الرأي

بل خوفا من الكوليرا يا نسيب!

ح.م
وزير الموارد المائية حسين نسيب

تصريح غريب صدر عن وزير الموارد المائية حسين نسيب، حين قال إن إقبال الجزائريين على اقتناء قارورات المياه المعدنية هو دليل على تحسن المستوى المعيشي لهم، وهو تصريح يضاف إلى عشرات التصريحات المستفزة من الوزراء والمسؤولين الجزائريين، ليس أولها تصريح وزير الصحة عن العقرب الوديع الذي لا يؤذي إلا إذا استفزّه الإنسان، أو تصريح ولد عباس، الذي قال إن بلدنا أحسن من السّويد!

الوزير نسيب الذي بالغ في تعداد الإنجازات وقال إن قطاعه وبرغم الضائقة المالية بقي في ديناميكية الإنجازات، واصفا حصيلة الـ2018 بـ”الإيجابية جدا”، لم يتحدث عن المياه الملوثة بالطين التي تصل أحيانا إلى البيوت، ولم يُشر إلى أن هذا هو السبب الذي يجعلهم يقبلون على اقتناء القارورات البلاستيكية المعبأة بالمياه المعدنية ومياه المنابع.

وليس هذا فحسب؛ بل إن الجزائريين تخلوا عن مياه الحنفيات بسبب المخاوف من الأمراض المعدية كالكوليرا التي انتشرت خلال الصّائفة الماضية في عدد من المناطق، وأقبلوا بشكل غير مسبوق على اقتناء المياه المعدنية بدل الشرب من الحنفيات برغم التطمينات التي قُدمت حول سلامة المياه، وهذه مشكلة أخرى تتعلق بانعدام الثقة بين المواطن والمؤسسات الرسمية.

لذلك؛ فإن إقبال الجزائريين على المياه المعدنية، ليس مؤشرا على تحسن مستوى معيشة المواطن، ولكن خوفا من الكوليرا وباقي الأمراض المتنقلة عبر المياه، والتي لن يجد الإمكانات المادية لمواجهتها، في ظل انهيار القدرة الشرائية بسبب انخفاض قيمة الدينار كنتيجة منطقية لقرار الحكومة طبع الأوراق النقدية.

وضع كارثي جراء السياسات الفاشلة للحكومات المتعاقبة، وعوض التفكير في طريقة للخروج من المأزق يخرج علينا من حين لآخر من يتكلم عن الإنجازات ويتجاهل الواقع الذي تتخبط فيه الطبقات المسحوقة، وخير دليل على ذلك قوافل “الحراقة” التي تبحر هذا الأيام نحو الضفة الشمالية للبحر المتوسط، وقد انضمت العائلات بنسائها وأطفالها إلى قوافل الهروب من الواقع المزري، وخوض مغامرة الإبحار ومواجهة خطر الموت.

وعموما، فإن الخروج من هذه الوضعية الحرجة ليس سهلا في ظل نمطٍ اقتصادي مبني على الريع، ساهمنا جميع في ترسيخه، فإن المطلوب من السادة الوزراء على الأقل احترام المواطن وعدم إطلاق تصريحات مستفزة والإدعاء بأن المستوى المعيشي تحسن وأننا أحسن من السويد، ومستشفياتنا أحسن من المستشفيات الأمريكية!

مقالات ذات صلة