-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تجار أغراض الموتى وممتلكات المتنازعين.. يتخذون من المحاكم سوقا لهم

نسيبة علال
  • 1238
  • 0
تجار أغراض الموتى وممتلكات المتنازعين.. يتخذون من المحاكم سوقا لهم
بريشة: فاتح بارة

يتوقع أي منا أن يجد تجارا في أي مكان غير السوق، كمداخل العمارات والمدارس وحتى المساجد، لكن ما لا يخطر على بال الجميع، أن يتواجد تجار في أروقة المحاكم، نشاطهم خاص واستثنائي وطريقته في الشراء والبيع بعيدة عن النزاهة في أغلب الأحيان.

تجار من نوع خاص، تستهويهم أغراض الموتى وممتلكات الورثة، يقضون وقتهم بالمحاكم ويحوزون حصة الأسد مع الزبون، يروضون المتنازعين بلا كلل ولا ملل، همهم الاستيلاء على العقارات والشركات والسيارات وما غلى ثمنه، وارتفعت قيمته بأبخس الأسعار.

يستغلون احتدام النزاع وضعف المتنازعين

عندما توفي زوج السيدة جهيدة، ترك سيارة أجرة كان يعيل بها أسرته، فتنازعت بناته مع أخيهم على حقهم فيها، وبلغ الأمر على صغره أروقة المحاكم، البعض موافق على البيع والبعض رافض، والأخ يدعي أحقيته الكاملة باستغلالها.. وبين كل هذا، قرر هذا الأخير بيع السيارة إلى تاجر أقنعه وهو ينتظر آخر محاكمة للفصل. تقول جهيدة: رأيت ابني يبيع سيارة بقيمة مليوني دينار، بما يقارب تسع مائة ألف دينار، ليلقي مبلغا زهيدا جدا إلى أخواته يتقاسمنه. رفضت، وطلبت من المحامي أن يكمل الإجراءات، غير أن أكثر من تاجر واحد كانوا يتربصون بنا داخل أسوار المحكمة، كل واحد يريد حصة الأسد له”.

ينقضّون كالنسر وقت المحاكمة فريسة سهلة ومربحة

خالد، رب أسرة خمسيني، اختلف مع أبناء أعمامه على قطعة أرض تعود إلى جدهم، ووصلت القضية إلى مصطبة القاضي، يقول: “بعد عدة جلسات، وعندما غادرنا القاعة، اقترب مني رجلان، طلبا أن نشرب معا فنجان قهوة مقابل المحكمة.. دخل أحدهم في المفاوضات دون مقدمات، وطلب أن نبيعه الأرض ليأخذ كل طرف حقه، لم يكن المبلغ يساوي ربع قيمتها الحقيقية، ولكنها بيعت إليه، ولم يتوقف النزاع، غير أنه ظفر بها بحكم الحق الذي ثبت لي، ندمت كثيرا على هذه الخطوة وشعرت بأنها تهور”. يؤكد خالد أن هذا النوع من التجار خطير جدا، وينتظر لحظة الضعف بشغف، حتى ينقض كالنسر على البائع الذي يكون في حالة غضب أو قلق أو خوف شديد، “شعرت بأن أرض جدي التي تنازعنا حولها قد نهبت”.

القانون لا يحمي تجار الممتلكات المتنازع عنها

تشير العافر بهية، دكتورة في القانون بجامعة البليدة لونيسي علي، إلى ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 400 من القانون المدني الجزائري: “يعتبر الحق متنازعـا فيه، إذا رفعت من أجله دعوى أو كان محل نزاع جوهري”.

بما أن مصائب قوم عند قوم فوائد، يستغل تجار العقار والممتلكات الثمينة موقع النزاع، ألا وهو المحاكم، للتربص بالمتنازعين، الذين يرغب كل طرف منهم تحقيق الربح المادي، والتخلص من النزاع بأكثر فوائد وأقل أضرار. تضيف الدكتورة: “غير أن الكثير من هؤلاء التجار الذين يبنون تجارتهم على أزمات الناس، لا يعلمون أنهم المتضرر الأول منها في حال أي لبس، بحسب ما ينص عليه القانون المدني الجزائري”، في بيع الحق المتنازع فيه إلى المشتري، فإن المشتري هنا هو الذي يتحمل تبعة مصير النزاع المتعلق بهذا الحق، فإما أن يثبت الحق للبائع فيثبت للمشتري باعتباره خلفا خاصا له، وإما ألا يثبت فلا ينتقل الى المشتري أي حق”.

مع أن القانون الجزائري لا يحمي تجار الممتلكات المتنازع حولها، إلا أن عددهم في تزايد مستمر، وقد أصبح سوقهم يتوسع يوما بعد يوم، مؤثرا من جانب آخر على منحنيات تجارة العقار والسيارات والمعادن النفيسة، وما إلى ذلك مما يتنازع عليه المجتمع عادة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!