-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تفاعلهم يرسم معالم جيل يتوعد الصهاينة

بنفسية الثائر.. غزة في قلوب الأطفال الجزائريين

سمير مخربش
  • 292
  • 0
بنفسية الثائر.. غزة في قلوب الأطفال الجزائريين
ح.م

يواصل العديد من التلاميذ تضامنهم اللا محدود مع غزة التي لم تعد تفارق يومياتهم، ويصرون على مواصلة التظاهر والتفاعل مع صور الأطفال التي تصلهم من غزة، فهم يشاهدون ويتابعون ولابد لهم من تفاعل تنتقل تداعياته إلى الأولياء والمعلمين، وكل كبير مطالب بالتعامل مع ابنه الصغير في ظل هذه الظروف الصعبة.
تضامن الجزائريين مع إخوانهم في غزة، له جذوره وسط الجزائريين، وقد تعزز مع انسجام موقف الشعب وقيادته تجاه القضية الأم، لتمتد صور التضامن إلى الأطفال والتلاميذ، الذين تفاعلوا مع الحدث بكل جوارحهم. وقد شحنتهم المسيرات الشعبية التي شهدتها الجزائر يوم الخميس الماضي، والتي شارك فيها التلاميذ بصرخاتهم وترديدهم للشعارات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني، وحملهم للعلم الفلسطيني الذي امتلك شعبية كبيرة عند الطفل الجزائري.
فهناك تلاميذ رسموا العلم الفلسطيني على الورق وألصقوه بأعواد وخرجوا يرددون بعفوية: “بالروح بالدم نفديك يا غزة”، هذا الشعار ردده التلاميذ في الشوارع والمدارس وفي البيوت ولم يعد لهم حديث إلا عن فلسطين والعدوان الصهيوني وسط أسئلة واستفسارات أحرجت الأولياء. فبحسب السيدة أم لؤي من سطيف، فإن ابنها لم يتوقف عن طرح العديد من الأسئلة حول هذا الظلم الذي تشهده غزة، فهو دوما يردد لماذا يغتصبون أرض فلسطين ويقتلون الأطفال والنساء، ومن هؤلاء اليهود الذين جاؤوا إلى فلسطين، ولماذا تساندهم أمريكا ومن معها من دول أوروبية. لؤي يسأل أيضا أين هم العرب، لماذا لا يتحركون لنصرة إخوانهم في غزة. هذه الأسئلة وغيرها يرددها العديد من الأطفال في المنزل وأتعبوا بها أولياءهم وخاصة أمهاتهم اللائي لا يجدن أحيانا إجابة مقنعة يطفئن بها حيرة الصغار.

المدارس تستوعب تفاعل التلاميذ
تفاعل الأطفال نجده أيضا في المدارس والمتوسطات والثانويات، أين باتت غزة الحدث الشاغل للتلاميذ، وأمطروا أساتذتهم بأسئلة حول الوضع في فلسطين، بل إن العديد منهم لازالوا يصرون على مواصلة التظاهر ويرددون شعارات متضامنة مع غزة ومناهضة للكيان، وقاموا بنشر العلم الفلسطيني في كل مكان. ويؤكد لنا الأساتذة الذين تحدثنا إليهم أنه لا يمر يوم إلا وتشهد ساحة المتوسطة وقفات تضامنية مع فلسطين وأطفال غزة، وفي كل فترة استراحة يظهر التلاميذ تفاعلهم مع الحدث ويملؤون الساحة بالشعارات المناهضة للصهاينة، ويطالب البعض منهم بالتوقف عن الدراسة والخروج في مسيرات أخرى حاشدة تعبيرا عن الغضب الذي يملأ قلوبهم، ويضطر المشرفون التربيون إلى إعادة الأمور إلى نصابها. وحتى داخل الأقسام يقول أحد الأساتذة إنه لم يعد بإمكانه مباشرة الدرس إلا بعد تهدئة التلاميذ المرددين للشعارات المتضامنة مع غزة. ويقول أستاذ آخر إنه أصبح مجبرا على تخصيص نحو ربع ساعة من كل حصة للحديث عن الوضع في فلسطين وذلك بإلحاح من التلاميذ.
هذا التفاعل يؤكد أن الطفل الجزائري قد رضع القضية الفلسطينية وهضمها مع نعومة أظافره ويضع دوما فلسطين في القلب، وفي نفس الوقت يكن كرها غير محدود للصهاينة ويصنفهم في خانة الأعداء، وهي الصورة التي لا تتزعزع عند الطفل الجزائري الذي رغم صغره يتمنى أن يقاتل اليهود ويخرجهم من أرض فلسطين الطاهرة. فعندما ترى الطفل يحمل القلم والألوان ليرسم علم فلسطين في هذا الوقت بالذات وعندما ترى الطفل ينفرد في غرفته مع ألعابه، وهو يردد شعارات مناهضة لليهود ويقول “خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سيعود”، وعندما ترى الطفل يرسم صورا لأطفال فلسطين تحت الدمار والخراب، فكل ذلك يعني أن الطفل قد واكب القضية، وفهم ولو بسطحية وعفوية من الظالم ومن المظلوم.

