بين ازدهار تعليم الفرنسية في الجزائر والمغرب العربي وتدهور تعليم اللغة العربية بفرنسا
صرح السفير الفرنسي في الجزائر (برنارد إميي) في مدينة بجاية يوم 12/5/2016، مفتخرا بأن عدد الذين يحسنون اللغة الفرنسية بالجزائر بلغ اثني عشر مليون جزائري، ومن حقنا أن نسأل سعادة السفيرعن تعليم اللغة العربية في فرنسا… مقدمين له المعلومات التالية:
نشر الصحفي الفرنسي إيمانويل تالون مقالا في صحيفة لوموند ديبلوماتيك عدد أكتوبر 2012 عنوانه (العربية “لغة فرنسا” تُذبح) يستنكر فيه التآمر على تعليم اللغة العربية في فرنسا التي يعتبرها اللغة الثانية بعد الفرنسية التي يتكلم بها أربعة ملايين فرنسي.
وفي سنة 2013 يكتب الأستاذان الجامعيان جوزيف ديشي Joseph Dichy وبيير لويس ريمون Pierre-Louis Reymond في موقع ميديابار MEDIAPART مطالبين باستعجال تسطير سياسة واضحة لصالح تعليم العربية في المدارس العامة للدولة الفرنسية، هذه اللغة التي يعتبرانها إحدى اللغات الهامة في التبادل الاقتصادي والثقافي لفرنسا. فيعلنان أن العربية غائبة كليا هذه السنة من مسابقات التبريز Capes في التعليم باللغة العربية التي تعد المدرسين للتعليم الثانوي بالرغم من الحاجة الملحة للثانويات للمدرس باللغة العربية.
ويلاحظ الأستاذان أن هذا القرار جاء ليؤكد التخلي عن تعليم اللغة العربية في التعليم العام اللائكي، وغيابا كاملا لسياسة تعليم اللغة العربية في المرحلة الثانوية، بالرغم من أن خمسين ألف تلميذ يتعلمون العربية في المرحلة الابتدائية، على معلمين جزائريين وتونسيين ومغاربة في إطار (تعليم لغات وثقافة الأصل)، من هؤلاء التلاميذ المفروض أن يمر تسعة آلاف ليستأنفوا تعلمهم للعربية في الثانويات، ومعنى هذا أن هؤلاء التلاميذ المعدّين بالابتدائي لا يجدون الأساتذة بالثانويات ليعلموهم العربية وهذا يمثل خيبة أمل أوليائهم الذين اختاروا أن يتعلم أبناؤهم لغة أصولهم كعرب.
ويستمر الأستاذان المذكوران فيؤكدان أن اللغة العربية تعتبر لغة عالمية عظمى ولغة عظمى لثقافة عالمية، وأن فرنسا تعتبر البلد الوحيد في الغرب الذي يدرّسها في سائر مستويات التعليم من المدرسة الابتدائية إلى الجامعة والمعاهد العليا. وهي لغة لها وضعها المميز في ميدان العلاقات الاقتصادية، ويطرح الأستاذان السؤال التالي: لماذا تعليم العربية لا يستمر في المدارس الثانوية؟ ويريان أن غلق إعداد أساتذة اللغة العربية للثانويات معناه وقف تعليم العربية بالمرحلة الثانوية وبالتالي في الجامعة، ويلاحظان أنه بالنسبة لتعليم الألمانية بل والصينية يوفر التعليم الفرنسي الفرص للاستمرار في تعليمهما بإعداد المعلمين المبرزين، لماذا هذا لا يطبق على اللغة العربية؟
يرى أساتذة اللغة العربية بفرنسا أنه يجب وقف التعامل مع العربية كلغة مغتربين، وتشجيع تعلمها في مدارس الجمهورية حتى تتاح الفرصة لمن يريد تعلمها كلغة أصولهم أو دينهم واعتبارها (لغة فرنسا).
موقف الجزائر والدول العربية وجامعة الدول العربية:
هذا ما عرضه بنزاهة هذان الأستاذان الجامعيان الفرنسيان، يبقى موقف الدول العربية وجامعة الدول العربية، المفروض أن توضح لفرنسا، بأن لغتها الفرنسية لا تعلم فقط بالعالم العربي، بل وتسيطر على التعليم وإدارة الدولة في أقطار المغرب العربي، المفروض على الدولة الفرنسية أن تعلم العربية بمدارسها بل وتوسعه فتتيح للملايين من الفرنسيين من أصول مغاربية أن يتعلموا لغة أصولهم ودينهم، بل لماذا لا يهدد العرب فرنسا فيقولون لها: “إما أن تغيري موقفك من تعليم العربية أو سنكون مضطرين لاتخاذ موقف من تعليم الفرنسية في العالم العربي”، إننا كعرب نبرهن على أن دولنا ليس بها مثقال ذرة من الاعتزاز، بل هي عبارة عن إطار من الحشد البعيد عن أي كرامة وشهامة…