الرأي

بعد التصحّر.. أتى التميّع!

قادة بن عمار
  • 1614
  • 5
ح.م

قلنا مرارا وتكرارا إن حكومة نور الدين بدوي استفادت من زحمة المبادرات السياسية “المتشابهة”، ومن غياب رؤية موحّدة لحلّ الأزمة وكذا صعوبة العثور على ممثلين حقيقيين للحراك الشعبي، فقررت تلك الحكومة وبدلا من تصريف الأعمال المكلفة به، تصريف الوقت لتمديد وجودها بشكل مستفز، والتصرف في مصير الجزائريين وكأن شيئا لم يتغير!

لذلك، وجدت وزيرة الثقافة نفسها مثلا، تتسوق “على راحتها” في أمريكا بل وتتهم الجزائريين الذين نشروا صورها باقتحام حياتها الشخصية، وهي التي اقتحمت المشهد كليا بالصدفة ولا تريد الخروج منه حتى بالقوة السلمية للشارع!

ما يحدث على مستوى الهيئة، المسمّاة “هيئة الحوار والوساطة”، يجعلنا نشكك أيضا في أن وجودها أتى لربح مزيد من الوقت.. وإلا، كيف نفسّر حالة التخبّط التي عليها الأعضاء، والتصريحات المتضاربة لهم بشأن مشاركة فلان أو إقصاء علان، فضلا عن محاولتهم فرض الأمر الواقع بالتوجه نحو ندوة وطنية وإن رفض الشعب ذلك، بل وشعر بغضب شديد من بعض الأسماء التي تم إدراجها ضمن لجنة العقلاء، وهي لا تمت بصلة للعقل بتاتا!

الاستفزاز الأكبر، وقع حين قررت ذات اللجنة فرض ميثاق شرف على الرئيس القادم، وأن تكون عهدته انتقالية ولفترة واحدة، علما أن اللجنة التي نفت تمثيل الحراك، ومن خلال هذا الطلب، تعطي نفسها حق تمثيل الشعب برمته، في سلوك سياسي أرعن وغير مقبول، أكثر حتى من الكلمات النابية التي استعملها كريم يونس في حديثه إلى الرأي العام، وليس إلى الصحفيين فقط، مثلما يقول البعض!

في ظلّ هذا الوضع المرتبك والمتعفن أصلا، ليس غريبا أن يجرؤ الأفلان وأمينه العام محمد جميعي على التحرك شرقا وغربا، للمطالبة بحقه في ممارسة السلطة، “التي سلبت منه”، حتى وإن بات الحزب العتيد في موقف حرج، بعدما انضمت أكثر جهة تمثل العائلة الثورية، وهي المنظمة الوطنية للمجاهدين، إلى قائمة المطالبين باسترجاعه وحذفه من الساحة السياسية والحزبية نهائيا، كما أنه ليس غريبا أن يخرج علينا الأمين العام للأرندي، وزير الثقافة السابق، عز الدين ميهوبي، بمبادرة للخروج من الأزمة، ناسيا أو متناسيا أنه أحد وجوهها البارزة.. فالتصحّر السياسي، الذي أحدثه نظام بوتفليقة لسنوات، أعقبه تميّع سياسي كبير، لا شك في أننا سنستمر في العيش تحت ظلاله لفترة زمنية غير قصيرة.

مقالات ذات صلة