-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“بطاطا” الجزائر و”أزهار” هولندا!

“بطاطا” الجزائر و”أزهار” هولندا!

كشف مدير التجارة الجهوي، المشرف على ولايات شرق البلاد، بجنوبها وشمالها، خلال ملتقى للدفاع عن التفاح الأوراسي، عن رقم ما صدّرته هذه المنطقة الشاسعة مساحة، والخصبة تربة، والغنية ماء، خلال سنة 2016، إلى مختلف بلاد العالم، من خُضرها وفواكها وحتى تمورها، إذ لم يزد رقم الصادرات عن خمس مئة ألف دولار، بينما تستطيع بلاد صغيرة مثل هولندا، تصدير أكثر من أربعة مليارات دولار من الورود ومشتقاتها فقط، وهي التي لا تزيد مساحتها عن مساحة هذه المنطقة الجزائرية.

وعندما تتفوق بلاد الأراضي المنخفضة، التي لا تكاد تنعم بالشمس، وتوجد نصف مساحتها بنفس ارتفاع سطح البحر، وببيوتها البلاستيكية، إنتاجا وتصديرا وثراء، على بلاد بحجم قارة، وماء بحجم المحيط، وثروة باطنية بحجم الجنة، فإن العيب هو بالتأكيد فينا، وليس في الزمان الذي نعيبه، ولا في المكان الذي حبانا الله به.

لقد ارتضى الصينيون الأرز، غذاء لهم، فطوّروه، وأقاموا جامعة عملاقة، تهتم بتحديثه، فاكتفوا داخليا، وصاروا أكبر سوق عالمية لهذا المنتوج، واكتفى المصريون بالفول طعام لهم، فطوّروا سماد مقاومة الأعشاب الضارة التي تهاجمه وزادوا من فصول زرعه وجنيه، فحوّلوا ضفاف نهر النيل إلى مزارع، مكّنت المصريين من قهر جوعهم، بالفول المصري، ووجد الجزائريون بعد خسارتهم “معارك” اللحوم الحمراء والبيضاء والحبوب بأنواعها والسمك، أنفسهم مجبرين على العيش مع “البطاطا”، ولكنهم في كل مرة، يقعون تحت سطوتها، حتى صارت مثل برميل النفط، يستقر سعرها برهة، ويندلع أحيانا، بل ويتهدّده الجفاف والجفاء بالانقراض، أما أن تسافر هذه “البطاطا” إلى قارات أخرى وتسيطر على أسواقها ولو في فترة فصلية وجيزة، كما تفعل “بطاطا” المغرب وتونس ومصر والكيان الصهيوني، فذاك ضرب من أضغاث الأحلام.

في كل ربيع، يطلّ علينا وزير الفلاحة، ليطمئننا عن سعر البطاطا في شهر رمضان، بعد أن تتحوّل إلى حدث إعلامي كبير، يخطف الصفحات الأولى لمختلف الجرائد، وموضوع رئيسي في نشرات الأخبار، وهاجس في المجتمع، يوقظ مضاجع أرباب العائلات، وفي كل مرة تفشل المنظومة الفلاحية عن تحويل البطاطا إلى ثروة فلاحية جزائرية، وتتشبث دائما بالبحث عن أعذار لفشلها، كما حدث في الندوة الصحفية التي نشطها مدير ضبط وتنمية الإنتاج بوزارة الفلاحة، حيث كرّر كلمات المضاربة وجشع التجار والجفاف، أكثر من كلمة البطاطا، ويبدو الحديث عن التصدير، من دون ضمان السوق المحلية، هو ضحك على الأذقان، فلا أحد يصدّق معاناة كندا من أزمة قمح داخلية، وقمحها يصلنا باستمرار، أو معاناة فرنسا من أزمة سيارات، وهي تدخل بالآلاف عبر موانئنا.

لو يسافر أي جزائري عبر الشبكة العنكبوتية و”اليوتوب” بحثا عن تضاريس ومناخ هولندا، لاحتار كيف يستطيع الهولنديون والملايين من المهاجرين بمن فيهم الجزائريين، العيش في هذا البلد، ولكن مع ذلك تصل أزهاره اليانعة وعطوره باستمرار، إلى كل القارات لتصنع ربيع العالم في عز شتاء هولندا!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!