الرأي

“بن غبريت” ليست وحدها المذنبة..

بمجرد أن استشعر أساتذة التربية الإسلامية، بأن المادة التي يقدّمونها للطلبة، قد تصبح دون رتبة التربية البدنية، لا قيمة لها في شهادة البكالوريا، وقد تجعلهم في مهبّ ريح الاقتلاع، حتى خرجوا من “كهوفهم”، وراحوا يصرخون بالفضيحة، كما لم يفعلوا في حياتهم وخاصة بين أقسام الدراسة، وكأنهم أهل رسالة، والسيدة بن غبريت رمعون “سجاح” عصرها، بالرغم من أنهم يتفقون معنا، ويشهدون بأن الأخلاق بلغت درجة الحضيض في المجتمع الجزائري، وفي القطاع التعليمي على وجه الخصوص.

وإذا كانت نورية بن غبريت رمعون مخطئة وأحيانا “متورطة” مع سبق الإصرار والترصد، في الكثير من الانهيار الذي تعرفه المنظومة التربوية، وستعرفه مستقبلا في شق “التعليم”، فإن للأستاذ وبالخصوص أستاذ التربية الإسلامية يدا أخرى في تضييع ما تبقى من المنظومة التربوية في شق “التربية”، لنجد أنفسنا بعد تسعين سنة من وضع الشيخ عبد الحميد بن باديس لحجر أساس التربية والتعليم من دون “تربية” ولا “تعليم”، والمتهمون كثيرون، بدءا من الدولة التي اهتمت بالماديات أكثر من الأخلاق، ومختلف وزراء التعليم الذين أسّسوا لإمبراطورية الدروس الخصوصية، والغش وبيع الذمم، وانتهاء بالولي والإعلام والمعلّم ومدرّس التربية الإسلامية الذين قدموا نموذجا سيئا لتربية افتقدناها، عندما صرنا نتابع مشاهد عنف وميوعة في مدارسنا تتفوق على ما يحدث حتى في الملاهي.

وعندما تستعين وزارة التربية والتعليم، بالدرك الوطني وكذا بوزارة البريد وتكنولوجيات الاتصال لمواجهة الغش في شهادة البكالوريا، فمعنى ذلك أن الحكومة ستدخل حربا طاحنة، العدوّ فيها هم بعض التلاميذ الذين يستخدمون تكنولوجيا الجيل الثالث من أجل بلوغ الجامعة، تماما كما استعمل بعض الأساتذة الذين تتلمذوا على أيديهم نفس الوسائل، حتى بلغوا درجة تدريس الجيل الجديد من الطلبة، ومؤسف أن تعلن جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة بين الحين والآخر، عن اكتشافها لحالات غش، أبطالها طلبة يدرسون الشريعة والسنّة وعلوم القرآن والسيرة النبوية، يسرقون آيات قرآنية وأحاديث شريفة، تدعو لعدم الغش والخداع، من أجل بلوغ مناصب هي في العادة أستاذ تربية إسلامية.

سيكون من الخطأ الدفاع عن مكانة للتربية الإسلامية في برامج التعليم، من دون تهيئة الرجال المناسبين والبرامج المناسبة، التي تجعل الشعب نفسه يدافع عنها، لأنه سيشعر بأن أبناءه وأمته في خطر، أما أن تبقى التربية الإسلامية مجرد مادة للحفظ، مثل محفوظات “قطتي صغيرة” و”الغميضة” ويبقى مدرسو هاته المادة مجرّد معلمين ينتظرون في نهاية كل شهر مرتباتهم، فإن ذلك سيجعل رحيل نورية بن غبريت رمعون لا معنى له، إذا لم يغادر الذين قدموا التربية الإسلامية ومعلميها بهذا الوجه البائس، الذي جعل إحصاءات تشير إلى تسجيل أكثر من مئة ألف اعتداء من التلاميذ على الأساتذة في السنة، وجعل الأب لا يمكنه أن يلتقي مع ابنه، أو الأخ مع أخيه في الشارع، بسبب الانهيار الأخلاقي المريع الذي يعرفه المجتمع.. والذي أسّست له رمعون وأخواتها وإخوانها من معلمي “التربية الإسلامية”.

مقالات ذات صلة