-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بكالوريا على مقاس الكسالى

حسين لقرع
  • 3274
  • 15
بكالوريا على مقاس الكسالى

تعرّضت البكالوريا منذ نحو 10 سنوات إلى ضربات موجعة، مسّت هيبتها في الصميم، حيث عبث بها النفخُ السياسي في النتائج، لتأكيد ـ بالنسب فقط ـ نجاح “إصلاحات” الزيغ، وكثُرت عملياتُ الغش الجماعي والفردي، فضلاً عن تحديد العتبة التي شُرع العمل بها استثنائياً في عام 2008، بسبب كثافة البرامج التي جاءت بها “الإصلاحات”، لكنها تحوّلت إلى “عادة” سنوية.

وعوض أن تعمل وزارة التربية على مراجعة “الإصلاحات”، واتخاذ الخطوات الضرورية لاستعادة البكالوريا مصداقيتها، راحت تصرّ على غيّها، فها هي تستعدّ لتحديد عتبة الدروس مجدداً، تحت ضغط التلاميذ، بل الأدهى من ذلك، أنها قررت العودة إلى العمل بنظام الإنقاذ ابتداءً من بكالوريا 2015، فضلاً عن إمكانية إجراء دورة استدراكية للبكالوريا.

هذه التنازلات الخطيرة التي تقدّمها الوزارة دون ضرورة، تؤكد أن السياسة لا تزال تتدخل في قطاع التربية الذي كان ينبغي أن يُسيّر بشكل بيداغوجي علمي بحت، يرفض المجاملات أو الحسابات؛ فما يهمّ السلطة في الواقع هو إنجاح مئات الآلاف من التلاميذ في البكالوريا بأي وسيلة، لأهدافٍ في نفسها، بغض النظر عن تأثير ذلك سلباً في مستوى التعليم الجامعي، وفي سوق الشغل مستقبلاً.

لو كانت الوزارة حريصة على رفع المستوى المعرفي للتعليم العالي، وترقية البحث العلمي، لعادت إلى العمل بالنظام السائد في العقود الماضية، حيث كان لا يظفر بالبكالوريا سوى المجدّين الذين يثابرون ليلا ونهارا لتحقيق النجاح، ويراجعون كل الدروس في مختلف المواد بشكل مكثف ومركّز، استعداداً للإجابة عن أي سؤال في البكالوريا حول أي درس.

أما الآن، فقد تغيّر الوضع، وأضحى الطالب مدلّلاً، سطحياً، لا يبذل جهوداً كافية حتى لاستيعاب نصف المقرّرات، ثم يخرج رفقة زملائه إلى الشارع للمطالبة بعتبةٍ لدروس معدودات سترِِد منها أسئلة البكالوريا، وترضخ الوزارة للأمر بكل بساطة.

وبمرور السنوات، أصبحت مسألة العتبة هذه مكسباً وحقا لا يقبل المرشحون للبكالوريا التنازل عنه، ولسان حال كل دفعة يقول لمسؤولي الوزارة: ما دمتم قد حدّدتم العتبة لطلبة الدفعات السابقة منذ 2008، فلماذا تستثنوننا نحن!!؟ ويواصلون الاحتجاجات إلى أن ترضخ الوزارة لهم كالعادة، سيما وأن تحديد العتبة يساهم في رفع نسبة النجاح، وهو ما يخدم السلطة في آخر المطاف، ويسمح لها بتوظيف الرقم المضخّم للتدليل على نجاح “إصلاحاتها” التربوية المزعومة.

والأدهى من ذلك، أن نسبة النجاح المبالغ فيها والمحققة كل سنة، لم تُقنع السلطة كما يبدو، ولذلك قرّرت العودة ابتداء من جوان 2015 إلى نظام الإنقاذ، وإجراء دورات استدراكية للبكالوريا!! ما سيجعل نسبة الناجحين ترتفع بشكل صاروخي مستقبلاً، فيحقق التلاميذ جلّهم النجاحَ إلاَّ من أبى.

