-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بين نظامٍ مستبد ومعارضة عميلة

حسين لقرع
  • 5137
  • 15
بين نظامٍ مستبد ومعارضة عميلة

أبتلي الشعب السوري بواحدٍ من أعتى الأنظمة الاستبدادية في التاريخ، فقد كتم أنفاسه لمدة 44 سنة كاملة، وأنكر عليه أبسط حقوقه في الحرية والديمقراطية والعدالة والكرامة.. وحينما انتفض ضده مطالباً بإنهاء الديكتاتورية وإقامة ديمقراطية حقيقية، واجهه بقمع دموي عنيف.

   لكن المفارقة أن المعارضة التي ركبت موجة الثورة وتظاهرت بتبني مطالب الشعب السوري في تحقيق الديموقراطية، حرّفت ثورته عن مسارها السلمي وحوّلتها إلى حرب أهلية طائفية نتنة، ثم أعلن فصيلٌ مسلح منها بوضوح ولاءه التام لـ”القاعدة”، وقال في بيان له إنه يهدف إلى بناء دولة إسلامية تطبِّق الشريعة في سوريا و”لا مكانة للديمقراطية فيها”، ما يعني أن الهدف الأول الذي انتفض الشعبُ السوري من أجله منذ مارس2011، لن يحققه هذا الفصيلُ السلفي إذا وصل إلى الحكم بالقوة.

     أما الفصيل العلماني في المعارضة المسلحة، فكان انحرافه أشد وأنكى من خلال الارتماء في أحضان أمريكا والصهاينة، والقبول بأن يعالج جرحاه في المستشفيات الصهيونية، وبأن يتلقى بعضُ عناصره تدريباتٍ عسكرية خاصة في الأردن على يد ضباطٍ أمريكيين قصد نشرهم قرب الجولان المحتل للحؤول دون قيام المقاتلين السلفيين بأية عمليات ضد الاحتلال، ما يعني أن هذا الفصيل من المعارضة المسلحة قد قبل أن يتحوَّل إلى “جيش لحْد” جديد مهمته حماية الاحتلال الصهيوني من أية عمليات مسلحة.

   وقد بلغ انحراف المعارضة العلمانية السورية إلى درجة أن ناطقها الإعلامي، أبدى ترحيبَه الشديد بالقصف الصهيوني الأخير لسوريا، وزعم أن الشعب السوري يؤيد هذا العدوان وخرج للاحتفال به.

   والحصيلة أن الشعب السوري قد أُبتلي بنظام استبدادي دموي من جهة، وبمعارضة شمولية هي الأخرى، أو انبطاحية عميلة لأمريكا وللصهاينة من جهة أخرى، ما يضاعف معاناته ويُضعف أملَه في غد أفضل؛ فما الذي يجنيه باستبدال النظام الاستبدادي الحالي بنظامٍ شمولي آخر يحكمه على طريقة طالبان في أفغانستان بين أعوام 1994 و2003، أو بنظامٍ عميل لأمريكا والصهاينة قد يكون توقيعُ اتفاق كامب ديفيد جديد، بذريعة استعادة الجولان المحتل، أولى أولوياته فور وصوله إلى الحكم قصد تقديم المقابل لهما على دعمهما له؟

   الشعب السوري الآن في ورطة، وهو يتكبّد خسائرَ فادحة في هذه الحرب الطاحنة التي قد تنتهي بتكريس بقاء الديكتاتورية الحالية أو استبدالها بنظام لا يقل عنها استبداداً، أو بنظام انبطاحي عميل يعيد معه التجربة الاستبدادية المريرة لمبارك. فما هو الحل؟

   المخرج يكمن في أن يستعيد الشعب السوري زمام المبادرة، و”يكنس” مختلف الأطراف، قصد إنقاذ ثورته من الفشل أو المصادرة، والعودة بها إلى تحقيق هدفها الرئيس وهو إقامة دولة ديمقراطية حقيقية تعود فيها الكلمة للشعب وحده في اختيار حكّامه، وتتعايش فيها كل الطوائف وفقاً للقانون، ولا تنبطح للعدو، ولا تتنكر للمقاومة في فلسطين وفي كل مكان، بل وتساهم فيها من خلال اتخاذها أنموذجاً مشرفاً يُحتذى به لتحرير الجولان، هذا الحل قد يبدو مثالياً في ظل عدم توفر بديل رابع يقود الشعب إلى تحقيقه، ولكنه الحل الأوحد وإلاَّ آلت الثورة السورية إلى الفشل الحتمي. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
15
  • دحمان

    مشكلة العرب و الجزائريين التطرف في المواقف لدى السلطة الحاكمة و لدى الشعب المتعطش الى الحرية .

  • شامل

    اشترت كل رؤوس النظام ابتداءا من بشار مقابل السكوت أو تسهيل مهمة تشييع أهل السنة و هذا ما حدث منذ بداية الثمانينات ،10 الآف دولار لكل عائلة سنية مقابل اعتناق دين الشيعة و الهدف البعيد هو تكوين الهلال الشيعي الذي يمتد من البحرين ، الكويت،العراق،سوريا و لبنان.وللحديث بقية.

