الجزائر
ينسجم وتطلعات الملايين من "الحراكيين"

تجريم الاستعمار.. أولى الأجندات السياسية في البرلمان

محمد مسلم
  • 3925
  • 18
ح.م

من بين الملفات المسكوت عنها، والمرشحة للعودة بقوة إلى الواجهة، ملف تجريم الاستعمار، الذي بقي حبيس أدراج المجلس الشعبي الوطني منذ نحو 12 سنة، عندما كان عبد العزيز زياري، رئيسا للغرفة السفلى للبرلمان.

ومنذ تزكية سليمان شنين خليفة لمعاذ بوشارب من قبل غالبية النواب، تحاول حركة البناء الاستثمار بكل ما أوتيت من قوة في وصول أحد إطاراتها، إلى هذا المنصب، ويجسد هذا الاعتقاد، تصريح رئيس الحركة، عبد القادر بن قرينة، الذي طالب فيه برفع الحجر عن مشروع قانون تجريم الاستعمار.

بن قرينة الذي يرأس الحزب الذي ينتمي إليه رئيس المجلس الشعبي الوطني الجديد، استغل هذا المعطى الجديد، ليؤكد بأن ملف تجريم الاستعمار، سيكون على رأس أولويات المجلس في المرحلة المقبلة، في توجه يتناغم والتوجهات العامة للسلطات الجزائرية في الوقت الراهن.

ومعلوم أن مقترح مشروع قانون تجريم الاستعمار، تبلور بشكل واضح في عام 2005، وقد جاء في شكل رد على تبني البرلمان الفرنسي لمشروع قانون يمجد الممارسات الوحشية للاستعمار الفرنسي، وهو المعروف بقانون 23 فبراير 2005.

يومها حاول نواب الشعب، الرد على هذا المشروع بلائحة وقع عليها العشرات من النواب بمن فيهم نواب حزب جبهة التحرير الوطني، بمباركة من رئيس المجلس حينها، عمار سعداني، غير أن القرار نزل حاسما من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، موبخا سعداني، لخوضه في هذا الملف، الذي يعتبر من صميم صلاحيات الرئيس الدستورية، على حد ما تسرب من معلومات في حينها.

ومن بين التسريبات التي وصلت إلى النواب الموقعين على تلك اللائحة، والتي لم ترق إلى مستوى القانون الذي صادق عليه البرلمان الفرنسي، أن تلك اللائحة من شأنها أن تضر بالعلاقات الجزائرية الفرنسية، التي كانت ترقيتها من أولى أوليات الرئيس السابق، بحجة أنها علاقات تاريخية وإستراتيجية.

وعلى الرغم من إفشال مبادرة 2005 بقرار فوقي، إلا أن مساعي تجريم ممارسات الاستعمار الفرنسي في الجزائر لم تتوقف، بحيث بادر في عام 2007 كل من النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني، موسى عبدي رفقة النائب عن حركة النهضة، محمد حديبي، بمقترح مشروع قانون تجريم الاستعمار، وتم احتضان هذا المشروع بقوة من قبل غالبية النواب، إلا أن رئيس المجلس حينها، عبد العزيز زياري، وقف مرة أخرى في وجه المشروع، وتم وأده بقرار سياسي بقي من دون تبريرات مقنعة.

واليوم يعود هذا المشروع إلى الواجهة، لكن في ظرف أكثر من مناسب، فالسلطات الراهنة لا تكن الكثير من الود لفرنسا، كما كان الحال في عهد الرئيس السابق، بل إن باريس تحولت إلى هدف بسبب اتهامات بالتآمر مع ما بات يعرف بـ”العصابة” التي سجن الكثير من رموزها، على استقرار البلاد، وإن لم تسم بالاسم، كما جاء على لسان نائب وزير الدفاع، قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح، في أكثر من خطاب.

السلطة وفي خضم “الحراك الشعبي” الذي لا يزال مستمرا، لم تتوقف عن التناغم مع تطلعات الجزائريين، وكما هو معلوم، فالملايين من الجزائريين الذين خرجوا إلى الشارع منذ 22 فبراير المنصرم، رفعوا مطالب من بينها الدعوة إلى تحجيم النفوذ الفرنسي المتزايد في البلاد من دون مقابل مقنع وإرساء علاقات ندية ومتكافئة، وهو ما يعني أن مشروع قانون تجريم الاستعمار المعطل، يعتبر ورقة جد رابحة بيد السلطة من شأنها أن تمتن من جسور تواصلها مع “الحراك”، إذا توفرت لديها الإرادة السياسية، وهذا لا يمكن أن يتجسد إلا من خلال نفض الغبار عن هذا الملف الذي علق في غبار أدراج مبنى زيغود يوسف، منذ سنين.

مقالات ذات صلة