-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الأجهزة الكهرومنزلية والملابس على رأس اهتماماتهم

تجار “شارع دبي” بالعلمة يستعدون لاستقبال المتسوقين التونسيين

سمير مخربش
  • 3335
  • 0
تجار “شارع دبي” بالعلمة يستعدون لاستقبال المتسوقين التونسيين
أرشيف

يستعد تجار دبي بالعلمة في ولاية سطيف، لاستقبال المتسوقين التونسيين، في حركية جديدة جمدت منذ أكثر من سنتين بسبب الجائحة، لتعود اليوم الحيوية للحدود التونسية الجزائرية، بقرار من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، ما يعني أيضا نفسا جديدا للتجارة بمدينة العلمة التي اعتادت على تسوق التونسيين في سنوات سابقة، وهي اليوم تترقب البعث الجديد للحركة التجارية الراكدة.
قرار فتح الحدود البرية مع الشقيقة تونس، كان بمثابة نفض الغبار عن تجارة خامدة منذ أكثر من سنتين بالمدينة التجارية العلمة، التي تعد أهم وجهة جزائرية للمتسوقين التونسيين الذين يصنفون حي دبي التجاري كقطب حيوي يسمح لهم بالاسترزاق، واقتناء مختلف البضائع المستوردة وكذلك المحلية المصنعة في الجزائر، والتي تستهوي التونسيين نظرا لقلة تكلفتها وأسعارها المغرية.
الأجواء هذه الأيام بمدينة العلمة ليست كسابقاتها، بل يغلب عليها طابع الاستعداد لاستقبال الضيوف الذين سيأتون من وراء الحدود. فالجولة هنا بحي دبي توحي لك بأن هناك شيء يُطبخ خلف واجهات المحلات، وأن الركود الذي خيم على المنطقة منذ أكثر من سنتين يقترب من نهايته لتبدأ مرحلة جديدة ستنقذ التجارة بالمدينة العريقة.

“والله توحشناهم!”
“والله توحشناهم” بهذه العبارة فاتحنا المدعو (ب. محمد) صاحب محل للأواني المنزلية بحي دبي، والذي يؤكد فرحة تجار العلمة بعد قرار فتح الحدود البرية الجزائرية التونسية لأن التونسيين ساهموا في إحياء التجارة بمدينة العلمة، وكان لهم الفضل في خلق ديناميكية تفاعل معها التجار الجزائريون الذين وفروا كل شيء لأشقائهم التونسيين. فالبضائع التي لا يجدونها في تونس متوفرة في العلمة بأسعار مغرية مقارنة بما اعتادوا عليهم في بلدهم الذي لا يملك تجربة كبيرة في الاستيراد على عكس الجزائر التي انفتحت على التجارة الخارجية خصوصا الصينية التي تعني الوفرة وبتكلفة أقل، ولذلك وجد التونسيون ضالتهم في العلمة يقول محدثنا.
والاهتمامات التونسية شملت مختلف المجالات مثل الألبسة والهواتف والأجهزة الإلكترونية والكهرومنزلية وأجهزة الإعلام الآلي ومواد التجميل والخردوات وحتى المواد الغذائية. وكل السلع لها رواج في تونس، حيث تحول التونسي إلى مستهلك جيد لكل ما هو مستورد. وبالنسبة لقطاع الألبسة يقول التاجر (ز.أيوب) الذي يملك محلا بحي دبي إن الملابس بمختلف أنواعها لها رواج وسط التونسيين، وقد اعتادوا على النوعيات المستوردة خاصة من الصين لكن نحن نعمل حاليا على إقحام المنتجات الجزائرية التي تتميز بالنوعية لأنها تعتبر حاليا أفضل بديل للسلع المستوردة، التي تراجعات بسبب تعقيدات الاستيراد وغلاء التكلفة بعد جائحة كورونا، وبالتالي ينبغي الآن يقول أيوب أن نعمل على الترويج للمنتج المحلي والحفاظ على السوق التونسية.