نظامُ الإنقاذ كان معتمَداً في العقود الماضية بسبب انخفاض نسبة النجاح، وعدم تجاوزها الـ20 بالمئة في أحسن الأحوال، فما مبرّره الآن، والحالُ أن مئات الآلاف من التلاميذ يظفرون بالبكالوريا كل سنة، برغم ضحالة مستوى الكثير منهم!!؟

الكثيرُ من الطلبة يتخرّج في الجامعة بمستوياتٍ معرفية متدنّية، ما يجعل سوقَ الشغل يلفظهم، كما تدهور البحثُ العلمي أكثر، وأصبحت جامعاتُنا توضع في ذيل ترتيب الجامعات العالمية، بل وتفوّقت علينا حتى جامعات إفريقية وعربية، ومع ذلك تصرّ السلطة على ذبح البكالوريا كآخر امتحان محترَم، والقضاء على ما بقي فيه من مصداقية وهيْبة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
15
  • الآولفي

    هذا هو الواقع المرير...حين أصبحت الدولة تسير بالضغوط ومن أي طرف كان ....شراء السلم الإجتماعي بكل الطرق وحتى الملتوية منها والتي لها آثار خطيرة على الدولة عاجلا أو آجلا.

  • merghenis

    "بكالوريا على مقاس الكسالى" - توضيح : الكسالى تعني المتعلمين و .. و المعلمين ، الإثنان مع بعض إلا من رحم رب.

  • نورالدين الجزائري

    نعم و لكن أواخر الثمانينيات بدأت تظهر الشقوق على الجدران الذي سقط الآن ، و المستوى لم يكن أفضل بل متباين إلى حد عدم المقارنة بين مستوى رفيع و آخر دون المتوسط . الإشكال و لا مفر منه أن هذه الأجيال و المستوى في تعليمها و شهادتها سيكون له أثر سلبي قد يضر أكثر مما ينفع حاضرا و مستقبلا عندما تتولى مناصب وفقا لشهادتها و كذلك نسبة التلاميذ الذين تركوا تسربا مقاعد المدرسة في سن مبكرالمصيبة الأدهى و الأمر أننا لا نسمع من أي مسؤول يتكلم في هذا ربما يأتي عاشق ـ ة للوطن بمعنى الكلمة يوقف هذا النزيف الفكري

  • بدون اسم

    وهل تنتظرين من وزير اعلن ان المطر ينزل ببركة يوتفليقة شيئا.انه على هدي و درب بن بوزيد سائر قتوكلي على الله

  • عاشقة الوطن

    لا يمكن ان تغفل ان الذين لم يحصلوا على البكالوريا في السبعينات و الثمانينيات و تسلموا المشعل من الاجانب مستواهم افضل بكثير جدا من حملة الشهادات الجامعية الحاليين و الدليل مستوى المتمدرسين حينذاك و الان لان البكالوريا منذ منتصف التسعينات اصبحت مباحة للجميع الا من ابى

  • امة الله

    اعرف واحدة من خريجات الجامعة الجزائرية ابنها يدرس الاولى ابتدائي لا تستطيع ان تعلمه درسا واحدا في الرياضيات لانها و كما تقول لا تفقه شيئا فيها و لذلك ادخلته ليتلقى دروسا خصوصية في المادة مع العلم ان دروس السنة الاولى لا تخرج عن الاعداد من 0 الى 100 و عملية الجمع و بعض المعارف التي لا تستوجب اية شهادة فبربكم كيف نجحت هذه المراة حتى تخرجت من الجامعة فانا لا استوعب الامر

  • سماعيل

    السلام عليكم
    البكالوريا في الجزائر مسيسة بالكامل والدليل هو التركيز كل التركيز على الكم والاحتواء دون النوعية وتحسين البرامج مع التجاهل العمدي لكل النداءات التي تصب في هذا الاتجاه منذ بداية التسعينات واصبح التوجه مقصود ابتداءا من سنة 2000.

  • dawoud 05

    البكالوريا اصبحت مهزلة والنجاح للجميع الا لمن ابى .

  • بدون اسم

    عندما تضيع الأخلاق يضيع العلم؟ تدني مستوى التعليم مربوط بتدني الأخلاق على كافة المستويات؟ فتدني الأخلاق يرتفع كلما ارتفع التدرج في المستويات "من الابتدائي، المتوسط إلى الثانوية ثم الجامعة " لتنعدم هناك و تتحلل؟ فأغلب الذين يلتحقون بالجامعة ليس همهم تحصيل العلم بل بتحصيل كبير للإنحلال الأخلاقي الممنهج و الموجه..؟

  • نورالدين الجزائري

    و ضربه للمعلمة و نقص الكاتب و عزوف الطالب على القراءة و القائمة دامة و مظلمة هي نتيجة تراكمها منذ زمن ، فهذا الإنفجار المدمر لكل جميل أمر منتظر لا غرابة فيه و في الأمثلة ما أقول : لو عندنا فأر حقير مدمر مخرب و فيل ضخم و لكنه وديع هادئ ذكي لا يظلم أحد و أدخلنا الإثنين إلى محل بائع الفخار ، مَن الذي سيحدث دمار رهيب في الأواني طبعا الفيل ليس أنه قبيح و لكن لأننا نحن السبب في إدخاله محيط لا يليق به فهو أمام الأمر الواقع المر في كل حركة يدمر إن الفيل و محل الفخار هو التليذ و المعلم و منهاج التعليم

