الرأي

تأجيل ما لا يؤجل!

قادة بن عمار
  • 4173
  • 18

وزير الفلاحة، يقول إنه سيحلّ أزمة البطاطا خلال أيام، ووزير الصحة، يتحدث عن حلّ لأزمة ندرة الأدوية خلال أسابيع، تماما مثلما يقول وزير الداخلية بعد كل عملية إجرامية، أنّ التخلص من بقايا الإرهاب بات وشيكا، أو حتى وعود وزير الشباب والرياضة المتكررة لإنهاء أزمة العنف في الملاعب وغيرها من مشاكل وأزمات الكهرباء والماء والفيضانات، والامتحانات والإضرابات و..و..و.. الجميع يتحدث عن تأجيل ما لا يؤجل، ويتوقع نزول حلول جاهزة من السماء، في الوقت الذي يعلم فيه الشعب أن هؤلاء لا يقومون بشيء غير كسب مزيد من الوقت حتى موعد الانتخابات.

يركض الجميع في الوقت الحالي، وبكل الاتجاهات بحثا عن رضى الشعب، وسعيا لمغازلته من أجل المشاركة في الانتخابات بقوة يوم العاشر ماي، وكأن هؤلاء الوزراء والسياسيين ورؤساء الأحزاب قادمون من بلد آخر، أو جاؤوا من قارة بعيدة، وليس من الجزائر، والتي كان بوسعهم معرفة مطالب الشعب فيها بشكل مباشر وبدون مقدمات، أو حتى انتظار الانتخابات والحصول على اعتماد..حتى الإعلام الثقيل، والموالي للحكومة وليس الخدمة العمومية، صدّع رؤوسنا بالكلام عن أهمية الانتخابات، والتحدي المرفوع أمام الشعب لمواجهة الخارج ووقف المؤامرات وإجهاض الدسائس والحفاظ على السيادة الوطنية، وتقوية الاستقرار، لا بل إن البعض تلقفوا تشبيه الرئيس بوتفليقة للحدث الانتخابي بثورة الفاتح نوفمبر، فراحوا يتحدثون عن الساعة الصفر، وعن الجهاد في سبيل الحفاظ على حرية البلاد وكرامة العباد، رغم أن هؤلاء يعانون من استعمار داخلي أكثر منه خارجي.

الشعب الزوالي يريد البطاطا في الأسواق بوفرة، وبأثمان معقولة، يريد لأبنائه تعليما سليما بعيدا عن الحسابات والإضرابات، يبحث عن مساكن تؤويه وتحفظ كرامته، ولشبابه مناصب عمل بعيدا عن ترقيع عقود ما قبل التشغيل وأخواتها.. الشعب يبحث عن مواجهة الحڤرة والذل وسرقة المال العام ووقف الفساد وتطهير الساحة السياسية والحزبية من اللصوص والمرتزقة، وحينها سيستعيد ثقته في حاكميه ويتوجه للانتخابات دون طبل ولا تزمير، ولا صرفٍ للمال العام من أجل إقناعه بأداء واجبه.

الرئيس بوتفليقة قال في أحد خطاباته الأخيرة: “على الشعب إدراك أن عليه واجبات مثلما له حقوق” وهو كلام صحيح، لكن السؤال الحقيقي: إن كان الشعب قد حصل على كل حقوقه حتى يؤدي تلك الواجبات ألا يتلاعب المسؤولون المحليون هذه الأيام بمشاعر الشعب وحقوقه حين يقولوا بأنهم قرروا تأجيل توزيع السكنات إلى ما بعد الانتخابات؟ ألا يعد هذا تحريضا على المقاطعة، أليس ابتزازا تمارسه السلطات المحلية ضد الزوالية؟ كيف تتحدث السلطة عن مكافحة الحڤرة في الوقت الذي تكرسها محليا وفي الكثير من الولايات؟ ألا تعلم أنها بوقف توزيع السكنات ومناصب العمل وتعليق كل المشاكل والأزمات إلى ما بعد الانتخابات، تنفخ في الفتنة وتمارس العبث مع الشعب وتنسف كل محاولات الإصلاح!؟ إلى متى ستظل السلطة تعتمد حلولا انتحارية في التعامل مع الشعب في الانتخابات، من أجل الحفاظ على مكاسبها وامتداد نفوذها وبقاء سطوتها؟

مقالات ذات صلة