-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اللهم اشغل الظالمين بالظالمين

اللهم اشغل الظالمين بالظالمين

حتى وإن كان سوء التفاهم المعلن بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية، مشكوكا فيه، وقد يكون مسرحية تسوّق للعالم من حلفاء وأعداء، لكن التاريخ بيّن دائما أن المهزومين يثورون على بعضهم في لحظات خسارتهم الحرجة ويكتبون سويّا شهادة وفاتهم، كما حدث بين فرعون ووزيره هامان وبين هتلر ورفيقه ردولف هيس. وفي جميع الأحوال، فإنّ الطغاة يهزم بعضُهم بعضا، وأفراد العصابة هم دائما من يتسبّبون في فضح أمرهم، وتسهيل المهمة لرجال الشرطة.

يقولون إن تحرك الطلبة الجامعيين في الولايات المتحدة الأمريكية منذ نصف قرن، هو الذي قلّب حرب فيتنام، وردّ الجنود الأمريكيين إلى ديارهم، ويبدو أن الإدارة الأمريكية لم يشغلها دمار غزة وإبادة الفلسطينيين، ولا حتى “جنون” أصدقائهم الصهاينة، ولكن الحراك الجامعي هو الذي جعل بايدن ورفاقه يستعملون لأول مرة مكابحهم في طريقهم السريع برفقة الصهاينة نحو إرهاب العالم.

الانتصار الأكبر الذي تحقّق في “طوفان الأقصى”، هو صمود الشعب الفلسطيني؛ فقد دخل الجيش الإسرائيلي إلى غزة وهو متأكّد بأنه سيثير مع أسابيع وشهور النار والدم، اليتامى والجياع على فصائل “القسّام”، وبإمكانه شراء الذمم والاستفادة من الخونة، وسيستمع لفلسطينيين يُحمّلون “حماس” تبعات المآسي، وبأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تتراجع عن دعمها الأعمى لمجازره، إلى أن يحقّق أهدافه الوهمية المعلنة، كما كان يحدث دائما في الحروب الكلاسيكية بين الصهاينة والجيوش العربية، والتي كانت تنتهي بقطيعة بين هذا البلد وذاك، لكنه واجه واقعا آخر، وبدلا من استفادته من انقسام الفلسطينيين، صُعق بانقسامه مع توأمه الأزلي، وهي فعلا بداية نهاية وهم تجاوز مدة صلاحيته، ومنح المقاومة الفلسطينية جرعات أمل وافرة، لأجل تحقيق النصر الكبير الذي ظهرت ملامحه في صمود الشعب الفلسطيني وصبره الأسطوري.

وصلت الحرب على غزة إلى مرحلة “الضّجر” الأمريكي، فالبلد الأقوى في العالم، الذي يضم ثلث مليار نسمة، وجد نفسه لمدة سبعة أشهر رهينة جنون نتانياهو، فتعطّلت الحياة ووصلت إلى مفخرة الولايات المتحدة، وهي جامعاتها التي صنعت تطوّرها التكنولوجي والمالي والاقتصادي والعسكري، فكان لزاما أن تكون هناك صحوة أمريكية، بالرغم من أنها غير كافية تماما، وهي بالتأكيد، ليست صحوة ضمير، وإنما إنقاذ ما يمكن إنقاذه من التشوّه الرهيب لصورة بلاد “العم سام”، الذي وضع أمريكا في السلة الصهيونية العنصرية الإرهابية.

يردّد المسلمون دعاء متوارثا منذ فجر الإسلام وهو: “اللهم أشغل الظالمين بالظالمين”، ويبدو أن الظالمين الذين هندسوا لأكبر مجزرة في التاريخ في حق الأبرياء، لا يريدون أن يقتسموا الخيبة والذل والعار، وكل طرف يريد رميه في جانب الآخر، وسيبقى الظالم ظالما حتى ولو أوقف الحرب الآن، وحاول الظهور بوجه المهدئ والداعي للسلم، لأن ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية في الساعات الماضية، كانت فيه مجبرة ولم تكن أبدا مخيّرة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!