  • نورالدين الجزائري

    إعوجاج فمن المستحيل أن يستقيم ظله و مما زاد الطين بلة و وبالا منهج التعليم الخالي من الإبداع و في جوهره يُمنَع على التلميذ السؤال بل الجواب ، و أن يكون مقيدا بتعاليم صارمة في الكتاب و المنهاج عامة ، مما أدى إلى إنخفاض مستوى الذكاء و دمرت رويدا مواهب كانت من المفروض هي التي تطرح الأسئلة و توجه من طرف المعلم هي التي تفجر طاقة الإبداع التفكير الذكاء العقل و المنهاج السليم هو الذي يصحح مصارها لا أن يقتلها في غمها و كفنها ! ما نراه من فوضى و غش و إضرابات و تدني المستوى و حمل التلميذ لسكين في محفظته

  • نورالدين الجزائري

    قبل الحديث عن البكالوريا و إلى ما وصلت إليه من فوضى عارمة و كأنها ألعوبة Playe Station ... قصة التليمذ في بلادنا بدأ يتغير طريقه المستقيم الذي لا إعوجاج فيه إلى طريق معوج لا إستقامة فيه بداية أواخر السبعينات حيث دمروا أغلى ما نمتلك في مجتعنا و هم التلاميذ بتعيين ـ ليس الكل ـ معلمين من فئة الذين لم يتحصلوا على البكالوية و أقل من ذلك مستوى ليعين معلما بحركة قلم بدون أن ندرك أو نشعر أو نتغافل أن المرحلة الإبتدائية هي العمود الفقري لما يأتي من دراسة مهما طالت و رقعت و أصلحت لأن أصل العمود قد حدث فيه

  • محمد ب

    ما دام يتحكم في التعليم جماعة الوزارة فلا مناص من التدهور المستمر.لقد طالبنا ولم يسمع لنا أحد ونحن ممن برهن على مصداقيته أن تفعيل المجلس الوطني للتربية مع تصحيح نصوصه قد يخرجنا من الانحطاط الذي يخدم فئة الماكرين.من يعزو هذا الفشل إلى التلاميذ ليس على دراية بالعوامل الفاسدة في تدريسنا العاجز عن تطبيق أية برامج لأن الكفاءة المهنية وسوء التسيير لا يمكن أن يسمحا بأي تطور تربوي.كما خربنا دولتنا نقضي بالإهمال على أسس مدرستنا ونحمل أبناءنا الأذكياء هزيمتنا في كل ميدان.عالم البزنسة لا يلتفت إلى التعليم.

  • الجزائرية

    تابع:إلى ثقافة التلميذ وهي قيمة مضافة ،بمعنى أن كل من يضيف و يتفرد و يتميز بإجابة عالية الجودة والإتقان شكلا وموضوعا يتحصل على ربع العلامة كإضافة.و لذلك فقد جاء العمل بمقاربة الكفاءات في صالح التلميذ.. يبقى أن نقول أن العمل بالعتبة عار على التعليم في الجزائر وأقترح على السيد الوزير أن يقضي عليها من خلال يوم تحسيسي مع بداية السنة الدراسية وأظن أننا بحاجة فقط إلى ترسيخ الحوار و فتحه مع أبنائنا لتكوين جيل يحسن الإصغاء للآخر و يحترمه مهما اختلف معه حينذاك سنصل حتما للممارسة الصحيحة للديمقراطية .

  • الجزائرية

    يجب أن يتحصل التلاميذ على الكفاءة الختامية للمرحلة الدراسية ،بكل مراحلها و البكالوريا هي ملمح هذا المسار..و أثناء ذلك يكتسب اللغة كتابة وتعبيرا و مهارات عديدة في مجال تخصصه كالتحليل و الإستنتاج و بالتالي إصدار رأي..فهو يوظف كل موارده المعرفية و السلوكية(المهارية) و الوجدانية للإجابة على اشكالية مطروحة .. فالكفاءة هي القدرة على حسن التحكم والإنتاج.. هذه هي غاية الإصلاح في المنظومة التربوية و ارتفاع العلامة راجع لنقطةإضافية عن الخط الجيد ونظافة الورقة وحسن استعمال أدوات الوقف بالإضافةإلى