جواهر

بعلك لا تجعليه “بغلك”!

سمية سعادة
  • 12676
  • 85
ح.م

من وسط جموع المصلين، جلس ينتظر الجواب الشافي من الإمام على رسالته التي اشتكى له فيها سوء أحواله وهوانه على زوجته الجميلة التي كسرت رجولته واستهانت به، وكلما تذمر أو أبدى انزعاجه من أمر ما، ذكّرته بجمالها الفتّان الذي تصدقت به عليه وهي التي كان من الممكن أن تتزوج من رجل أفضل منه منزلة اجتماعية وأحسن منه مرتبة مهنية، فثارت ثائرة الإمام وألهب أسماع الحضور بكلمات غاضبة ارتجت لها جدران المسجد، وطلب منه أن يطلقها ولا يلتفت وراءه لأنها ليست المرأة الوحيدة في الجزائر.

وكم من امرأة جميلة الشكل قبيحة الطوية وضعت زوجها تحت قدميها واستعبدته حتى صار”غلاما”تملك يمينه وشماله، و”بغلا” تركب بردعته وتدلي قدميها عليه؟!.

لا يحتاج الأمر إلى كبير عناء لاكتشاف شكل العلاقة التي تجمع زوجة  مغرورة، بزوج مبهور بجمالها مستسلم لنرجسيتها، علاقة من دون شك يحكمها التسلط والتجبر من جهة المرأة، والذل والهوان من جهة الرجل، فيمكننا أن نصادف ذلك في الشارع، حيث نرى امرأة تسير بخيلاء والأرض “ترتج” من حولها، وزوجها خلفها مثل “دادة” دفعت حسابها كاملا ومنّت عليها بأفضالها وهو يحمل طفلا بيد ويمسك الآخر بيد أخرى والعرق يتصبب من جبينه، ثم ما تلبث أن تتوقف عند أحد المحلات وتشير بإصبعها للأغراض التي أعجبتها فيستسمحها بأن تمسك منه الطفل قليلا ليدفع الحساب، ويمكننا أن نرى ذلك في البيت، عندما يصبح من مهمات الزوج تغيير الحفّاظات وتحضير الرضّاعات وغسل الأواني، بينما الزوجة تستمتع بمشاهدة مسلسل تركي رومانسي لا تتخيل فيه زوجها إلا الخادمة التي تحاول إرضاء مخدومتها.

 ومن مظاهر “الهيمنة” التي تمارسها الزوجة الجميلة في حق زوجها الذي أصبحت محيطة بمواطن ضعفه، أن تستبد برأيها وتتجاهل وجوده وتجبره على التنازل عن مبادئه والتنكر لأهله، في حين لا يُشعرها هو بأن الطريقة التي تعامله بها انتقاص لكرامته، أو امتهان لرجولته، لذلك تواصل عملية “التسلق” على “ظهره” إلى أن تجلس فوق قمة “رأسه”.

مثل هؤلاء الرجال، قد لا يجدون الشجاعة للبوح ب”خيباتهم” الزوجية أمام الأهل و الأقارب والأصدقاء، بل ربما نجدهم يبالغون في إظهار مدى سيطرتهم على زوجاتهم إمعانا في إخفاء هذا “العيب”، ورغبة منهم في ممارسة أدوارهم كرجال أشدّاء تخشاهن نساءهم، وهي رغبة نفسية متخفية يتمنون أن تخرج للعلن أمام زوجاتهم، وتنفجر في وجوههن، ولكن جبروت الجمال يبسط صولجانه عليهم، فتخفت أصواتهم وتلين طالبة الصفح والرضا.

يخطئ هؤلاء الرجال حينما يعتقدون أن المرأة، سواء كانت جميلة أو متوسطة الجمال، أنها تحب الرجل المنكسر، الذي يقبّل الأرض التي تمشي عليها، ويسعى لإرضائها حتى وهي تدوسه بقدميها، فالمرأة كائن رقيق، حساس، تحب أن تشعر بأنوثتها مع زوج يعتز برجولته، ولا  يقبل أن يساوم في كرامته، أما وأن تجد نفسها مع رجل يرضى بالهوان والاحتقار، فمن المتوقع أن تتحول إلى امرأة متجبرة وكأنها تشفي غليلها من رجل خيّب ظنها ولم يشعرها بأنوثتها.

مقالات ذات صلة