-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بلا تهديد ولا وعيد

محمد سليم قلالة
  • 5097
  • 14
بلا تهديد ولا وعيد

لغة التهديد والوعيد ليست من السياسة في‮ ‬شيء،‮ ‬فهي‮ ‬مناقِضة تماما لفلسفة المصالحة والوئام المدني‮ ‬وأسلوب الحوار والتشاور‮. ‬كيف ندعو المتصارعين بالسلاح في‮ ‬بلدان شقيقة وصديقة لإصلاح ذات البين من خلال الحوار وتغليب الحكمة،‮ ‬ونفعل عكس ذلك بيننا؟ هل اعتقد طرفٌ‮ ‬في‮ ‬لحظة ما أنه امتلك زمام كل شيء ليهدد ويتوعد؟ ألم نتعظ من تهديدات بداية التسعينات التي‮ ‬أوصلتنا إلى ما لا‮ ‬يُحمد عقباه؟ ألم نفهم بعد أن في‮ ‬بلادنا بالذات لم‮ ‬يوجد ولن‮ ‬يوجد طرفٌ‮ ‬يمكنه الادّعاء بامتلاك كل الحقيقة أو العصمة من الخطأ؟

ليس بهذه الطريقة نرسم لأنفسنا طريق المستقبل‮. ‬إننا نريد أن ننتقل قبل‮ ‬غيرنا إلى بناء دولة ديمقراطية حقيقية تقوم على الرأي‮ ‬والرأي‮ ‬الآخر،‮ ‬الحكم والمعارضة،‮ ‬السياسة والسياسة البديلة‮..‬

نختلف فيها حول الغاز الصخري،‮ ‬وحول كيفية صرف المال العام،‮ ‬وكيفية بناء الأسرة وإصلاح المنظومة التربوية وغيرها من المسائل بشرط واحد‮: ‬أن‮ ‬يكون ذلك بلا تهديد أو وعيد أو تخوين أو ادّعاء بامتلاك كل الحقيقة‮.‬

بلادنا اليوم تمر بمرحلة حرجة،‮ ‬الكل‮ ‬يتربّص بنا فلا نتربص ببعضنا البعض‮. ‬لقد أثبتت تجربة الشعوب القريبة منا كيف انقلب حالها‮ ‬يوم تربصت ببعضها البعض،‮ ‬وحاولت أن تستقوي‮ ‬بالأجنبي‮ ‬لحسم المعركة لهذا ضدّ‮ ‬الآخر‮.‬

الجميع‮ ‬يعرف النتيجة وما آلت إليه تلك الشعوب‮. ‬ونحن لا نريد أن نسير في‮ ‬ذات الطريق،‮ ‬كفانا ما عرفنا من صراع في‮ ‬العشرية السوداء‮. ‬نحن في‮ ‬حاجة إلى حكمة وحكماء لا لسبّ‮ ‬أو شتم،‮ ‬في‮ ‬حاجة إلى أناس‮ ‬يقدّمون النصيحة ويقبلونها،‮ ‬يعترفون بخطئهم إن أخطؤوا ويقومون بإصلاحه بلا مَنٍّ‮ ‬أو عزة بالإثم‮.‬

لا‮ ‬يُعقل أن‮ ‬يعتدّ‮ ‬أي‮ ‬كان بقوته على من هو أقل منه قوة،‮ ‬أو أقل منه نفوذا أو مالا،‮ ‬ولا‮ ‬يُعقل أن‮ ‬يتم اللجوء إلى‮ ‬غير الحكمة والحوار لإذابة الجليد بين الفرقاء‮. ‬لم تنفعنا بالأمس لغة التهديد والوعيد وأدخلتنا في‮ ‬نفق مظلم،‮ ‬وليس علينا أن نكرّرها اليوم‮.  ‬بل وجب علينا أن نحذفها تماما من قاموسنا السياسي،‮ ‬إذا أردنا أن ننتقل حقيقة إلى حال أفضل مما نحن عليها الآن،‮ ‬وإذا أردنا أن نُبقي‮ ‬الأمل قائما في‮ ‬أننا‮ ‬يمكن أن ننفرد اليوم بريادة الإصلاح السياسي‮ ‬كما انفردنا في‮ ‬القرن الماضي‮ ‬بثورة التحرر من الاستعمار‮. ‬لقد صنع شهداء الأمس نصرهم بحبهم لبلدهم ووحدة شعبهم وعلينا أن نفعل ذات الشيء،‮ ‬من‮ ‬غير تهديد أو وعيد‮…‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
14
  • faressouf

    نعم أخي سليم هذا هو ما تحتاجه بلدنا رب خليك لتكون أحد منقضي بلادي من الضياع

  • بدون اسم

    أختي الفاضلة أعتبر الدكتور سليم قلالة من النخبة الصالحة في هذا الوطن الجريح المريض بتهميش إطاراته و مفكريه و أعتبره من بمقدوره أن يقدم الكثير الكثير لهذه الأمة التي عاث فيها المفسدون و المستبدون فسادا و أستبدادا لذا نأمل أن يستمع إلى رأيه و أفكاره و لأمثاله وهم كثيرون في وطننا العزيز لقيادة هذا الجيل نحو الأفضل

  • زليخة

    ليكن في علمك يا "نونو" ، الدكتور سليم قلالة اقترح فتح المجال "للفيس" ليعود إلى الساحة السياسية و هذا ليس حبّا أو تعاطفا مع الحزب المنحل بل حتى يفتح المجال السياسي لكل الأطياف ، و هذا هو السبب الذي جعل النظام يهمش الدكتور سليم و لك الحكم يا "نونو" إن كان الدكتور على حق أم على خطأ .