عودة.. لكن بأسعار مختلفة
إلى جانب الفرحة بعودة التونسيين والتفاؤل الكبير الذي يسود شارع دبي بالعلمة، هناك من يبدي بعض التشاؤم لأن الوضع لم يبق كما كان عليه في السابق فالأسعار تغيرت لأن التكلفة ارتفعت في كل المنتجات المستوردة دون استثناء. وحركة التغيير بدأت من بلد المنشأ، حيث ارتفعت تكلفة المواد الأولية في الصين وفي السوق العالمية، وانعكس ذلك على كل المنتجات سواء الألبسة أو الالكترونيات أو الأواني وغيرها من المنتجات. وهنا يقول صالح وهو مستورد التقيناه بحي دبي بالعلمة، إن الزيادات مست كل البضائع دون استثناء، ولا يتعلق الأمر بالتكلفة فقط بل بالنقل البحري الذي تضاعفت تكلفته أكثر من أربع مرات، بل هناك عمليات شحن ونقل تفوق تكلفتها قيمة البضاعة في حد ذاتها، وهذا يعني ارتفاعا كبيرا في أسعار الجملة والتجزئة. وهو الأمر يقول صالح الذي ينبغي أن يتفهمه التونسيون الذي سيصدمون دون شك بالزيادة في الأسعار التي تغيرت بشكل كبير.
ورغم هذا التشاؤم هناك تجار يقولون إن الوضع سيكون أخف بالنسبة للتونسيين لأن فارق العملة له دور كبير في العملية التجارية، فبمجرد أن أُعلن عن فتح الحدود البرية استعاد الدينار التونسي مكانته التي فقدها في السنتين الأخيرتين، وعرف انتعاشا مباشرة بعد صدور قرار الفتح، حيث كان سعره مؤخرا يقدر بـ5000 د.ج مقابل 100 دينار تونسي لترتفع اليوم إلى 6500 دج، ومن المنتظر حسب المختصين في تجارة العملة في السوق السوداء أن يصل السعر إلى 7000 دج بعد الانتعاش المرتقب في السياحة التونسية التي دعمها الجزائريون بالدرجة الأولى. ولذلك يقول محدثونا من تجار العلمة أن كل الحسابات لصالح التونسيين لأن التاجر التونسي الذي يحضر معه 1 مليون تونسي يحوله إلى 7 ملايين سنتيم بالعملة الجزائرية، وهي قيمة تسمح له بشراء كمية معتبرة من البضائع وهو حال تجار “الشنطة” الذين يستغلون هذا الفارق في العملة.
ويظهر هذا الفارق خاصة في المواد الغذائية الجزائرية التي تبقى رخيصة الثمن مقارنة بالمواد الغذائية التونسية، وعلى سبيل المثال الكعك المخصص للأطفال والذي يقدر سعره في الجزائر بـ10 دج وجد فيه التجار التونسيون ملاذهم فحولوه إلى بضاعة تصدر إلى تونس لتلقى استهلاكا واسعا، فتباع القطعة الواحدة بـ300 مليم تونسية، وهي تكلفة أقل بكثير من الكعك التونسي الذي يتجاوز سعره 1 دينار تونسي ويصل أحيانا إلى 2 دينار تونسي. ونفس الشيء بالنسبة لعلب العصير المخصصة للأطفال، والتي يقدر سعر الوحدة منها بـ10 دج جزائري فتجد رواجا في تونس بأقل من 1 دينار تونسي، وكذلك بالنسبة للعصائر والمشروبات الغازية التي تنتج في الجزائر بكميات هائلة ونوعيات مختلفة، هذه العصائر فتحت الشهية للتونسيين ليقوموا بتحويلها إلى تونس وتسويقها بأسعار أقل من العصائر والمشروبات التونسية. ولذلك يقول المختصون بأن فتح الحدود ستكون مفيدة أكثر بالنسبة للتونسيين الذي سيستفيدون من فارق العملة، وعلى الجزائريين استغلال الوضع للترويج للمنتج المحلي ودفعه لانتزاع مكانة في مقتنيات التونسيين.

