رياضة
أقرّ بالوضعيّة الصعبة والمعقدة لمحاربي الصحراء في "الكان"

بلماضي: لن نستسلم!

صالح سعودي / ب. ع
  • 15070
  • 13

رفض مدرب المنتخب الوطني، جمال بلماضي، الظهور في ثوب المستسلم بعد الخسارة الصادمة أمام منتخب غينيا الاستوائية في كأس أمم إفريقيا، مشيرا إلى أنه ولاعبوه سيواصلون القتال من أجل تفادي الخروج من الدور الأول عندما يواجهون منتخب كوت ديفوار في الجولة الأخيرة، الخميس المقبل، رغم اعترافه بأن الكثير لن يضعوا ثقتهم في المنتخب الوطني بعد اكتفائه بنقطة واحدة في مباراتين.

خسرنا سلسلة اللا هزيمة لكن هناك أمورا أهم.. سنبحث عن التأهل

وخسر “الخضر”، أول أمس، أمام منتخب غينيا الاستوائية بهدف دون رد على ملعب جابوما بمدينة دوالا، لحساب الجولة الثانية من الدور الأول لكأس أمم إفريقيا 2021، وهي الهزيمة الأولى لـ”محاربي الصحراء” بعد 35 مباراة على التوالي وأزيد من 3 سنوات، كما أنها عقدت مأمورية زملاء رياض محرز في التأهل إلى الدور الثاني.

اعترف جمال بلماضي، خلال الندوة الصحفية التي عقدها بعد مباراة غينيا الاستوائية، بصعوبة وضعية المنتخب الوطني، وصرح: “وضعيتنا صعبة جّدا ومعقدة.. بعد فترة البقرات السمان نحن في فترة البقرات الهزيلة”، في إشارة إلى إمكانية الخروج المبكر من رحلة الدفاع عن اللقب القاري، مضيفا: “لقد ضيّعنا عديد الفرص، لكننا لم نسجل ولم نفز بأي نقطة..يمكننا التكلم لساعات”، وتابع: “بالطبع لن نقبل الخروج من الدور الأول دون أن نقاتل”، قبل أن يضيف: “المباراة المقبلة أمام كوت ديفوار ستكون صعبة جدّا، إنه منتخب يضم لاعبين مهاريين وموهوبين”، وأردف: “لم نكن ننتظر التواجد في هذه الوضعية، الحصول على نقطة واحدة فقط في مباراتين”، قبل أن يؤكد: “سنعود للعمل ونحضر لمواجهة كوت ديفوار..لقد قلت للاعبين سأتكفل بكل شيء وما عليكم سوى التركيز على كرة القدم”، وختم: “لن نستسلم..رغم أنه من الصعب وضع الثقة فينا حاليا..من جهتي أثق في اللاعبين”.

اللاعبون كانوا محبطين ومحطمين وذكرتهم بما حدث سنة 2018

إلى ذلك، أكد بلماضي بأنه كان يأمل في مواصلة سلسلة اللا هزيمة: “كنا نريد التقدم في سلسلة اللاهزيمة على الصعيد العالمي، ولكننا اليوم في المركز الثاني أو الثالث، هذه السلسلة شغلت بالنا كثيرا وهذا أمر عادي، ولكن اليوم هناك أمور أخرى أهم.. يجب أن نذهب للبحث عن التأهل إلى الدور الثاني”، وأضاف: “طالما أنني على قيد الحياة، فسأستمر بالإيمان بقدراتنا! لقد ذكّرت لاعبيّ بعام 2018 (عند بداية سلسلة اللاهزيمة)، لقد كانوا جميعا معي، ما الذي سيكون صعبا؟ النهوض في ذلك الوقت أو بعد 3 سنوات من العمل؟ لو سجلنا هدفا اليوم كان سيحل كل مشاكلنا، المباراة كانت صعبة بدنيا،.. أعلم أن العالم سيسقط علينا، وأنا أتحمل كامل المسؤولية، ولكننا يجب أن نؤمن بقدراتنا، كوت ديفوار فريق كبير، ولكنهم ليسوا غير قابلين للهزيمة”.

وأوضح: “طلبت من اللاعبين عدم الإدلاء بالتصريحات مباشرة، كنت أريد أن أتحدث إليهم، أنا أشتغل مع فريق من اللاعبين والأخوة، هم حزينون ومحبطون وغاضبون، تقريبا هم منهارون، لقد قلت لهم إنني محبط أكثر منهم، لأن مجهودهم لم يثمر لا من ناحية النتيجة، ولا من جانب سلسلة اللاهزيمة التي توقفت فجأة”، وختم حديثه قائلا: “يمكنكم وصف ما حدث لنا مثلما تريدون؛ سوء الحظ أو سوء التقدير. لا يوجد دائما إجابات مقنعة لكل الأسئلة، صنعنا كمّا هائلا من الفرص، لكن الكرة رفضت دخول الشباك، بالطبع لن نقبل أبدا بأن نُقصى من البطولة دون أن نقدّم كل ما لدينا”.

