-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بين 6 أكتوبر 73 و6 أكتوبر 2013

حسين لقرع
  • 2554
  • 5
بين 6 أكتوبر 73 و6 أكتوبر 2013

في يوم 6 أكتوبر 1973 أنجز الجيش المصري معركة عبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف، ومع أنه لم يستطع تحرير سيناء المحتلة، إلاَّ أنه حطَّم على الأقل أسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يُقهر.

أما في 6 أكتوبر 2013، فلم يجد الجيشُ المصري عدوا يطلق عليه الرصاص الحي سوى أبناء الشعب من الذين تظاهروا ضده سلمياً احتجاجاً على انقلابه على الشرعية، فقتل منهم 53 متظاهراً وجرح المئات، ليضافوا إلى آلاف القتلى من المتظاهرين السلميين الذين لم يتورع عن إطلاق الرصاص الحي عليهم بدم بارد منذ انقلابه في 3 جويلية إلى الآن.

 

  في 6 أكتوبر 1973، اجتمعت الجيوش العربية لتؤازر جيشي مصر وسوريا في معركتهما لاسترداد سيناء والجولان، ومن ثمة تحرير باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومع أن الجيوش العربية مجتمعة لم تتمكن من انجاز المهمة، إلا أنها كانت على الأقل متحدة متآزرة ملتفة حول القضية الفلسطينية والقضايا العربية العادلة.

 أما في أكتوبر 2013، فقد سمعنا ضباطا سامين مصريين يهددون باحتلال غزة عوض السعي إلى تحرير باقي الأراضي الفلسطينية التي لاتزال محتلة باستثناء القطاع، وبدأنا نسمع بأن مسؤولي دول خليجية وملَكية عربية اجتمعوا بمسؤولين صهاينة لبحث مسألة التقارب الأمريكي الإيراني الأخير، وتحريض الصهاينة على شن عدوان عسكري على إيران بعد أن “خذلتهم” أمريكا وآثرت حل ملف النووي الإيراني سلمياً بدل أن تدمِّره بطائراتها، وقد استغل نتنياهو الفرصة فعرض “تحالفاً” على بعض الدول العربية ضد إيران، وزعم أن هذه الدول تتقاسم مع كيانه المخاوف نفسها من النووي الإيراني الذي “يهدد أمن الطرفين”، ولم يجرؤ بعدها أي حاكم خليجي أو عربي على الرد على نتنياهو.

ونخشى أن يأتي اليوم الذي يقوم فيه فعلاً هذا التحالفُ بين جيوش دول عربية والجيش الصهيوني سواءً لضرب النووي الإيراني، أو حزب الله في جنوب لبنان أو سوريا وحماس، فلا شيء يُستبعد الآن بعد أن أصبحت الصحفُ الأمريكية والغربية تتحدث عن لقاءات بين قادة خليجيين وصهاينة لبحث “خطر” النووي الإيراني، دون أن تقوم هذه الدول بتفنيد ذلك، بل إن كل ما قامت به هو معاتبة الصهاينة على تسريب خبر إيفاد مبعوث خليجي إلى تل أبيب، إلى إحدى الصحف العبرية التي نشرته، فقد كانت تتمنى أن يتمّ التكتمُ على ذلك.

هي مقارناتٌ محزنة بين واقعنا المجيد قبل 40 سنة وواقعنا المرير الآن؛ بالأمس كان العربُ متحدين حول أهداف وقضايا مصيرية واحدة، وكانوا يرون الكيان الصهيوني العدو المشترك الأكبر والخطر الداهم عليهم جميعاً، وكانت قضية فلسطين هي القضية العربية المركزية الأولى، أما الآن فقد تغيّر الحكام، وتراجع الاهتمامُ بالقضية الفلسطينية إلى ذيل قائمة الاهتمامات، وتناستها وسائلُ الإعلام العربية فلم تعد تذكرها إلا لِماماً وفي ذيل الأخبار، ولم يعد الكيان الصهيوني عدوا للأعراب، ولم تعد رؤوسُه النووية الـ300 المنصَّبة على صواريخ قادرة على الوصول إلى أي مدينة إسلامية أو عربية، تشكل أي خطر، بل أصبحت حماس وفصائلُ المقاومة هي العدو الذي ينبغي التآمر عليه لتثبيطه، وأضحى حزب الله “مغامراً” يجب الوقوفُ في وجهه والكيد له، وأصبحت إيران هي العدو الأكبر للعرب، وبرنامجُها النووي الإيراني “خطراً” يداهمهم..

 

ترى ما الذي تغيّر حتى تتغيّر المفاهيم والقيم ويصبح المسلم عدوا، والصهيونيُ صديقاً يمكن التحالفُ معه؟ ما الذي جرى لعقول العرب؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • عابر

    المجوس وبيدقهم في لبنان هما الخطر الاعظم.

  • علاء خفاجي

    نعم اشاطرك الراي اخي الكريم انه مخطط امريكي صهيوني للقضاء علي الجيوش العربيه بدا بالعراق ثم سوريا وكانوا يخططون للقضاء علي الجيش المصري للاسف هناك من يروج ان الحرب دينيه للاسف بعض الفئات تنساق وراء هذه النغمه للاسف هناك من ينساق وراء الشائعات ويساندهم الاعلام الفاشي يا اخي دم المسلم علي المسلم حرام المتاسلمون هم من يقتلون ويفجرون من اجل ماذا من اجل السياسه فقط ليس من اجل الدين الاسلام دين وسطيه والامه الاسلاميه لا تجتمع علي ضلاله

  • الحراشي او نوص

    اصبحت السياسة في بلادنا مثلها كمثل كرة القدم هناك حارس المرمى و دفاع و هجوم الكل يخلط و يجلط بدون علم و كثير من الجهل .يقول المثل العربي: عدو ذكي خير من صديق جاهل و هذا حالنا و للاسف.يقول الإمام السجّاد عليٌ بن الحسين عليهما السلام: (إياك ومصاحبة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك).لكن أيضاً لآ أريد عدو ذكي، والحمد لله فإن أعدائنا من الحمقى.من اجل الكرسي الكل يتقاتل مع الكل وبعد مدة يصبح الكل يتحالف مع الكل .

  • د / أسامة ناصف

    سيدى ، إذا كنت مغرضا فيما تقول فهذا الكلام ليس لك ، أما إذا كنت لا تستطيع قراءة المشهد جيدا فأقول لك أن الجيش المصرى أنقذ مضر من حرب أهلية تنتهى بتقسيمها و إنهيار جيشها كما يخططون لسوريا الآن ، فأرجو أن تقرأ المشهد جيدا و شكرا

  • محمد رايس

    الذي تغير يا سيدي بعد 6 اكتوبر 73 هو ان بعض الدول العربية و الخليجية بالخصوص اصبحت تدعم الارهابيين و الجماعات الارهابية ضد دولهم . انظروا ماذا جرى لسوريا و قد جروا اليها كل مرتزقة العالم لتدميرها و تقسيمها و اعادتها قرونا الى الوراء . اما بالنسبة لمصر فقد حضروا لها نفس السيناريو و الان يريدون تركيعها في عيد النصر . بعض الاطراف تدعم الاخوان و هم يعلمون انهم سوسة الارض و فيروس قاتل ....