  • شامل

    إخواني كنت أظن أن الشبيح الوحيد في الشروق هو الأستاذ صالح عوض و إذا بي أكتشف في مقال الأستاذ حسين لقرع شبه شبيح..
    لمـــــــاذا لا تريدون أن تفهموا بأن الضرب في سوريا مهوش حرية أو ديموقراطية أو أو.
    الضرب يا إخواني راه عقدي ،سوريا كانت و لا زالت الرئة التي تتنفس منها ايران لتطل على العالم و تابعها حزب الآت في لبنان و لهذا السبب لن تتخلى ايران عن سوريا مهما كلفها ذلك من ثمن سواء كان ماديا أو بشريا..ايران صرفت الملايير من الدولارات على النظام النصيري في سوريا.تابع

  • متتبع

    ما يحدث في سوريا هو فصل من فصول الحرب الباردة
    التي كنا ندرسها سابقا في مادة التاريخ و لكنه على أربعة محاور
    روسي أمريكي من جهة و شيعي سني من جهة أخرى
    الكارثة تكمن في أنه لايمكن حل النزاع إلا بالتضحية بأحد الأطراف
    لا يمكن لطرف أن يبقى إلا على جثة الطرف الأخر
    تبقى الكفة لمن سترشح

  • أبو علي

    هناك نوعان من النظم الإستبدادية، النوع الأول من شاكلة النظام السوري، الذي يدعم حركات المقاومة، ويرفض بيع القضية الفلسطينية مثلما يفعل الأعراب، ويرفص الخضوع للمشاريع والسياسات الأمريكية والغربية التي تهدف إلى تقسيم الأمة والسيطرة على مقدراتها. والنوع الثاني من الإستبداد هو إستبداد النعاج الذين يبيعون الأمة في سوق النخاسة في واشنطن ولندن وباريس وتل أبيب. والمعارضة تابعة لهذا النوع الثاني. فأهلا وسهلا بالنوع الأول.

  • Benrezkallah

    قال لنا الغرب حرية المرئة وهم يريدون مسخها واستغلالها ولما وجدوا حريتها الحقيقة والكاملة في الإسلام قالوا حقوق الإنسان ولما وجدوا في الإسلام حتى حقوق الحيوان قالوا الديمقراطية ولما وجدوها في الأحزاب الإسلامية قالوا التشدد والعنف والتطرف
    خاب وخسر من حسب أن ترضى عنه الطائفتان
    وهل كل ماحصل في أفغنستان وباكيستان واليمن ومصر وليبيا وتونس و سوريا والجزائر والمغرب والسومال والسودان وووووو إرهاب من يبتغي غير الإسلام دينا ........ثم لماذ لا نعطي الفرسة لطيار الإسلامي ولماذ نحكم عليهم حتى في الأسبوع الأول من الأنتخابات

  • حسام

    يوجد كتاب الله وسنة رسوله ويوجد كتاب امريكا والغرب وسموها بءسماء كثيرة فءنتم اختارو ايهما اصح

  • بدون اسم

    مقال دقيق و القادم سيؤكد دلك...

  • hossam hossam

    اخي فريد اعتقد امامنا تجارب لدول اسقطت الانظمة الفاسدة والمستبدة وماهي النتائج؟ هل عرفت هذه الشعوب ان تمارس الحرية بشكلها الصحيح؟

  • فريد بن فرحات

    لا ياوليد الشعوب العربية ليست جاهلة بل واعية ولكن الانظمة مستبدة .وكلام الصحفي يرى نصف الكاس ولايرى كل الكاس اي عندك الحق في قول استبداد الانظمة ولكن الثوار ليسوا عملاء بل مجاهدون يطلبون الحرية لوطنهم ولشعبهم وبخصوص شماعة القاعدة فهذا عذر اقبح من ذنب لان اغلبية الثوار ليسوا من القاعدة وهم منشغلون باسقاط النظام لاغير وبعدها ناتي للحكم المهم النصر ان شاء الله للثوار والشعب السوري غير المساند للطاغية بشار.

  • وليد

    كل ما جنته ثورات الربيع العربي هو حرية سياسية على حساب الامن الاجتماعي والاقتصادي, فهل هذه الشعوب ثارت من اجل الحرية السياسية؟
    بكل الاحوال الحرية لاتمنح لجاهل وشعوبنا للان اثبتت انها شعوب جاهلة وبعيدة كل البعد عن مفاهيم الحرية والديمقراطية..

  • زهير

    مقالك ينطبق على بلدنا الجزائر مع اختلاف طفيف.فلاتذهب بعيدا ووجه كتاباتك الى بلدك أقصد بلدنا جميعا فانه آيل الى السقوط

  • موح تيارتي

    بوه عليك.وللي طلبها الشعب السوري ساهلة!!!!شوف وبسيطة : الحرية واليموقراطية والكرامة والعدالة والنظام السوري كبقية الانظمة العربية يفهم بللي راك تقولو اختفي ولا تترك اي اثر وهو يظن بللي بلادو ورثها على بوه اللي ورثها على جدو .هدا محال .كانك تطلب من الحوتة تخرج تعيش خارج الماء يا اخي حسين.

  • حفوظ المحفوظ

    كنت أعتقد في البداية أن صاحب المقال يتحدث عن بلده الذي هو من زجاج ! وإذا به يرشق الناس بالحجارة!

  • حفوظ المحفوظ

    وكأن الشعب السوري نال حريته واستقلاله حتى تنصحه بأن يكنس الجميع ويقيم نظام ديمقراطي! ربي يهديك برك يا لقرع