-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حاسي مسعود.. الجديدة

حاسي مسعود.. الجديدة

هناك مشاريع استثمارية جديدة، لا يمكن سوى الإشادة بها، ظهرت مؤخرا، ووُضعت على السكة السليمة، لأنها ستقضي على التبعية الغذائية بالخصوص، التي جعلتنا نربط معنوياتنا واقتصادنا بما يحققه مركب حاسي مسعود من ريع، وما تفرزه أسواق البترول العالمية، بين صعود ونزول لأسعار النفط.

ومن بين هذه المشاريع، إنتاج الحليب المجفَّف بالشراكة مع قطر، وهو مشروعٌ متكامل يسير بنظرة ليست بعيدة المدى فقط، وإنما دائمة وشاملة ستحقق للجزائريين الاطمئنان على مواد استهلاكية يحتاجونها في تغذيتهم، ستنتج هنا، من تربية الأبقار، إلى منح مائدة كل جزائري، حليبا جزائريا طازجا، يقيه ضجر الاستيراد وتكلفته، ويجعله غير مهتمٍّ مستقبلا بما يحدث من زلازل في الأسواق العالمية، وفي مختلف البورصات، وغير قلق على معنويات الجزائريين.

أصعب ما في التحديات الاقتصادية الكبرى هي البدايات، ونجاح تجربة إنتاج الزيوت والحليب، إلى جانب الحديد والفوسفات، سيضع بذرة ثورة حقيقية تنهي إلى الأبد زمن الضياع الذي جعل الجزائري ينتظر ما تأتي به الحاويات، وليس ما تنبته أرضه التي تعتبر عاشر أكبر أرض في العالم.

أما الإضافة الهامة في مختلف المشاريع، فهي بالتأكيد غرسها في الجنوب الجزائري، وفي صحراء كانت إما للسياحة أو للتيهان.

وما تحقق في حاسي مسعود بهبَّة النفط، ومكّن الجزائريين من تجاوز ما بعد حرب التحرير، يمكن أن يتكرر في تندوف مثلا، بحديدها وأدرار بحليبها وغيرهما من مناطق الوطن، لتمكين الجزائريين من تجاوز ما بعد حرب الاقتصاد.

هناك اقتراحٌ ظهر في الفترة الأخيرة، تحدّث عن ضرورة بعث شركة عملاقة، لا تختلف عن شركة سوناطراك، تهتم بالمناجم وكنوزها، تدخل المنافسة العالمية، وتدخل قلوب الجزائريين، لكن الشركات العملاقة التي ستهزّ الجزائريين، هي بالتأكيد التي ستمنحهم الحرية الغذائية التي افتقدوها، برغم انتزاعهم الحرية منذ أكثر من ستة عقود.

قيمة بعض الاستثمارات من صناعية وفلاحية ومنجمية وخدماتية، من قيمة الشركاء الذين تتعامل معهم الجزائر، من قطريين وصينيين، وهو ما سيفتح شهية شركاء آخرين من مختلف قارات العالم لأجل المشاركة في الثورة الحقيقية التي تحوّل من البدايات الحالية، إلى مسار اقتصادي حقيقي، يزيد ولا يُنقص، من ثروة المواد الأوّلية الطبيعية والأرض والماء التي تمتلكها البلاد.

الجزائريون مطالَبون باحتضان مثل هذه المشاريع التي تأخذ من خبرة الدول الصديقة والرائدة في المجال، وتوفر ما أمكن من مال وعقار وكفاءات وكثير من العزم والتحدي. فقد أثبتت الأزمات الأخيرة من جائحة كورونا ومرورا بحرب أوكرانيا وانتهاء بالحرب الدائرة في غزة، بأنَّ الحروب القادمة ستكون على القمح أو الأرز والماء والحليب، وستكون أكثر ضررا ودمارا من مختلف الحروب العالمية التي شهدتها البشرية، وسيكون المنتصر فيها هو من يمتلك القنبلة الغذائية قبل القنبلة النووية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!