دعوا أطفالكم يعبرون عن أحاسيسهم
نحن الآن أمام طفل يتابع القتل والقصف والدمار والجثث وأشلاء الأطفال والجرحى والمنازل المحطمة والصواريخ والقنابل المتفجرة، كل هذه الصور يشاهدها الطفل في التلفاز أو في الهاتف عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فقد أصبح يشاهد رصاصا حيا وقتلا حقيقيا بعدما كان يتابعه في ألعابه الخيالية، لذا وجب علينا أن نتساءل كيف نتصرف مع أبنائنا في ظل هذه الأحداث المؤلمة التي تشهدها غزة. سؤال توجهنا به إلى عبد العزيز قصير مختص في علم النفس من جامعة سطيف الذي يقول: “لا ينبغي أن نحجب الحقيقة عن أبنائنا لأنهم شئنا أم أبينا على دراية بما يحدث، والصورة تصلهم بطريقة أو بأخرى، ولذلك علينا أن نتحدث معهم في جلسة هادئة ونفهمهم بأن أرض فلسطين اغتصبها الصهاينة، والفلسطينيون يريدون استرجاع أرضهم، هذا هو الإطار الذي ينبغي أن يكون فيه الحديث مع الطفل، دون الغوص في متاهات أخرى لا طائل منها، بل علينا أن نحدث الطفل باللغة التي يفهمها، ولو تطلب الأمر نشرح له الوضع بالرسومات، ونحدثه عن أطفال فلسطين الذين قتلوا وفقدوا عائلاتهم ومنازلهم، وفي نفس الوقت نبعث فيهم الأمل ونؤكد لهم بأن النصر قادم بإذن الله”.
وعن تأثير صور الدمار والقتل في غزة على أبنائنا، يقول محدثنا: “إنه من الطبيعي أن يكون لتلك الصور أثر على نفسية الطفل، ويفضل أن لا يتابعها الطفل بتمعن وبأدق التفاصيل، ويكفي أن تكون له فكرة ولو سطحية عن الحدث، لأن الطفل سيتأثر ويصاب بالذعر والقلق والتوتر وسيميل إلى الانزواء، لذلك علينا أن لا نتركه بمفرده ونتحاور معه وندعه يعبر عن أحاسيسه، ولا نجبره على كتمانها بل نتركه يعبر عنها بالكلام أو الرسم أو الحركات ونحاول أن ندعوه دوما إلى التضامن مع الفلسطينيين”.
وفي كل الأحوال يرى المختصون أنه على كل ولي ومعلم أن يتعامل بحذر مع الأطفال في ظل هذه الظروف العصيبة، التي تمر بها فلسطين والأمة الإسلامية والعربية. وما تابعناه هذه الأيام يؤكد أن الطفل الجزائري قد انغمس في الأحداث، ويكفي الطفل الجزائري أن يستلهم وعيه من الثورة الجزائرية وبطولة الجزائريين، الذين استرجعوا أرضهم وهزموا الاستعمار الفرنسي، وهو أحسن مثال نقدمه لأبنائنا ليفهموا الوضع في فلسطين، وعلى اليهود أن يستعدوا لجيل أكثر شراسة في كرهه للصهاينة، وأشد حبا لفلسطين التي تبقى القضية الأم عند الكبار والصغار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!