بعد ثلاث سنوات وثلاثة أشهر من أول وآخر هزيمة له
غينيا الاستوائية تذكّر بلماضي بما فعلته البنين سنة 2018

أكبر المتشائمين، لم يتصوّر أن يسقط “الخضر” أمام منتخب غينيا الاستوائية، البلد الصغير، الذي لا يمتلك تاريخا كرويا لا كبيرا ولا صغيرا، وجاءت الهزيمة وجمال بلماضي يمتلك كل نجومه وقد شحنهم بطريقة مركزة، ومع ذلك بدوا عاجزين ليس عن التسجيل فقط، وإنما عن صنع اللعب أمام فريق بإمكان أي ناد جزائري التغلب عليه، بالرغم من ضعف معظم الأندية الجزائرية.

القول بأن الكرة الإفريقية تطوّرت وبأن غينيا الإستوائية منتخب قوي هي مغالطة كبرى، فكبار القارة معروفون وسيراليون وغينيا الاستوائية لا يمكنهم أن يحلموا بالمشاركة في كأس العالم قبل قرن من الزمان، وقوى الكرة الإفريقية معروفة ولا داعي لضم مثل هذه المنتخبات إليها، لأنها تعادلت أو فازت على المنتخب الجزائري.

حتى لو فاز “الخضر” في المباراة القادمة أمام كوت ديفوار وواصلوا مشوارهم إلى غاية الربع أو النصف أو حتى النهائي، وجب التوقف عند هذه البداية السيئة لـ”الخضر” في مشوار أمم إفريقيا، فقد فازت كل منتخبات شمال إفريقيا في الجولة الثانية من دون استثناء، وجميعها تضم لاعبين محترفين في أوروبا، عادوا وتأقلموا مع الجو وحققوا انتصارات صريحة من دون مفاجآت بالأداء والنتيجة، بينما أكد رفقاء محرز بأن مشكلتهم ليست لا في الطقس ولا في أرضية الميدان ولا في رغبة المنافسين في الفوز على المنتخب الجزائري، وإنما في الكثير من الأمور الفنية وحتى في السن المتقدمة للكثير من اللاعبين الذي جعل منتخب الجزائر هو صاحب أعلى معدل عُمري في البطولة الإفريقية، فباستثناء بن ناصر وبن سبعيني وعطال، فإن كل لاعبي “الخضر” الأساسيين والذين دخلوا كاحتياطيين تجاوزوا الثلاثين من العمر أو هم على حافتها، كما لاحظنا خللا تكتيكيا في المباراتين، وإصرارا على طريقة لعب عقيمة، بل إنها بعيدة عن روح اللعب الجزائري، في وجود مبولحي أو بلعمري يرسلان كرات عالية على طريقة اللعب الإفريقي القديم.

من غير المعقول أن يلعب محرز وبلايلي مثلا 180 دقيقة، أمام منتخبات بحجم سيراليون وغينيا الاستوائية ولا يستطيعان تسجيل هدف واحد، ومن غير المعقول أن تكون الفرص الجزائرية بذلك الشكل الذي لا وجود فيه لأي جملة تكتيكية أو لعب جماعي بديع، كما أن كثرة الاحتجاج أمام الحكم صارت خصلة سيئة التصقت بلاعبي “الخضر” مثل بغداد بونجاح وجمال بلعمري ورامي بن سبعيني ويوسف بلايلي، من دون أن يتدخل الطاقم الفني، وحتى ثورة جمال بلماضي من الدقيقة الأولى إلى غاية الصافرة النهائية فيها الكثير من المبالغة من مدرب زاد الضغط على لاعبيه عندما يقف على التماس ويخرج طاقة بدنية قوية توحي بأنه فقد الثقة في نفسه وفي اللاعبين.

