ كُنْتَ يَا هَذَا لَبِيبًا فَافْهَمِ.

تنبّه أخي المؤمن، واحذر أشدّ الحذر. إذا ابتليتَ بالدّراسة مع بنات المسلمين، أو بالعمل مع نساء وبنات المسلمين، أو كنت تاجرا يكثر تعاملك مع النّساء؛ فتذكّر زوجتك وبناتك، واعلم أنّ ما تفعله مع نساء وبنات المسلمين سيُفعل مثله مع زوجتك وبناتك. مهما وجدت من النّساء خفّة وخضوعا، فاتق الله وتذكّر أنّ الله يراك ويعلم سرّك ونجواك. كن عفيفا أبيا حازما، كما كان نبيّ الله يوسف -عليه السّلام- حينما واجه الفتنة بقوله: ((مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُون)).

يُروى أنّه كان بمدينة بخاري رجل سقاء يحمل الماء إلى دار رجل صائغ مدة ثلاثين سنة، وكان لذلك الصائغ زوجة في غاية الحسن والجمال ومعروفة بالديانة وموصوفة بالستر والصيانة، فجاء السقاء على عادته يوما وجلب الماء، فلما مدت المرأة يدها لتأخذ الماء أخذ بيدها ولواها وعصرها ثم تركها ومضى! فلما جاء زوجها من السوق قالت له: أريد أن تعرفني أي شيء صنعت اليوم في السوق لم يكن لله تعالى فيه رضا؟ فقال الرجل: ما صنعت شيئا. فقالت المرأة: إن لم تصدقني وتعرفني فلا أقعد في بيتك ولا تعود تراني ولا أراك. فقال: في يومنا هذا، أتت امرأة إلى دكاني فصنعت لها سوارا من ذهب فأخرجت المرأة يدها ووضعت السوار في ساعدها فتحيرت من بياض وحسن زندها، فأخذت يدها فعصرتها ولويتها. فقالت المرأة: الله أكبر، دقة بدقّة ولو زدت لزاد السقا؟ لا جرم أن ذلك الرجل الذي كان يطرق الباب ثلاثين سنة ولم نر منه خيانة، أخذ اليوم يدي ولواها. فقال الرجل: الأمان أيتها المرأة مما بدا مني فاجعليني في حل. فقالت المرأة: الله المسؤول أن يجعل عاقبة أمرنا إلى خير. فلما جاء الغد جاء الرجل السقاء وألقى نفسه على باب المرأة وقال: يا صاحبة المنزل اجعليني في حل، فإن الشيطان أضلني وأغواني. فقال المرأة: امض في حال سبيلك فإن الخطأ لم يكن منك وإنما كان من ذلك الرجل صاحب الدكان فاقتص الله منه في الدنيا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!