  • مواطن

    الكلام السديد لا يعارضه إلا جان.الحقيقة أن ساستنا في السلطة أو المعارضة أنانيون متطرفون.والأخطر من كل ذلك أن الطبقة المستنيرة وصولية تنقصها الجرأة في تبليغ الرسالة المرتبطة بمكانتها مثل اختيار رجال الجيش الاستفادة من الوضع المزري بعيدا عن مصلحة المجتمع الذي خولهم وجوب حماية الوطن من كل متطاول على مكتسباته.كيف يقبل الجزائريون أن تغيب عنهم خصلتهم الأساسية وهي التباهي بالوطنية وعزة النفس ويشرف على سلطانهم شخص أعجزه المرض أو قلت أخلاقه فاحتمى بالسماسرة؟أما المتعطشون إلى سلطة فلا برهان على قدراتهم.

  • نور الدين الجزائري

    أستاذي الفاضل إ، المستوى الذي وصلنا له اليوم لا ينبئ بالخير لذا نرجوا من النخبة الصالحة التدخل لفرض أطروحاتها و التي نتمني أن تنجي البلاد و العباد من آراذل القوم الذين يتحكمون في أمور هذا الشعب المغلوب على أمره

  • صالح

    الاحتكام إلى العقل في السياسةلغة الضعفاء، فالعالم محكوم بالقوة ،هل يعقل أن يباد شعب بكامله لتقام دولة؟.وإذا كان الامر كذلك فمن يقبل بالتنازل عن قوته ؟
    قال تعالى :يايحي خذ الكتاب بقوة..وقال عليه الصلاة والسلام المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف..
    فالذي يفتقد قوة الطرح ويعجز عن تلبية الحاجات العامة الملحة ليس بوسعه إلا استعمال القوة إن وجدت طالما لم يجد ضمانة كافية لحماية كيانه ومصالحه .فالسياسة مرتبطة بموازين القوة والمصالح أكثر منها ارتباطا بميزان العقل والاخلاق.

  • بشير

    ما دام المسؤولون والساسة عندنا يتكلمون بمنطق فرعون ( لا أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) فالبلاد والدولة والمجتمع والاقتصاد والتربية والثقافة وووو.....في خطر.

  • فاروق

    استاذنا المحترم مادامت العنتريات هي قائدنا وفرض الرأي هو منطقنا والانفراد بالقرار والتصرف بعلية الماسك بزمام الامور لا يخطئ فانه لن تقوم لنا قائمة ولن نخرج من النفق الذي دخلناه منذ زمن وتوغلنا في ظلمته خاصة بعد سنة 1992وسارت المركبة بخطوات متضاربة متعاكسه والنتيجة اننا اليوم نبكي على الماضي القريب لان انتسابنا الى صندوق النقد الدولي بتوجه ممن يختلفون عن اغلبية الشعب فكريا اوصلنا الى ما لا نريد.يوم تقدس القوانين وتحترم الام والاسرة ككل والمدرسة ومناهجها والجامعة ومنتوجها والمواطن وابداعه سننتصر.

  • سعيد مقدم

    أستاذ سليم الأمور لاتبشر بالخير .سواء تعلق الأمر بالجانب السياسي وما نراه من انحطاط في العمل السياسي. للأسف دولة بحجم الجزائر الغنية بالداكاترة والمثقفين يرأس أحزابها رويبضة القوم. يتكلمون في سفاسف الأمور لايملكون في قواميسهم الا مصطلحات التخوين ومفردات القدح والتجريح.
    الافق الاقتصادي هو الأخر يكاد يكون دامس .الخبراء يدقون ناقوس الخطر. والتقارير تتحدث أن البترول سيهوي الى 15 دولار.بينما فطاحلة السياسة عندنا يقولون الحالة راهي لاباس.لأن ما يكنزونه من ذهب وفضة يكفيهم لمواجهة سنين العجاف القادمة.

  • محمد

    لقد قام الشهداء والمجاهدون كقوة يد جبارة لنيل استقلال الجزائر ..بحبهم وتمسكهم باسلامهم واحترامهم لشعبهم اولا وسترهم لأعراضهم ثانيا..وعلمهم ان لابلد غير الجزائر وطنهم وشرفهم ...اما على ايامنا نرى حب التملك والخلود وكأنهم شياطين لا تتهوى الا الخراب.

  • sam14

    الظروف االصعبة تكشف معدن الرجال.هذا هو القماش للاسف

  • بدون اسم

    نعم أستاذ سليم كما ختمت مقالك:"‬إذا أردنا أن ننتقل حقيقة إلى حال أفضل مما نحن عليها الآن،‮ ‬وإذا أردنا أن نُبقي‮ ‬الأمل قائما في‮ ‬أننا‮ ‬يمكن أن ننفرد اليوم بريادة الإصلاح السياسي‮ ‬كما انفردنا في‮ ‬القرن الماضي‮ ‬بثورة التحرر من الاستعمار‮. ‬لقد صنع شهداء الأمس نصرهم بحبهم لبلدهم ووحدة شعبهم وعلينا أن نفعل ذات الشيء،‮ ‬من‮ ‬غير تهديد أو وعيد‮...‬"

  • بدون اسم

    لمن تقرا زابورك يا داوود

  • adel touati

    الله يستر ويحفظ البلد من الفتن ومن أعداء اليوم الذين أخرجهم المجاهدون بالأمس. ..آمين