لم يحدث وأن وقف الجزائريون مع مدرب مثل وقفتهم مع جمال بلماضي، ووافقوه في كل خياراته من دون أي نقاش، وسموه وزير السعادة وخصّوه بالأغاني وباللوحات والأشعار، ولكن الرجل فشل لحد الآن في رحلته الإفريقية، بدءا من التحضيرات التي جعلها بالمكان والطريقة مثل تحضيرات المنتخب الجزائري لكأس أمم إفريقيا في مصر منذ سنتين ونصف سنة، والغريب أنه لعب في مباراة غينيا الاستوائية بنفس التشكيلة التي بدأ بها كأس أمم إفريقيا في صائفة 2019 قبل جائحة كورونا مع تغيير واحد، وهو تواجد بن دبكة في مكان قديورة، وهو أمر غريب لا علاقة له مع عالم الكرة، لأن اللاعب الجيد المتواجد في “فورمة” كبيرة في صيف 2019 لا يكون بالضرورة على نفس الصفات في شتاء 2022، ومقولة لا نغير الفريق الذي يفوز غير صحيحة لأن بعض اللاعبين يفوزون في زمن معين ومكان معين، وليس في كل الأزمان والأماكن..في رصيد جمال بلماضي الآن هزيمتين مع الخضر، واحدة أمام البنين في سنة 2018 وأخرى أمام غينيا الاستوائية في 2022 !.

الجزائريون تحت الصدمة رغم أمل التأهل أمام كوت ديفوار
كابوس “زيغنشور” يعود إلى الواجهة ويهدّد كتيبة بلماضي في الكاميرون

لا تزال الجماهير الجزائرية تعيش على وقع الصدمة، بعد الخسارة القاسية التي مني بها المنتخب الوطني، سهرة أول أمس، أمام منتخب غينيا الاستوائية بهدف لصفر إثر خطأ دفاعي فادح أخلط حسابات زملاء محرز كلية، وجعل عمل 3 سنوات يعود إلى نقطة الصفر، ما جعل كابوس مهزلة “زيغنشور” يعود إلى الواجهة، ولو أن تشكيلة بلماضي لا تزال تملك الحظوظ الكافية للتدارك ورد الاعتبار في حال فوزها في اللقاء الأخير أمام فيلة كوت ديفوار.

وجد المنتخب الوطني في وضعية لا يحسد عليها، بعد البداية غير الموفقة التي استهل بها نهائيات كأس أمم إفريقيا الجارية بالكاميرون، بدليل أنه لم يأخذ الدرس من التعثر في اللقاء الأول، بعد الاكتفاء بنقطة أمام سيراليون، ليؤزم وضعيته عقب الخسارة المرة في اللقاء الثاني أمام غينيا الاستوائية، في أول مواجهة تاريخية بين المنتخبين، وهي الخسارة التي أعادت كل شيء إلى نقطة الصفر، ما جعل تشكيلة بلماضي تقترب من مغادرة المنافسة أكثر من مواصلة المشوار، بناء على المردود الباهت، ناهيك عن نقص الفعالية الذي تسبب في تضييع حجم كبير من الفرص الخطيرة التي لم تجد التجسيد من الخط الهجومي، ما جعل المنتخب الوطني ظلا لنفسه في لقاءين كانا في المتناول، دون إغفال بعض العوامل المؤثرة في أدغال إفريقيا، وفي مقدمة ذلك الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية، إضافة إلى أرضية الملعب التي كانت كارثية، وخلفت مصاعب كبيرة للاعبين حالت دون الظهور بوجههم الحقيقي، إلا أن الشيء الذي تأسف له الكثير هو عدم أخذ العبرة من التعثر الأول أمام سيراليون، وهذا رغم العمل النفسي والفني الذي قام به المدرب بلماضي، حيث وقع رفقاء سليماني مجددا في الفخ أمام منافس ليس لديه ما يخسره، ما مكنه من كسب فوز مستحق فوق الميدان، مستغلا عشوائية اللعب والضغط النفسي الذي أخلط حسابات العناصر الوطنية.

وإذا كانت الجماهير الجزائرية لا تزال على وقع الصدمة بعد الوضعية الصعبة التي وصل إليها المنتخب الوطني، خاصة في ظل تقلّص حظوظ التأهل بعد بداية سلبية على طول الخط (تعادل وخسارة)، إلا أن إمكانية التدارك ورد الاعتبار لا تزال قائمة، قبل موعد المواجهة الثالثة والأخيرة من دور المجموعات أمام منتخب كوت ديفوار، وهو الأمر الذي يجعل أبناء بلماضي أمام امتحان حاسم وأخير، بحكم أن الفوز بهذا اللقاء من شأنه أن يحسم التأهل إلى الدور المقبل، وهي فرصة مهمة لتجديد العزيمة والرد على المنتقدين، وبالمرة محو الخسارة القاسية أمام غينيا الاستوائية، وهو الكلام الذي ذهب إليه الطاقم الفني في انتظار إمكانية تجسيده ميدانيا رغم اعتراف الكثير بصعوبة المهمة، بعد التأثيرات السلبية التي نالت من معنويات اللاعبين، ولو أن صدمة الخسارة الأخيرة قد تكون لها مخلفات ايجابية تتوج بفوز يرد الاعتبار أمام فيلة كوت ديفوار.

مقالات ذات صلة