“برشة” و”ما يسالش” في شوارع العلمة
“برشة” و”مايسالش” وغيرها من الكلمات التونسية ستدوي من جديد في شوارع مدينة العلمة، وستسترجعها الآذان التي اعتادت عليها في السابق. وبعيدا عن التجارة هناك علاقة حميمية نشأت بين الشعبين، فمثلما يحظى السياح الجزائريون باستقبال حسن في تونس كذلك هو الوضع في الجزائر وفي مدينة العلمة، التي تستعد لاسترجاع ذلك التفاعل الأخوي بين الجزائريين والتونسيين، وكذلك التونسيات اللواتي سيسجلن حضورهن بقوة في المحلات والفنادق وفي شوارع المدينة وهن يحملن البضائع بحيوية كبيرة فرضتها شخصية المرأة التونسية، التي أضحى وجودها من أجل التسوق مألوفا وسط تجار دبي بالعلمة.
ونحن متواجدون بأحد الفنادق بمدينة العلمة، تصادفنا مع اتصال مباشر عبر المسينجر بين صاحب الفندق والسيدة سلمى وهي تاجرة تونسية تستعد للمجيء إلى العلمة لاستئناف نشاطها الضائع، فسألناها عن قرار العودة فقالت: “الحمد لله لقد سعدنا كثيرا بفتح الحدود البرية وهو القرار الذي سيتيح لنا فرصة العودة إلى الجزائر لاستئناف نشاطنا التجاري، خاصة في مدينة العلمة التي وجدنا فيها ضالتنا، فكل شيء متوفر وبأسعار معقولة، كما أن تجار العلمة يعاملوننا معاملة حسنة سمحت لنا بخلق علاقات تجارية وأخوية في نفس الوقت، وقد تطور هذا التعامل مع تجار العلمة وخلق بين الطرفين روابط متينة أصبح فيها القرض والتقسيط من التعاملات اليومية. وهناك من يأخذ البضاعة ولا يدفع لصاحبها حتى يبيع ويعود في الرحلة المقبلة وهو العامل الذي عزز الروابط التجارية بين التوانسة والجزائريين وقد أعجبنا الوضع برشة برشة، ونأمل أن يعود بنفس الحميمية”.

الفنادق تنفض الغبار
العودة تعني أيضا أصحاب الفنادق الذين نفضوا الغبار الذي غطى الغرف المغلقة منذ أكثر من سنتين، وقد آن الأوان لفتحها للتونسيين المتسوقين الذين سينعشون دون شك هذا القطاع مثلما كان عليه الحال في السنوات الماضية. فحسب السيد كمال عامر صاحب فندق بمدينة العلمة، فإن للتونسيين أثر كبير على انتعاش الحركة الفندقية والسياحية بالمنطقة، وقد خلق هذا التوافد علاقة حميمية بين الطرفين تطورت إلى أجواء عائلية بين التونسيين والجزائريين، حيث يجد التونسيون كل الظروف الملائمة لحسن الإقامة مع معاملة حسنة زادت في تعلق التونسيين بالمدن الجزائرية وأهاليها. ويضيف السيد كمال عامر أن هذا النشاط زاد في حيوية الفنادق التي تطورت خدماتها التي أصبحت تصب في رغبات التونسيين والتونسيات، فتخصص لهم الفنادق أماكن آمنة لحفظ سلعهم وتتساهل معهم في نشاطهم التجاري وما يترتب عنه من تحركات يومية، وحتى فيما يتعلق بالوجبات داخل المطاعم فقد تفاعلت هذه الأخيرة مع ذوق التونسيين الذين اكتشفوا الأطباق التقليدية الجزائرية كالشخشوخة وغيرها من الأطباق الشهية.
ولمواكبة التطور والانتعاش في الحركة السياحية، ظهرت بمدينة العلمة وما جاورها مشاريع جديدة للفنادق التي بدأت تنبت كالفطريات ومنها التي دخلت حديثا حيز الخدمة، وأخرى لازالت ورشات من شأنها أن تزيد في حيوية هذا النشاط. قرار فتح الدود البرية بين الجزائر وتونس هو بالنسبة للتجار فتح مبين وعودة لحيوية فُقدت منذ سنتين أو يزيد، ومن شأنها أن تعيد الحياة من جديد للحركية التجارية في الجزائر، وتعم الفائدة كلا الشعبين بعدما كانت مقتصرة على تونس التي استفادت من إقبال السياح الجزائريين إلى غاية مجيء حي دبي بالعلمة الذي وازن الكفة وأضحى أهم قبلة يقصدها التونسيون. فبعد استراحة محارب للكورونا هي العودة اليوم من أجل تجارة جزائرية أفضل بمساهمة تونسية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!